اختلفت الرؤى والمناهج والاتجاهات التي تعاملت مع خصوصية علاقة المرأة بالإبداع في المجتمع العربي، نظرا لتفاوتها تفاوتا مائزا ونوعيا يعود إلى المؤثرات الطبيعية والفكرية والاجتماعية والثقافية التي تؤثر في خصوصية الإبداع النسائي لاعتبار المرأة فاعلة في إنتاج الإبداع وليست مادة تصاغ في عملية الإنتاج الإبداعي، حيث أن المرأة تنتج السلوكيات والقيم والعادات والتقاليد المشتملة على الوشائج الشعورية والفكرية و العقائدية والأخلاقية والتي تنظم الأنساق والعوائق الاجتماعية في المجال الجغرافي الذي تُمارَسُ فيه شخصية ثقافة المجتمع الخاضعة لسيادة علاقة الذكورة بالأنوثة في الإبداع، وفق الاتجاهات الفكرية المحافظة والرومانسية والحداثة وما بعد الحداثة والوسطية والعولمة، وتبعا لصياغة رؤيا ذاتية جمالية فنية عوض التعبير عنها بالوصاية. تصور إبداع المرأة في ظل مفاهيم جديدة: يندرج إبداع المرأة ضمن أشكال وأنواع مختلفة باختلاف المادة التي تصورها وأشكالها، فهي إما أن تكون حرفية يدوية زخرفية خزفية أو سمعية قائمة على الموسيقى، وإما ذهنية تقوم على الألوان أو الكلمات التي انبثق منها الفن التشكيلي والكتابة التي استعملت اللغة الإبداعية واللغة الوصفية. وسيتم الارتكاز على كتابة المرأة لاعتبارها رؤية منفتحة على الإنسانية والكون، وأداة تواصلية لإبلاغ الرسائل والخطابات التي تستوعبها وتستقطبها الأجناس الثقافية والأدبية المتعددة والمتنوعة والمختلفة المشارب والطرق والموسوعات والصياغات. غير أن القاسم المشترك بينها يتمظهر في الإبداع، وإن اختلفت الرؤى والمناهج والآفاق والمجالات، فالإبداع هو الجامع الموحد لكتابة المرأة العربية. فكل كتابة للمرأة العربية تساهم في تطوير المجتمع والثقافة، فهي تدل على رؤيا كلية شاملة من أهداف وغايات منبثقة من اتجاهات فكرية محافظة كلاسيكية أو رومانسية أو حداثية، أو ما بعد الحداثة التي تمكن من تحقيق عملية التنمية. ومجال تطور المجتمع له صلة وصل تفاعلية مع المرأة لصناعة التجديد والتغيير لكونها تعتبر عنصرا استراتيجيا في المجتمع،لأن الرجل وحده لا يستطيع بناء مجتمع حداثي بمعزل عن المرأة. لذلك فلا يمكن إتمام عملية التطور إلا في إطار مساواة الجنسين وتحقيق العدالة الاجتماعية والديموقراطية عبر التفاؤل والتشاؤم والتداول والاندماج في خريطة الطريق التطويرية للمجتمع، الذي هو عبارة عن كثب من الناس وحّدهم تاريخ مشترك وثقافة تحدد هويتهم وانتماءهم. فالمجتمع يتشكل في أنساق وسلوكيات وقيم وأخلاق تتجلى في أنماط فكرية وتنظيم صياغي ومؤسسات معرفية تواصلية تتحكم في الفعل الاجتماعي لتحقيق سد حاجات الأفراد بيولوجيا وثقافيا في رقعة جغرافية كامنة في المجال العربي، والذي يقوم على أسس ثقافية واجتماعية ودينية وإثنية متميزا عن غيره من المجتمعات بنظامه وشكله وخصوصيته الوسطية التي تستدعي التعاون مع كل الاستراتيجيات المتناقضة، وتتحد فيه حقوق الإنسان بزوجيه الرجل والمرأة. إن تطور كتابة المرأة يظهر من خلال تجريدها عن سياقها العام الكامن في الأنساق الثقافية والتاريخية المرتبطة بالإدراك الزماني والمكاني لتمكين فهم تجربة الكتابة، لأن عملية التجريد هذه تتم عبر تخلص المفهوم من خصوصيته الزمانية والمكانية وإعطائه سمة إنسانية عامة تتجاوز التجربة الخاصة للأفراد والجماعات التي تشكل تجربتهم