أكّد تقرير للمرصد الوطني للتنمية البشرية كُشف عن تفاصيله نهاية الأسبوع الفارط بالرباط، أن نظام المساعدة الطبية «راميد» قلّص من نسبة عدم المساواة الاجتماعية في الخدمات والرعاية الصحية، وساهم في تطور التغطية الصحية الإجبارية في المغرب بنسبة 50 في المئة، إذ انتقلت من 33.7 في المئة سنة 2012 إلى 46.7 في المئة سنة 2015. بالمقابل تسبّب هذا النظام، وفقا للدراسة التي أجريت، في الرفع من منسوب الضغط على المستشفيات العمومية وأدى إلى تأثر جودة خدماتها، وترتّب عنه تآكل آلياتها وإصابتها بالأعطاب المتكررة بشكل سريع، في ظل غياب نظام صيانة ملائم، وتسجيل خصاص مهول في الأدوية ومختلف المستلزمات الطبية، مما تسبّب في تداعيات وخيمة على تنظيم العلاجات وجودتها، سواء تعلّق الأمر بالمستفيدين من النظام أو بغيرهم من المرضى على حدّ سواء. الدراسة التي تأسست على البيانات المالية للمستشفيات الجهوية في كل من الرباط، بني ملال، فاس وسيدي قاسم، إلى جانب الاعتماد على خلاصات بحث أجري على مستوى المركزين الاستشفائيين الجامعيين بفاسوالرباط، وكذا أخذ وجهات نظر عدد من المهنيين والمستفيدين على حدّ سواء، نبّهت إلى تراجع فعالية «راميد» نتيجة لارتفاع التكاليف غير المباشرة، من النقل والإقامة والمرافقة، المرتبطة بحالات الانتظار التي يُعاني منها المرضى الذين غالبا ما يكونون غير مطلعين على المساطر المتبعة في مختلف المؤسسات الصحية، إضافة إلى الأداءات المباشرة. ولفت تقرير المرصد الوطني للتنمية البشرية الانتباه إلى أن انخفاض نسبة توجه المرضى القادرين على الأداء إلى المستشفيات العمومية، تسبب في معاناة خزينتها بسبب شح الموارد المالية مقابل ارتفاع نسبة مختلف الخدمات الصحية التي تقدّمها بشكل عام نتيجة لطلبات المرضى المستفيدين من نظام المساعدة الطبية «راميد» المرتفعة، مؤكدا أن إشكالية التمويل واسترجاع النفقات والمصاريف تتسبب في اتساع دائرة أعطاب المستشفيات، إلى جانب اختلالات أخرى سطرها التقرير، وهو ما دفع المرصد إلى اقتراح اتخاذ جملة من التدابير الاستعجالية بهدف تحقيق استقرار نظام «راميد» وتأمين الموارد المالية المخصصة له من خلال إدراج إيراداتها في بند من الميزانية، وإنشاء هيئة تدبيرية للاستجابة لمبادئ الحكامة، وتنفيذ سياسة التسعير والتسديد التي يحددها المشرع، فضلا عن تطوير وتجويد الخدمات الصحية بالاعتماد على مقاربة مندمجة عبر تكييف العرض الصحي لكل جهة بشكل أفضل مع خصوصياتها، وتوفير التكنولوجيا الحديثة ووسائل نقل فعالة، حتى يتسنّى التغلب على الإكراهات المادية المرتبطة بالعزلة الجغرافية.