كانت الرياضة ومازالت إحدى الطرق الأساسية لدمج المهاجرين في مجتمعات بلدان الاستقبال، بل إن عددا كبيرا من النجوم في الرياضة لا يلعبون لبلدانهم الأصلية، بل لبلدان الإقامة، أي البلدان التي استقبلتهم أو ازدادوا وترعرعوا بها. وكأس العالم الجارية بروسيا، تميزت بالعدد المهم للاعبين مزدوجي الجنسية، والذين اختاروا اللعب مع البلد الأصلي لآبائهم، رغم أنهم ازدادوا وتعلموا لعب الكرة ببلد الاستقبال. وهو ما ميز منتخبات عديدة كمنتخب المغرب، الذي كان الأول في هذه الدورة من حيث اللاعبين المزدوجي الجنسية، بحوالي 17 لاعبا، وتونس تتوفر على 9 لاعبين والسينغال كذلك 9 لاعبين وفي المركز الخامس كانت سويسرا بلائحة من 7 لاعبين. هذه الاختيارات أثارت جدلا كبيرا،خاصة بفرنسا التي أصبح بعض مدربيها وصحافيوها يطالبون بفرض كوطا داخل مدارس التكوين، وممارسة الميز ضد اللاعبين من أصول مغاربية إو إفريقية، وهو الموضوع الذي تطرقت إليه بعض الصحف، وهو التوجه الذي كان وراءه لوران بلان، مدرب المنتخب الفرنسي السابق، كما كشف عن ذلك موقع «ميديا بارت»، وهو ما أثار فضيحة في فرنسا حول الميز الذي يستهدف أبناء المهاجرين في مدارس التكوين. وهو ما نفته الجامعة الفرنسية والناخب السابق. إن سلوك الجامعة الفرنسية نابع عن القلق من تغير الوضعية، ففي السابق كانت فرنسا تختار أحسن اللاعبين من مزدوجي الجنسية، وتترك الاخرين للبلدان الأصلية، أما اليوم فإن بعض البلدان الأصلية أصبحت لها إمكانيات وتنافس الفرنسيين في استقطاب هؤلاء الشباب. هذا الصراع حول استقطاب اللاعبين من «أصول مزدوجة» وأبناء المهاجرين لا يخص فقط المغرب وفرنسا، بل هي منافسة يأخذها المغرب مع جارته الجزائر أيضا، على اعتبار ان العديد من الشباب الذين يحملون الجنسية المزدوجة، هم من زيجات مختلطة بين المغاربة والجزائريين، وهو ما يسمح لهم بالاختيار بين فرنسا والمغرب والجزائر. ونجح المغرب هذه المرة في ضم الحارس أمين أشعلالن والمدافع يانيس مراح إلى المنتخب الوطني. وفرنسا بفعل ماضيها الاستعماري واستقبالها لهجرة إفريقية وأوربية، استفادت من نجوم من أصول أجنبية، وكانت لهم شهرة عالمية مثل كوبا ذي الأصول البولونية، وميشيل بلاتيني ذي الأصول الإيطالية، وزين الدين زيدان ذي الأصول الجزائرية. وهو ما سار عليه العديد من اللاعبين الشباب، مثل كريم بنزيمة،عادل رامي وسمير نصري وحاتم بنعرفة وأخيرا نبيل فقير. انضمامهم إلى هذه المنتخبات يرفع من شهرتهم وقيمتهم في سوق الانتقالات الدولية، كما أن انتماءهم ولعبهم في فرنسا يسمح لهم بالانتقال إلى الأندية الاوربية لتوفرهم على وضعية اللاعب الفرنسي دون إكراهات، والتي قد تمس اللاعبين الأجانب من خارج أوروبا، والذين يخضعون لنظام الحصص ولا يمكن أن يتجاوز عددهم بالفريق ثلاثة. وهو الامتياز الذي يفكر بعض المسؤولين الفرنسيين في إلغائه من أجل إجبار اللاعبين من أصول أجنبية على عدم اللعب للبلد الأصلي. لكن هذا الاقتراح الفرنسي لم يلق الدعم اللازم، وربما قد تدعمه إسبانيا وألمانيا اللتين لهما نفس المشاكل. إن قضية اللاعبين مزدوجي الجنسية أصبحت تقلق جامعة كرة القدم الفرنسية، من خلال وضع «كوطا» محددة للاعبين من أصول أجنبية في مراكز التكوين. وهي تستهدف بذلك لاعبين من أصول جزائرية ومغربية وتونسية وسينغالية وكاميرونية وإيفوارية وكونغولية ومالية، وهي كلها بلدان أصبحت تستقطب شبابا ازدادوا وترعرعوا بفرنسا وبأنديتها، لكنهم اختاروا اللعب لبلدانهم الأصلية، أي اختاروا القلب بدل العقل. طبعا الجامعة الفرنسية كذبت محاولتها الحد من وصول هؤلاء الشباب إلى مراكز تكوينها، لأن ذلك يتعارض مع القوانين الفرنسية والعديد من المسؤولين لم يخفوا هذا القلق في وسائل الاعلام حول هذه الظاهرة، ومنهم لوران بلان الناخب السابق، الذي قال إن» هذه الوضعية تطرح مشكلة للمنتخب الفرنسي، شباب يتم تكوينهم ويلعبون مع المنتخبات الفرنسية للصغار والشباب، وفي الأخير يختارون منتخبات أخرى.» وأضاف أن «القانون ضدنا، فقانون الجامعة الدولية يسمح للاعبين بتغيير المنتخب مرة واحدة دون سن محدد، بشرط عدم لعب مقابلة رسمية مع منتخب الكبار.» وما يقلق أوساط كرة القدم بفرنسا أن 50 في المائة من اللاعبين بمنتخباتها المتعددة هم مزدوجوا الجنسية، ويضيف نفس المصدر أن البلدان الاصلية أصبحت تسخر إمكانيات لاستقبال هؤلاء اللاعبين، وهو ما أصبح يطرح مشكلا لفرنسا، التي كانت في السابق تتمتع بالأسبقية في اختيار اللاعبين. وحسب جريدة «لوموند» فان الجامعة المغربية لكرة القدم تتوفر على مدرب سابق بفرنسا يقوم بعمل استقطاب هؤلاء الشباب، يسمى أحمد الشواري، والذي يعمل في هذا المجال منذ 2010، مهمته محددة في البحث عن اللاعبين من أصول مغربية لصالح المنتخب المغربي.