القاعدة التي ينطلق منها المفكر أو الباحث في عملية التحديد. أي أن التجريد يتم دائما من حالة مشخصة عبر عملية الاستقراء لتحديد العناصر الكلية المشتركة في التجربة أو الخبرة المرصودة. وهنا تكمن المفارقة. فعملية التجريد الهادفة التي تحدد المفهوم الكلي الذي يتجاوز الخصوصيات الزمانية والمكانية، تنطلق دائما من تجربة محدودة في الزمان والمكان، وتعتمد أفرادا وجماعات لا تتطابق أحوالها وظروفها تطابقا كاملا مع ظروف وأحوال المجتمع.ولا نماري في أن كتابة المرأة في كل المجتمعات العربية أصبحت محور الدراسات والأبحاث على نحو متزايد لاعتبارها النواة المركزية للاستراتيجيات الفكرية والتموجات الانفعالية والعاطفية. وفي السنوات الأخيرة أصبح يطلق على كتابة المرأة عدة مسميات وشعارات من ضمنها المسألة النسائية والنقد النسائي والأدب النسوي والفكر النسوي. تعتبر النسوية مظهرا من مظاهر ما بعد الحداثة والعولمة والعلاقات الدولية في إطار الدبلوماسية الثقافية من أجل كشفٍ وفهمٍ داخل البنيات المجتمعية والتفاعلات والتأثيرات المتعلقة بالنوع (المؤنث والمذكر)، ودوره في تطوير المجتمعات وتنميتها ووضع النوع (الرجل والمرأة) في مكانة واحدة مع تعزيز دور المرأة في الكتابة وإشراكها في تدبير شؤون الإبداع لصناعة رؤيا نسوية. لأن النسوية (féminisme) ليست مجرد نموذج إضافي يوجد جنبا إلى جنب نظريات سياسية أخرى، حيث أن جعل تجارب النساء في الحياة والعمل والأسرة مسألة محورية يمثل بالضرورة تحديا للأطر التقليدية للمعرفة. إن النسوية تدمج أفكارا متنوعة تشترك في تصورات ثلاثة رئيسية ألا وهي أن الجندر (gender)بناء اجتماعي تُقهَر فيه النساء أكثر من الرجال. وأن النظام الأبوي(patriarchy)يعمل على تشكيل هذا البناء، وأن المعرفة الخاصة بالنساء والمبنية على التجارب والخبرات هي أساس المجتمع المستقبلي غير المتميز جنسيا. وتعمل تلك الفرضيات على تشكيل برنامج النسوية المزدوج من حيث مهمة النقد والانتقاء (أي مهاجمة الصور النمطية للجنسين) ومهمة البناء. وبدون تلك المهمة الثانية (التي يطلق عليها أحيانا مسمى الممارسة النسوية) يغيب الهدف على النسوية. ولقد كان النوع الاجتماعي والنظريات النسوية والتغيرات الثقافية وبناء الشخصية الأنثوية والانفصال عن الأفكار الذكورية، مظهرا أساسيا من مظاهر الكتابة عند المرأة الذي ارتبط بالنوع، سيما الأدب الذي تأثر برؤئً اجتماعية جنسية وبعض الهموم الأنثوية والتركيز على إنتاجية المعاني والدلالات على أساس النوع (الجندر) البيولوجي واللغوي والثقافي والنفسي، حيث يشير مفهوم النوع إلى الأدوار الاجتماعية للنساء والرجال والتي تتحد وفقا لثقافة مجتمع ما على أنها الأدوار والمسؤوليات والسلوكيات والقيم المناسبة لكل من الرجل والمرأة في هذا المجتمع بعينه. وبالتالي فإن الأدوار تختلف من مجتمع إلى آخر ومن طبقة اجتماعية واقتصادية إلى أخرى، كما أنها تتغير من زمن إلى آخر داخل نفس المجتمع. وقد استخدم هذا المفهوم في بادئ الأمر بمعنى العلاقات الاجتماعية للنوع الاجتماعي. وأن كتابة المرأة العربية هي قرار إبداعي يختلف من مبدعة إلى أخرى، لأن الهوية الجنوسية المتسللة داخل أنساق الكتابة مرتبطة بأسس اجتماعية وثقافية وحضارية وليس انطلاقا من الأسس البيولوجية؛ لأن هناك فرقا بين النوع والجنس في كتابة المرأة حيث