نشرت المندوبية السامية للتخطيط، تقريراً حول الحسابات الجهوية، لسنة 2016، تضمن معطيات حول النمو الاقتصادي حسب الجهات، أكد مسلّمة المغرب النافع والمغرب غير النافع، التي ارتكز عليها الاستعمار في علاقته بالفضاء المغربي، والتي تواصلت خلال الاستقلال، رغم كل محاولات الدولة، التي تمت، منذ ثمانينيات القرن الماضي، لطرح موضوع الجهوية، كرافعة للنمو والتقدم، من أجل تجاوز الفوارق المجالية. وجاء في التقرير أن جهة الدارالبيضاء- سطات ساهمت بما يعادل 34,1% من نسبة نمو الاقتصاد الوطني، إذ بلغت حصتها في نمو الناتج الداخلي الإجمالي الوطني 0,4 نقطة. كما ساهمت جهتا طنجة-تطوان-الحسيمة و الرباط-سلا-القنيطرة بنسبة 37,3% من نمو الناتج الداخلي الإجمالي بالحجم أي ما يعادل 0,5 نقطة من النمو بحصة 0,3 و0,2 نقطة على التوالي. في حين بلغت مساهمة الجهات التسع المتبقية 28,6 % من نسبة النمو الذي سجله الاقتصاد الوطني سنة 2016 أي ما يعادل 0,2 نقطة. مما يعني أنها ما زالت تمثل المغرب غير النافع، رغم كل الثروات التي تتوفر عليها، والطاقات البشرية التي تزخر بها، وتاريخها المتميز في بناء الحضارة المغربية، على كل المستويات. ومن الواضح أن هذا التقرير يكشف عن معطيات أصبحت ثابتة، تفسر التفاوتات المجالية، التي تشكل الجزء الأكبر من خريطة الفوارق الاجتماعية في المغرب، والتي تجعل من مناطق شاسعة، عبارة عن فضاءات مهمشة، في الوقت الذي كان ممكناً أن تساهم بدورها، بنسب أكبر، في نمو الاقتصاد المغربي. هناك عدة أسباب لاستمرار هذا الوضع، حيث تتحمل الدولة المسؤولية الرئيسية في استمرار هذه التفاوتات، نظرا لتشبثها بنموذج الدولة المركزية، التي تحتكر كل الصلاحيات الإدارية والقطاعية الوطنية. كما أن الجماعات المنتخبة، مازالت عاجزة، في أغلبيتها الساحقة، ومنها المجالس الجهوية، عن تغيير مُسلّمة المغرب النافع، وغير النافع، في الوقت الذي يمكن فيه النظر إلى تجارب أخرى، لاستلهام النموذج الذي تم اتباعه من أجل خلق أقطاب جهوية وإقليمية، صناعية وفلاحية وسياحية وخدماتية، انطلاقا من المؤهلات المادية والبشرية والحضارية لهذه المناطق.