وأنت قادم من مدينة وجدة ومباشرة بعد أن تغادر تراب جماعة عبو لكحل قاصدا الدخول إلى مدينة فكيك أو فجيج التي تعد من أقدم المدن شبه الصحراوية المتواجدة بالمنطقة الشرقية، توقفك دورية للمراقبة لتحديد هُوية زائري المدينة، التي تعتبر جغرافيا أقرب واحة كبرى لأوروبا، وتتميز بمؤهلات سياحية حقيقية وجذابة بطبيعتها الساحرة وبحيراتها ونخيلها السخي الآسر، وشمسها الوهاجة ودروبها الطينية الضيقة المعتمة، وهي تتكون من حقول أشجار النخيل، تتوسطها عيون وينابيع، إضافة إلى كونها تزخر بكنز معماري غني يتجلى في مجموعة من القصور القديمة. تقع مدينة فكيك في الجنوب الشرقي للمغرب، على بعد 384 كلم تقريبا عن مدينة وجدة، في اتجاه الجنوب على مشارف الحدود المغربية الجزائرية، وعلى بعد أقل من 8 كلم عن مدينة بني ونيف الجزائرية، وكانت معبرا للقوافل التجارية في القرون الماضية، وخضعت في القرن السادس الهجري لسلطة الدولة الموحدية تحت حكم يعقوب المنصورالموحدي، حسب دفاتر الجهوية بالمغرب، جهة الشرق لمديرها محمد عبد الرحمان برادة، وهي تتوفر على 13 جماعة، بلديتان و11 قروية، حسب التقسيم الإداري للجهة. وبسبب تصميم التهيئة رقم2014/PA//AUO03 الخاص بجماعة فجيج، احتجت الساكنة، مطالبة بتغييره وأخذ اقتراحات ملاك الأراضي ووكلاء الأراضي السلالية، الذين سيتضررون من هذا المشروع، وكذا سائر المواطنين، سواء المقيمين بفجيج أو خارجها، بالإضافة إلى مواقف وآراء فروع الأحزاب السياسية المحلية والإقليمية، وتنسيقيات الجمعيات المحلية. وقد تم رفض مشروع التهيئة من طرف الساكنة لما يتوفر عليه الإقليم من مجال طبيعي وحيوي هو المتنفس الوحيد للمنطقة. هذا وتعتبر فكيك من بين المدن التي تراجع سكانها، حسب الإحصاء العام للسكان والسكنى، ففي سنة 1994 بلغ عدد السكان حسب الإحصائيات الرسمية 14231، لكن هذا الرقم تراجع ليصل سنة 2004 إلى 12577. تعد فكيك مدينة وواحة مغربية توجد بالمنطقة الشرقية الشبه صحراوية وتتميز بمناخها الجاف والحار، وتضم أحد أهم المراكز الحدودية وأكثرها حساسية مع الجارة الجزائر، وقد بدأت الحياة بفكيك، بجميع مميزاتها البشرية والحيوانية والنباتية، منذ العصر القديم وقبل التاريخ، وتتكون واحتها من عدد ضخم من النخيل تتوسطها مجموعة من القصور التي يبلغ عددها سبعة، كما تحيط بالمدينة مجموعة من الجبال التي لعبت دورا هاما في استمرار الحياة وحماية الواحة من التصحر بالإضافة إلى بعض الأنهار، منها الجافة و البعض الآخر يمتلئ بالماء موسميا عند سقوط الأمطار بالمنطقة أو بالجانب الشرقي لسلسلة جبال الأطلس الكبير. وبخصوص تشييد البنايات فلهذه المدينة طابع خاص بها يغلب عليه البناء القصري أو القصوري (نسبة الى قصر)، وهو الطابع الذي لم يعد متداولا وقليلة هي المدن التي تحتويه، حيث يعتمد بناء المنازل بالمنطقة على استعمال النخيل والطين منذ القِدم، إلا أن أهل فكيك بدؤوا حاليا باستعمال المواد الجديدة للبناء. ولتميُّز واحتها وقصورها وطابع بنائها، سُجلت ضمن لائحة التراث الثقافي الوطني والعالمي، وهي واحة أمازيغية، سكانها يتكلمون اللغة الأمازيغية، وتعد الأرض أو بستان النخيل أو «ايران أو تمورت» باللهجة الأمازيغية الفيكيكة موردا هاما لأهل الواحة، كما يعتبر النخل أو النخيل أهم الأشجار بها وأكثرها تواجدا. أما عن الطريقة المتبعة في الزراعة بإقليم فكيك فعادة ما يتم غرس أشجار النخيل بجوانب البساتين التي تزرع في وسطها بعض الخضر والنباتات، و من بين الأشجار الأخرى المتواجدة بشكل له أهميته، شجر الزيتون والرمان، كما توجد بعض النباتات الخاصة بالمنطقة والتي تستهلك بكثرة، من بينها نبتة «لكرورب أو الكرورب» والتي تستعمل عادة مع أكلة الكسكس. وكانت فعاليات المجتمع المدني الفجيجية بوجدة، قد أعلنت عن رفضها التام لمشروع تصميم التهيئة رقم2014/PA//AUO03 الخاص بجماعة فجيج، مطالبة بتغييره تغييرا جوهريا يأخذ بعين الاعتبار التعرضات، الملاحظات، الآراء، التعديلات والاقتراحات المقدمة من قبل المجلس