رَكّزَتْ على النوع في دور الإنجاب ودور الإنتاج ودور السياسة وإزالة السيطرة الأبوية وجعل الأسرة متكافئة يسودها العدل والاحترام، وتغيير أساليب التربية وتعميم المساواة بين الجنسين وتغيير وإيقاف الممارسات والعادات الضارة بالمرأة، وتغيير المفاهيم الخاصة بتقليل مشاركة المرأة. ويتضح ذلك في كتابات نوال السعداوي وفاطمة المرنيسي وغادة السمان وأحلام مستغانمي وغيرهن لأن تطور كتابة المرأة يعبر عن تخطي الصعاب الباترياركية لتحقيق العدالة بين المرأة والرجل ،والاعتراف بالفروق البيولوجية والاهتمام بتفكيك وبناء أصول وخصائص وأشكال عدم المساواة بين الرجل والمرأة. تعتبركتابة المرأة كلية كتابات أخرى كائنية تقوم مكوناتها على بنيات معجمية إيقاعية وبنيات خطية وبنيات إحالية وبنيات سردية دلالية وعائية للمنظومة الفكرية والثقافية التي يتفاعل فيها الشعور والإدراك العقلي والإدراك الحدسي، لأن الكتابة الإبداعية النسائية منذ أولياتها إلى يومنا هذا، ولمختلف أشكالها وأنماطها وتياراتها تتميز بخصوصيات تختلف من مرحلة إلى أخرى لأن كل مرحلة لها مرجعيتها الثقافية والمعرفية والسياسية متفاعلة مع النموذج الغربي، حيث تتسم بأبعاد جمالية وفنية ذوقية تتموج بين اتجاهين: النسوية وما بعد النسوية. الاتجاه الأول يقوم على تشخيص ومعالجة المضامين المرتبطة بعدم المساواة الاجتماعية والقانونية التي كانت تعاني منها المرأة بخصوص التعليم والشغل والزواج، والتصدي لصورة المرأة السلبية المستوحاة من الخرافة. ونجد هذه القضايا في كتابات خناثة بنونة ومالكة العاصمي وفاطمة المرنيسي وليلى أبو زيد وأن هذا الاتجاه ليس أحادي الرؤيا والمواقف، وإنما كان متعددا ومتجاذبا ما بين النسوية السلفية والنسوية الليبرالية والنسوية الماركسية الاشتراكية. أما الاتجاه الثاني الذي يصطلح عليه بما بعد النسوية أو النسوية الجديدة التي ارتبطت بالتحرر من العنصرية والاستعمار والرأسمالية ومناهضتها عبر التيارات التالية. فالنسوية البيئية هدفها الدفاع عن البيئة ومقاومة التلوث والنسوية مابعد الاستعمارية لإنهاء الاستعمار التقليدي، وهو إطار نظري في نضال المرأة ضد القمع والهيمنة. والنسوية الإسلامية تقوم بالمطالبة بحقوق المرأة عبر التصوف والشريعة الإسلامية وتحريرها من التقاليد الأبوية،أمينة المريني نموذجا ومن خلال هذين الاتجاهين يمكن استنباط أشكال وأنماط الكتابة النسائية التالية: نمط المحاكاة: يعتبر نمط المحاكاة نمطا قاربت فيه الكتابة الذكورية واستلهمت من عناصرها واصفة تمزق وجدانها من معاناتها في صور بلاغية مُؤطَّرة بقيود المجتمع وثقافته وفنه، وإعلانا على حضور النسوة في الكتابة. نمط الكينونة والتمرد: انبثقت حركة نسوية تطالب بالمساواة بين الجنسين ومنحهن حقوقهن المدنية ومشاركتهن في تحديث وتجديد الكتابة وترددها عن الكتابة الذكورية وخروجها من معطفها في ضوء مجموعة من التعيينات الجمالية والتربوية والثقافية. وقد كان لذلك أثره في أشعار نازك الملائكة وفدوى طوقان حيث أصبحت تجسد الحوار الداخلي للمرأة في أنساق المجتمع لإفراز الكتابة المعلوماتية النسوية. نمط الكينونة الأنثوية: أسس نمط الكينونة الأنثوية والتمرد نواة استراتيجية في تطوير الكتابة النسائية، حيث ظهر من منطقها نمط تجاوز الأنماط السالفة الذكر حيث عمق بُعد الرؤية الأنثوية في الكتابة. وهذا