أنهى المنتخب الفرنسي لكرة القدم انتظار الأعوام العشرين، ورسم على قميصه الأزرق نجمة ثانية، بعد تتويجه الأحد بلقب كأس العالم في كرة القدم، متفوقا في نهائي المونديال الروسي على منتخب كرواتي أبهر الجميع بأدائه، وكان قاب قوسين أو أدنى من إحراز اللقب للمرة الأولى في تاريخ البلد الصغير. فعلى ملعب لوجنيكي في موسكو، قدم المنتخبان واحدة من أجمل المباريات النهائية في الأعوام الماضية، بأداء هجومي انتهى بنتيجة 4 – 2، هو الأغزر من حيث الأهداف في النهائي منذ 1966، عندما فازت إنكلترا على ألمانية الغربية بالنتيجة نفسها بعد التمديد. وجعل الفرنسيون من مدربهم ديدييه ديشان ثالث شخص في تاريخ اللعبة، يتوج باللقب كلاعب ومدرب، بعد البرازيلي ماريو زاغالو و»القيصر» الألماني فرانتس بكنباور، وحتى أنهم قاطعوا باحتفالاتهم مؤتمره الصحافي. كما منحوا عشرات الآلاف من المشجعين الذين غصت بهم شوارع العاصمة باريس، حلم معايشة التتويج بلقب المونديال، لاسيما الجيل الشاب الذي لم يختبر فرحة مونديال 1998. وقال ديشان الذي رماه لاعبوه في الهواء احتفالا «إنه إنجاز جميل جدا ورائع جدا (…) أنا سعيد حقا بهذه المجموعة، لأننا بدأنا من بعيد، ولم يكن الأمر سهلا دائما»، مضيفا «ها هم هنا على قمة العالم لمدة أربع سنوات». وقضى الفرنسيون على أحلام منتخب كرواتيا، البلد الذي يبلغ تعداده السكاني نحو أربعة ملايين نسمة، بالتتويج باللقب للمرة الأولى، علما بأنه كان يخوض النهائي للمرة الأولى. وكانت فرنسا قد أقصت في طريقها لنهائي مونديال 1998، المنتخب الكرواتي من نصف النهائي، علما بأن الأخير كان يشارك في حينها في البطولة للمرة الأولى كدولة مستقلة. وعوض المنتخب الأزرق بهذا الفوز، خيبة الخسارة في نهائي كأس أوروبا 2016 على أرضه أمام البرتغال. وتمكن الفرنسيون عبر تشكيلة شابة بمعدل أعمار هو ثاني أصغر معدل من بين المنتخبات 32، التي شاركت في المونديال، من بلوغ النهائي ونيل اللقب بعد أداء مخيب في الدور الأول. واعتمدت التشكيلة الفرنسية على مفاتيح لعب أهمها المهاجم الشاب كيليان مبابي وزميله أنطوان غريزمان، إضافة لحارس المرمى القائد هوغو لوريس. وعولت كرواتيا على تشكيلة موهوبة يتقدمها القائد لوكا مودريتش وإيفان راكيتيتش وماريو ماندزوكيتش. وسجل ماندزوكيتش (18) خطأ في مرمى فريقه وأنطوان غريزمان (38 من ركلة جزاء) وبول بوغبا (59) وكيليان مبابي (65) أهداف فرنسا، وإيفان بيريشيتش (28) وماندزوكيتش (69) هدفي كرواتيا. وكانت الافضلية لكرواتيا، التي بحثت بشكل مستمر عن الثغرة والضغط بقوة على لاعبي فرنسا، بيد أن الفعالية كانت لمنتخب الديوك الذي نجح في تسجيل هدفين من محاولتيه الوحيدتين في الشوط الأول ومن كرتين ثابتتين. وبات ماندزوكيتش أول لاعب يسجل بالخطأ في مرمى منتخب بلاده في مباراة نهائية لكأس العالم، علما بأن المباراة قاطعها دخول عدد من المشجعين إلى أرض الملعب، بعدما أفلتوا من الاجراءات الأمنية. وكان الحكم الأرجنتيني نستور بيتانا أعطى صافرة البداية للمباراة التي اعتمد خلالها المدربان ديشان ونظيره الكرواتي زلاتكو داليتش، على التشكيلتين اللتين خاضا بهما الدور نصف النهائي ضد بلجيكا وانكلترا تواليا. ودخل اللاعبون أرض الملعب وساروا على بساط أزرق كتب عليه «نهائي 2018»، وتوسطته على منصة، النسخة الأصلية لكأس العالم الذهبية. ولم يخف لاعبو المنتخب الفرنسي أنهم حققوا حلما التتويج باللقب، لاسيما وأن العديد منهم كانوا بالكاد قد ولدوا لدى تحقيق النجمة الأولى في 1998. وقال المدرب الكرواتي زلاتكو داليتش «أعتقد أننا ربما قدمنا أفضل مباراة لنا في هذا المونديال، لكن في مواجهة فريق قوي مثل فرنسا، يجب ألا نرتكب الأخطاء، نحن حزينون بعض الشيء ولكننا فخورون أيضا». وفي زغرب، تابع الكرواتيون بحزن وأسى ممزوجين بالفخر، المباراة. ومع انطلاق صافرة النهاية، صفق عشرات الآلاف من المشجعين في الساحة الرئيسية للعاصمة زغرب، بعدما تجمعوا منذ ساعات لمتابعة المباراة، مرتدين قميص المنتخب الأحمر والأبيض.