قال الحسان بوقنطار، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط إن الذكرى التاسعة والثلاثين للمسيرة الخضراء تحمل تأكيدا جماعيا متجددا للإجماع القائم بين مكونات المجتمع المغربي بمختلف مشاربها السياسية على مغربية الصحراء وعلى الوحدة الترابية التي ما فتئت الشرعية الدولية تؤكد عليها. وأضاف بوقنطار، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء حول تطورات ملف الوحدة الترابية للمملكة بمناسبة تخليد الذكرى ال39 للمسيرة الخضراء، أن تخليد هذه الذكرى يحمل معاني متعددة ويذكر الأجيال التي لم تعش الحدث مباشرة بقيمته، باعتباره شكل إحدى الآليات السلمية التي مكنت المغرب من تأكيد شرعية وحدته الترابية، مذكرا بأن 350 ألف مغربي الذين شاركوا في المسيرة لم يكن معهم من سلاح إلا الإجماع الوطني والمصاحف ليؤكدوا للعالم تشبث المغرب بتدبير قضاياه بالطرق السلمية. وحسب بوقنطار فإن الاحتفال بهذه الذكرى يمثل أيضا إشارة جديدة لاستمرار التزام المغرب بالتشبث بالشرعية الدولية المتمثلة في البحث عن حل سياسي متفاوض ومتوافق عليه من قبل جميع الأطراف. وأكد أنه بالرغم من المناورات الرامية إلى نسف الجهود المغربية من أجل البحث عن حل دائم لهذا النزاع المفتعل، فإن المغرب مصر على مواصلة العمل من أجل التوصل إلى تسوية تمكن شعوب المنطقة المغاربية من العيش في الاستقرار ومن مواجهة كافة الاختلالات والمخاطر الأمنية التي تحدق بالمنطقة. وسجل بوقنطار أن ملف الوحدة الترابية «لم يعرف خلال السنة الماضية تطورات»، حيث استمرت مناورات الخصوم الهادفة إلى تحريف مسار القضية الوطنية من البحث عن حل سياسي متفاوض بشأنه ومقبول كما تنص على ذلك قرارات مجلس الأمن إلى «إغراق» الملف في قضايا من قبيل حقوق الإنسان واستغلال الثروات في الصحراء. كما لاحظ أن مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة كريستوفر روس لم يقم بأية جولة في المنطقة تنفيذا للمهمة التي أنيطت به، ومن ثمة فإن الوضعية ظلت متسمة بنوع من الجمود. وأبرز أن المغرب تمكن من إحباط المحاولات الهادفة إلى توسيع مهام بعثة المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء، موضحا أن التدخلات الدبلوماسية المغربية التي جرت على أعلى مستوى كان لها الأثر الحاسم في إبقاء مجلس الأمن على مقاربته الرامية بالأساس إلى البحث عن تسوية سياسية متفاوض بشأنها ومقبولة من جميع الأطراف وهو ما لم يستصغه خصوم الوحدة الترابية الذين واصلوا مناوراتهم من خلال تشجيع بعض المنظمات غير الحكومية المعروفة بمناهضتها للوحدة الترابية للمغرب بنشر تقارير «تعزف فيها على أسطوانة توسيع مهمة المينورسو». وفي هذا الصدد حث هذا الأكاديمي المغربي على بذل مساعي حثيثة لدى الحلفاء والدول النافذة بمجلس الأمن، لتنشيط مسلسل التفاوض بناء على مبادرة الحكم الذاتي. وأضاف أن «الدبلوماسية المغربية بكل مكوناتها مدعوة اليوم إلى مزيد من الحذر والتعبئة لمواجهة كافة مناورات خصوم الوحدة الترابية للمملكة، وتكريس مقاربة مجلس الأمن القاضية بالبحث عن تسوية سياسية لهذا النزاع المفتعل قوامها مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب منذ أبريل 2007 والتي يسعى خصوم المغرب إلى نسفها». وقال لاشك في أن خصوم الوحدة الترابية سيواصلون مخططاتهم للدفع بمجلس الأمن إلى تغيير مقاربته وخاصة ما يتعلق بتوسيع صلاحيات المينورسو. يذكر أن ما يسمى بنزاع الصحراء « الغربية» هو نزاع مفتعل مفروض على المغرب من قبل الجزائر. وتطالب (البوليساريو)، وهي حركة انفصالية تدعمها السلطة الجزائرية، بخلق دويلة وهمية في منطقة المغرب العربي. ويعيق هذا الوضع كل جهود المجتمع الدولي من أجل التوصل إلى حل لهذا النزاع يرتكز على حكم ذاتي موسع في إطار السيادة المغربية، ويساهم في تحقيق اندماج اقتصادي وأمني إقليمي.