العمق ورد نتيجة لاختلاف تجارب النسوة عن تجارب الرجال. يتجلى هذا في كتابات فاطمة المرنيسي وغادة السمان،حيث يطرح رؤيا التساؤل والاحتجاج والوعي والتجربة النسوية مقارنة مع الرجولة. نمط ما بعد النسوية: انبثق مبدأ ما بعد النسوية من ثقافة ما بعد الحداثة التي على ضوئها ظهر النقد النسوي الذي استلهم أطروحات من البنيوية السيميائية التحليلية لجوليا كريستيفا؛ والأركيولوجيا المعرفية لميشيل فوكو والتفكيكية لجاك دريدا، حيث تسربت أطروحة الشك والتفكير في إعادة الكتابة النسائية وفق ثنائية الانسجام والاختلاف مع الكتابة الباترياركية (بمعنى الأبيسية) حيث أصبحت الكتابة النسوية توظف تقنيات لإيصال الخطاب الأنثوي وليس التركيز على التكوين البيولوجي وأمثالهن كخالدة سعيد وسيزا قاسم ويمنى العيد ورشيدة بنمسعود. وإذا أمعنا النظر في هذه الأنماط، نلاحظ أن ليس لها صلة داخلية مع المذاهب الأدبية السائدة ،ولا مع الخطابات الإيديولوجية وإنما لها أبعاد إبستمية ثقافية تعبيرية. ويظهر مما سبق ذكره أن المرأة العربية بعيدا عن الأفكار الجاهزة، نسَجَتْ رؤيتها وأبعادها الفنية وملامحها المميزة من تجربتها لتستشف أوجه الاختلاف والخلاف في التصور والتشكيل بمقارنة مع الرؤيا الذكورية، حيث ترتكز على القول الفعلي اللغوي المتسم بخصوصية الأنوثة الذاتية المتفاعلة مع الواقع التي تمتص وتُحول خلفياته ومرجعياته وذكرياته لنسجها في بنية النصوص عبر التأمل والخيال والإدراك الحدسي، وإدراك التنبؤات لتحقيق رؤيا ممكنة أو وصف رؤيا تكشف عن نهاية الأشياء. فكتابة المرأة إبداع تخترق، عبر مبادئ، منطق الذكورة لتحقيق أنثويتها الثقافية والمجتمعية مع مراعاة خصوصيتها وتشكيل ثقافة التساؤل عن الذات لبناء كتابة مضادة محررة من القيود المذهبية والمركزية منتعشة من الهامش والمسكوت عنه محاولة تحطيم الحدود بين الأجناس وإحداث التفاعل في ما بينها، والكشف عن حالة الانكسار المعرفي والهوية والمصير. فما هي إذن خصوصية المرأة على المستوى الأدبي والسوسيولوجي؟ خصوصيات كتابة المرأة على المستوى الأدبي والسوسيولوجي: إن موضوع المرأة على المستويين الأدبي والسوسيولوجي هو شخصيتها وما يدور في مجرة فلك أنوثتها. فهي تحاكي أسلوب الذكورة، والسبب في ذلك يعود إلى التحولات العميقة التي عرفها وعي المرأة المعاصرة على مختلف المستويات حيث تم التعنيف في التصورات والرؤى في تحرر المرأة، والولوج إلى مساواة عبر النوع، والكشف عن وجود خلل في المنظومة الذكورية التي تحاول تفسير قواعدها ومبادئها ومساراتها وقيمها بواسطة معايير قوية صلبة قائمة على العنف والقمع من طرف السلطة المركزية الذكورية. فأضحت المرأة تلك الكائنة التي حطمت السلطة الباترياركية القائمة على بوابة الحقائق والأفكار المتتالية والسامية. ولقد تشكلت الرؤيا في كتابة المرأة العربية الأدبية والسوسيولوجية حول المرأة وقضاياها،تلك الرؤيا التي تكونت بشكل واضح مع فاطمة المرنيسي وغادة السمان وأحلام مستغانمي اللواتي اعتبرن المرأة كائنة فاعلة تشارك في فعل الإبداع والتفكير بفضل ميزتها الشعورية والعقلية.