الجماعي للمدينة، ملاك الأراضي ووكلاء الأراضي السلالية، الذين سيتضررون من هذا المشروع، وكذا سائر المواطنين، سواء المقيمين بفجيج أو خارجه، بالإضافة إلى مواقف وآراء فروع الأحزاب السياسية المحلية والإقليمية، وتنسيقيات الجمعيات المحلية وغير المحلية. وأوضحت فعاليات الإقليم أن المصادقة على مشروع التهيئة المذكور ستشكل إجهازا آخر على ما تبقى لمدينة فكيك وسكانها من مجال حيوي، بعدما سلب منها الاستعمار الفرنسي الجزء الأعظم منه، الذي كان يشكل مصدر عيش الساكنة (حوالي خمسة أسداس-5/6- الملك الزراعي وواحات النخيل الخاص بهم)، والذي أصبح الآن تحت النفوذ الجزائري بسبب اتفاقية الحدود بين المغرب والجزائر لسنة 1972 (المنشورة في الجريدة الرسمية للمغرب بتاريخ 24/06/ 1992)». وأشارت الفعاليات المدنية الفكيكية إلى أن ما سمي في مشروع تصميم التهيئة المذكور بالمناطق الصخرية، هو في الأصل واحات وبساتين قائمة منذ قرون وضيعات وحقول جديدة واستثمارات حالية أو مشاريع استثمار ومناطق لإقامة مشاريع سياحية وفلاحية، وكلها أراض في ملك الخواص، وبالتالي سيتسبب في محاصرة السكان ومصادرة ما ورثوه عن آبائهم وأجدادهم من أراض وأملاك، وهذا سيؤدي،لا محالة، إلى تجويعهم وإفقارهم وإلى تهجيرهم قسرا عن بلدهم الأصلي ومنشأ أجدادهم. كما استنكرت ما وصف بالمحاولات المستمرة للتقليص التعسفي للمجال الحيوي لمدينة فكيك بسبب غموض التقسيم الإداري الذي يريد أن يجعل من نفوذ جماعة عبو لكحل ممتدا إلى مدينة فكيك، خانقا بذلك المتنفس الوحيد والمتبقي للمدينة. ومن جهة أخرى، طالب بيان الفعاليات المدنية الفكيكية بإدخال تعديلات دقيقة ومحددة على المرسوم رقم 46-12-2 الصادر في 29 ماي2012 (والمنشور بالجريدة الرسمية رقم6056، بتاريخ 14يونيو 2012) المتعلق بإدراج مدينة فكيك كتراث وطني، وذلك بجعل شروطه ومقتضياته تقتصر على الأماكن الأثرية الموجودة داخل القصور، وعلى المآثر القديمة بالمدينة . وصرح عبد العزيز بنعيسى أحد الفاعلين الفكيكيين لجريدة «الاتحاد الاشتراكي» بأن مشروع تصميم التهيئة المتعلق بمدينة فكيك ينبغي أن يكون تصميما مساعدا على تنمية المدينة ومحيطها لا أن يزيد من اختناق المجال الحيوي المتبقي للسكان، مؤكدا أنه في حال فرض على السكان ستنتزع منهم المناطق العسكرية ما يزيد عن 610 هكتارات من الأراضي الخصبة والصالحة لغرس النخيل بالخصوص. وذكر بنعيسى، بصفته واحدا من المتضررين من هذا المشروع، بأن المدينة ستطوق من أكثر من ثلاث جهات. وعن إدراج مدينة فكيك ضمن التراث الوطني، ذكر عبد العزيز بنعيسى بأن هذا القرار تتخلله ثغرات تتعلق بتطبيق مقتضيات مرسوم هذا الإدراج، بحيث شمل مناطق ليست تراثا، بل هي منشآت ومبان عصرية بنيت بالإسمنت والحديد، مؤكدا على ضرورة تصحيح الوضع ومراجعة المناطق التي يطبق عليها هذا المرسوم الآن وجعله يقتصر على المآثر التاريخية وعلى البناء التقليدي داخل القصور، بالإضافة إلى مراجعة مسطرة المراقبة ومسطرة الترخيص لتسهيل البناء أو الترميم في هذه المناطق على السكان . هذا، وشهدت مدينة فجيج احتجاجات عديدة رافضة لتصميم التهيئة الجديد لكونه، حسب المحتجين، يلحق أضرارا بالغة بالساكنة وممتلكاتها، مطالبين بسحب هذا المشروع وإعادة النظر في مجمل تركيبته ومقتضياته . نشير إلى أن فكيك هي مدينة وواحة ومن أقدم المدن المتواجدة بالمنطقة الشرقية، الشبه صحراوية، فهي عبارة عن واحة كبيرة تتكون من عدد ضخم من النخيل تتوسطها مجموعة من القصور، هذه الأخيرة تنقسم إلى سبعة، ستة منها تكون تجمعا سكانيا واحدا لا يفرق بينها إلا بعض البنايات وفي بعض الأماكن بعض الأسوار والتي تلاشت حاليا، وقد كانت لها أهميتها في ما قبل، هذه القصور هي كما يلي : – قصر المعيز – قصر لوداغير ( آيت عدي) – قصر أولاد سليمان – قصر الحمام الفوقاني ( آيت عامر) – قصر الحمام التحتاني ( آيت وداي ) – قصر العبيدات ( آيت النج ) – والقصر الوحيد الذي ينفرد عن المجموعة السابقة هو قصر زناقة (زناكة) وبالأمازيغية «إزناين».