ينتظر المتتبعون والمهتمون بالشأن الجماعي وكذا الرأي العام المحلي بإقليم بنسليمان، بشغف كبير ما ستسفر عنه نتائج أشغال الدوارات العادية المقبلة ببعض الجماعات الترابية المزمع عقدها خلال شهر أكتوبر المقبل، وذلك بعد تواصل مسلسل تقديم ملتمس المطالبة باستقالة الرؤساء من تسيير تلك الجماعات، بعد انصرام ثلاث سنوات على الولاية الجماعية، وهي المدة المطلوبة التي حددها القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات الترابية، حيث طال هذا الإجراء التنظيمي ثلاث جماعات قروية فقيرة بالإقليم، بينها اثنتان متجاورتان وهي جماعة الردادنة اولاد مالك وجماعة اولاد علي الطوالع ( تترأسها أصغر رئيسة جماعة في المغرب)، تنتميان إلى قبائل لمذاكرة، بالإضافة إلى جماعة بئر النصر التي تتواجد بمنطقة ازعي، حيث تقدم في هذا الإطار ثلثا أعضاء كل جماعة من الجماعات المذكورة بملتمس المطالبة باستقالة رؤساء هذه الجماعات، قصد إدراجه في الدورة القادمة لشهر أكتوبر من أجل البت فيه، واستند المعنيون في تقديم الملتمسات إلى المادة 70 من القانون التنظيمي المذكور التي تنص على :« بعد انصرام أجل ثلاث سنوات من مدة انتداب المجلس يجوز لثلثي الأعضاء المزاولين مهامهم تقديم ملتمس مطالبة الرئيس بتقديم استقالته، ولا يمكن تقديم هذا الملتمس إلا مرة واحدة خلال مدة انتداب المجلس. يدرج هذا الملتمس وجوبا في جدول أعمال الدورة العادية الأولى من السنة الرابعة التي يعقدها المجلس…». الجماعات المشار إليها والمعنية بعزل الرؤساء فقيرة تعاني من التهميش والفقر ولا تتوفر على الإمكانيات المادية الكافية والمطلوبة للنهوض بأوضاعها وتحقيق التنمية المنشودة. فمداخيلها جد محدودة، وغالبية سكانها يمارسون الفلاحة وتربية المواشي التي تعتبر مصدر العيش الرئيسي لهم، بالإضافة إلى مزاولة التجارة بالأسواق الأسبوعية. فإذا كانت جماعتا بئر النصر واولاد علي الطوالع قد عرفتا خلال السنة الأخيرة من الولاية الجماعية الأولى تطورا في الصراع بين الأعضاء ورئيسي هاتين الجماعتين حول التدبير الجماعي انتهى بتقديم ملتمس المطالبة بتقديم الاستقالة لرئيس الجماعة الأولى ورئيسة الجماعة الثانية، فإن جماعة الردادنة اولاد مالك لم تكن الأوضاع فيها توحي بأن الأمور ستتطور إلى درجة تقديم ملتمس المطالبة باستقالة الرئيس إلا خلال الصيف الماضي ، حيث تكتل أكثر من ثلثي أعضاء الجماعة (12 عضوا من أصل 15) وطالبوا في رسالة موقعة وموجهة إلى رئيس الجماعة، بتفعيل المادة 70 من القانون التنظيمي للجماعات الترابية وإدراج ملتمس الاستقالة في جدول أعمال دورة أكتوبر المقبل، الشيء الذي دفع بالبعض إلى التعليق على ذلك بأن «هذه الأخيرة (الجماعة) كانت تعيش على بركان خامد سرعان ما انفجر في وجه الجميع»؟ لكن الغريب في الأمر والذي لم يجد له المتتبعون للشأن المحلي تفسيرا ، هو أن « الانتفاضة» ضد الرؤساء لم تشمل بعض الجماعات الترابية الأخرى المتواجدة بالإقليم والتي عرفت تطاحنات وصراعات قوية بين الأعضاء والرئيس خلال السنوات الثلاث الأخيرة، أصبحت في بعضها المعارضة تتوفر على الأغلبية، ونسوق كمثال على ذلك ما وقع بجماعة عين تيزغة التي انقلبت فيها الكفة وأصبحت فيها المعارضة هي التي تفرض شروطها في تدبير الجماعة بعد أن «حققت» أغلبية مطلقة والتي غالبا ما كانت تنتهي بصراعات قوية أدت إلى عرقلة التسيير، كان يضطر معها عامل الإقليم السابق إلى التدخل لإرجاع الأمور إلى نصابها، حيث كان المواطن السليماني ينتظر أن جماعة عين تيزغة كانت هي الأقرب إلى مطالبة الرئيس بالاستقالة، لكون شروط وظروف «الانتفاضة» كانت مواتية، وهو ما دفع بالبعض إلى طرح تساؤلات حول عدم إقدام المعارضة على تفعيل المادة 70 من القانون التنظيمي للجماعات الترابية؟ نفس الشيء يمكن أن يقال عن بلدية بوزنيقة التي حلت بها لجان التفتيش ووقفت على خروقات في التسيير، وأحيل ملفها على القضاء حيث أدين رئيسها بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء بأربع سنوات موقوفة التنفيذ، وعرفت خلالها الجماعة بعض المناوشات والصراعات لكنها لم تنته بتقديم ملتمس المطالبة باستقالة الرئيس. وتبقى الأيام القادمة وكذا دورة أكتوبر المقبلة هي التي ستكشف تطورات تغيير الرؤساء بالجماعات المعنية لكون الفقرة الثانية من المادة المذكورة تنص على إجراءات أخرى تفرض على الأعضاء المحتجين اللجوء إليها في حالة رفض الرئيس لتقديم استقالته بما فيها إحالة القضية على المحكمة الإدارية صاحبة الاختصاص في عزل الرئيس.