لذلك كل الخصائص التي يتوفر عليها الرجل تتوفر عليها المرأة، لكن مع الاختلاف الذي له حضور في الكتابة بينهما. ولا سيما أن المرأة تمتلك كثافة عصبية كثيرة بالمقارنة مع الرجل. وهذه الفروق أدت إلى وجود اختلاف واضح في طريقة ونوعية التفكير لكل منهما. هذا الاختلاف والتعدد والتنوع ركز على خصوصية وخصائص الكتابة النسائية، كما هو الشأن بالنسبة للناقد محمد برادة الذي تحدث عن ملامح الاختلاف والتنوع والخصوصية من منظور اللغة، والمقصود باللغة ذلك التعدد داخل النسق لا القاموس. فالشرط الفيزيائي المادي للمرأة يُجسد نصوصا تكتبها المرأة.وإذا نظرنا في الغالب الأعم ، فإن خصوصية المكان لها أثر وفعل في تشكيل كتابة المرأة العربية لاعتبارها من أسس بناء النص الإبداعي أو الفكري نظرا لكونه يتسم بالانفتاح والتخييل والجمالية، كما يتضمن المفارقات الزمنية في الأحداث والأسباب والأحوال والاستراتيجيات والاسترجاعات والاستباقات والوقفات والمشاهد حسب شخصية كل كاتبة، والتي تؤطرها وجدانية أنوثتها وسلوكها وهويتها ومنظومة أخلاقيتها التي تميزها وتستأثرها نظرا لقوة المشاعر في الكتابة. فالكاتبة تتطرق إلى مواضيع ذات خصوصية تتمثل في الحب والجسد والجنس والزواج وخلخلة الطابوهات والمسكوت عنه مثلما قامت به أحلام مستغانمي وغادة السمان. كما تطرقت الكتابة النسائية إلى قضايا سياسية مثل الكاتبة السورية سمر يزبك التي انتقدت الفساد والنهب والذل ومعاناة وطنها من ويلات عهد الاستعمار. علاقة المرأة بإبداع الكتابة: إن الحديث عن علاقة المرأة بإبداع الكتابة هو حديث عن مفهوم إبداع الكتابة وكيفية بناء العلاقة بين المرأة وإبداع الكتابة، لأن هذا الأخير يقوم على مهارات تختلف من امرأة كاتبة إلى أخرى في البعد المعرفي والثقافي داخل عمليات التفكير وبناء هندسات شعورية وتوليد أفكار. وأن الإبداع يرتبط بالمرأة بشكل تفاعلي لاعتبارها فاعلة فيه، ولكونها تمزج بين عمليات التفكير والهندسات الشعورية الذاتية والمهارات الاجتماعية قصد ابتكار قيم وسلوكيات عبر التفاعل الإبداعي لإيجاد حلول في كافة السياقات الأنثوية والثقافية والفكرية انطلاقا من الرؤيا التي يتم توصيلها عبر الكتابة، وأن المفاهيم الثلاثة المستعملة: المرأة والإبداع والكتابة تظهر متفاعلة متداخلة داخل منظومة تتوفر على الوعي النفساني والمجتمعي والذاتية. والارتكاز على قوة النعومة والمبادرة والاختيار واستقلالية الأنثوية عن سلطة الذكورة وتمتيعها بالحرية، هي أشياء لا تتأتى إلا داخل الإطار العام للحريات العامة. بذلك فالمرأة نواة لذاتها، وانعكاس صورة الأنا المتضمنة التعددية في وحدتها، وفي الغواية التي تؤدي إلى المغامرة والانزياح عن المألوف، لأن إبداع الكتابة اكتساب. فالمرأة فاعلة ثقافية تمردية وجودية حيث أن ما يميزها هو الإبداع الأنثوي باللغة والإيقاع وباللون، وبالاستعارات وبالانزياحات وبالسرديات. إن علاقة المرأة بالكتابة الإبداعية هي فِعلُ كائنٍ أثْبتَ حضوره وجوديا متمسكا بالاختلاف والتمايز لكونها تجسد رؤيا عميقة حول قضايا المرأة المرتبطة بالمستوى الاجتماعي والثقافي وتقييم الأوضاع بمنظور تأملي للذات الأنثوية ، وربط الكتابة الإبداعية بالواقع والخيال وتحريرهما من قيود الذكورة من أجل بناء صياغة تتابع مظاهر التناقض والتكرار لإبراز خصوصية علاقة النوع(الجندر). تفاعلية تتقاطع مع التمييز بين الدلالات الأنثوية الذكورية، ونظرا إلى أن علاقة المرأة بالكتابة هي دائما طريقة تدعو إلى التحرر وإثبات الهوية وتحقيق التعايش والاعتراف بنظام إبداع له خصوصية ومرجعية أنثوية.