-يا للعار …يا للعار !! هكذا صرخت قصة أمس التي لم تكتمل بعد و التي كانت شخصياتها مشتتة و أحداثها معلقة بين الورقة و خياله ، عندما ضبطته بين أحضان قصة جديدة . كانا -كما أفادت في ما بعد -مجردين تماما و في لحظة التحام عنيف على الورق .و كان يمكن للقضية أن تمر بسلام ككل مرة يفضح فيها أمام كائن من صنعه ، كان يكفي أن يقلب الصفحة أو يمزق الأوراق لينهي كل شيء . و لكن أمام هذه القصة بالذات وقف مترددا ، لأن علاقته معها شبه شرعية . فهي و إن كانت من بنات أفكاره فقد كانت تحكي قصة تمرد و انفلات زمام يشبه أشياء حقيقية -جدا- في حياته التي يتمنى . -وما العيب في كل هذا ؟ ألفنا منه ذلك ، هكذا ردت بعض صويحباتها عندما هرعت تحكي لهن الخبر. -كيف لكن هذا الهوان ؟ ولولت و هي تضرب كفا بكف . -و ما الحيلة هو كاتب و كل الكتاب يخونون مع أول فكرة .. … -و ليته فعلها مع قصة حقيقية ، كيف يبدلني بتلك النحيلة القزمة تلك الققجة.. كيف ؟ -كل القصص تتشابه ، كلهن بنات حرف لا يضيرهن أن يفتحن أنفسهن لكل صاحب قلم، ليتك تفهمين هذا .هكذا حسمن النقاش أو ظنن أنهن فعلن ، و لكن المخلوقة من حروف و كلمات لم تبتلع ما اعتبرته إهانة لها و لجنسها ، بل زادت تعاليقهن تلك من غضبها ، فانطلقت في إصرار تحكي ما اعتبرته فضيحة للجميع داخل و خارج النص بالإضافةو الحذف و الاسهاب و الاختصار لكل الأشياء التي كانت تمر بها على المنضدة الخشبية حيث تقبع على الورق . تطورت الأمور تحت مرأى و مسمع منه و مع ذلك ظل ساكنا يراقبها و هي تهاجمساخطة لاعنة . ظل لأيام يدخل إلى الغرفة ، يتأملها للحظات تطول أو تقصر ثم يخرج. -إنه يتعمد استفزازي .. إنه يقصد ذلك .. سأريه إذن ، هكذا أجمعت نيتها . عندما اطمأنت إلى أن باب الغرفة أغلق عمدت إلى كل التفاصيل التي كان يضيفها بين الفينة و الأخرى و جعلت تبعثرها بعصبية ، تلطخت بالمداد و اختفت بياضاتهاجميعها . في المساء الذي تلا هذه الواقعة جاء كعادته إلى المنضدة .تناول الأوراق و ألقى عليها نظرة عميقة و كأنه يرى ما فعلت بنفسها أو ما توهمت أنها فعلت .كانت آثار غضبتها واضحة في الكثير من الأماكن على جسدها الفتي ، و كانت ترتعد و هي تلتقط آخر أنفاسها قبل أن تخمد نار حقدها التي ظلت مستعرة مند أيام . مد أصابعه باحترافية و برود و طفق يخنق آخر أنفاسها ، تابعها و هي تتلوى حتى همدت ثم دس جثثهامع أوراق أخرى و دون على الملف عنوانا بارز الحروف «فضيحة» و خرج.