كأنه الماء حين يصفو من كل درن، فينساب مترقرقا، يبعث في الأذن طهرا عجيبا، وينفث في الروح حبورا مديدا، هكذا هو صوت إسماعيل احمد، والذي بدأ عازفا على الكمان داخل المغرب وفي بعض البلدان العربية مثل سوريا، قبل أن يتخصص في الغناء فيعده الدارسون أول مطرب مغربي مستقل عن الملحن (جرت العادة قبله أن الملحن هو من كان يغني)، لقد تميز صوته بعدة مواصفات، ففيه صفاء تخالطه نعومة جلية تنتشلك من لحظات الغضب والقلق، وتجلو عن نفسك آثار الكدر والهم، صوت يبدلك تبديلا، يبعثك من جديد، فكأن الأيام كلها صباح أفقت فيه بعد لذيذ الكرى، أفقت على غريد يصدح لأجلك، يصدح بالصبابة والغرام كما لو أنه عاشق متيم، وعلى لسانه لغة الهوى الحارق: سولت عليك العود والناي وانغامو ***** سولت عليك الند والزهر وانسامو. أو ينشد متألما: ذاك الحبيب الغالي ***** بعيونو راه اكواني. أو ينادي في حسرة: عاودي الماضي تعالي تعالي هات حبي لك هات. أو يترنم مشتاقا: حبيبي لما عاد باح لي بغرامو ***** والشوق في قلبي زاد حبو وهيامو. وتحار في أمره كيف يتحول إلى قانت هام فؤاده وجدا بخالق الكون وبأشرف الخلق أجمعين: أمحمد صاحب الشفاعة والنور الهادي ***** أمحمد بيك كنشهد من بعد الله. وكم صال وجال في وطنيات عديدة توثق أحداثا وتحكي أمجادا. هذا الصوت الأخاذ صنع مع عبد القادر الراشدي ملحمة رائعة من التعاون عاطفيا ووطنيا ودينيا (طولت الغيبة – الغيرة – يا مراكش …)، ويعد هذا التعاون الأغزر وطنيا بين مطرب وملحن (أكثر من 40 قطعة) وما هذه الملحمة إلا جزء يسير من سجل فني حافل، ينافس فيه عبد الوهاب الدكالي كما، ويجاري فيه عبد الهادي بلخياط من حيث تعدد تجارب الملحنين في مشواره الفني، ولكن اللافت هو عدم انتشار هذا الصوت عربيا