شهد مقر جهة الدارالبيضاء، بتعاون مع مسرح الكاف، يوم الخميس 7 يونيو الجاري، لقاء لتقديم وتوقيع الكتاب الجديد للإعلامي والناقد السينمائي حسن نرايس الذي وسمه ب» بحال الضحك: السخرية والفكاهة في التعبيرات الفنية المغربية»،وذلك في إطار المهرجان الجهوي الأول للمسرح الاحترافي بالدار اليضاء سطات.. اللقاء الذي تميز بحضور كمي ونوعي من مختلف المشارب الثقافية، من كتاب وسينمائيين ومسرحيين وإعلاميين، تميز بكلمة لنائب رئيس الجهة عبد الحميد جماهري الذي عبر عن سعادته باحتضان الجهة لحفل التوقيع ، وعن امتنانه لحسن نرايس الذي جعله يتخلص من لباسه البروتوكولي ويتحدث اللغة التي يحبها، لغة المحبة والاحتفاء بالابداع والمبدعين. ولفت جماهري في كلمته الترحيبية الى أن اللقاء يندرج ضمن دينامية تحرص الجهة ، وفاء لاختياراتها التنموية المتكاملة والمندمجة ،على الترسيخ لها إيمانا بدور الثقافة في تعزيز أواصر الانتماء والتقدم في أي مخطط تنموي يروم الارتقاء بالمواطن. كما عرف اللقاء تقديم ورقات حول الكتاب المحتفى به، لامست الموضوع المطروق للدراسة باعتبار السخرية تعبيرا فنيا وصمام أمان للتعبير عن حاجات الفرد في ظل واقع مأزوم وإكراهات اجتماعية ضاغطة . في تقديمه للكتاب وللكاتب، اعتبر الناقد مصطفى النحال أن السخرية عند الكاتب والإعلامي حسن نرايس ليست مجرد مادة إعلامية وفنية يشتغل عليها، وليست بالنسبة له مجرد «جنس» تعبيري فكاهي بل هي أسلوب حياة ونمط عيش. وأضاف النحال أن الكاتب حسن نرايس يعيش بالسخرية في جلساته كما في كتاباته ومناقشاته، سخرية تقول كل شيء دفعة واحدة، بالرمز والكتابة والمجاز والمفارقة. الكتاب الذي اختار له نرايس عنوان «بحال الضحك» هو كتاب، يقول النحال « يندرج ضمن المشروع النادر في بابه الذي بدأه نرايس مع كتاب «الضحك والآخر: صورة العربي في الفكاهة الفرنسية» الصادر في1996،» لافتا إلى أن أهمية هذا الإصدار الجديد تتجلى في المسح العام الذي قام به نرايس للأسماء والموضوعات التي تدور حول الفكاهة والضحك والمحاكاة الساخرة، بالاضافة الى أهميته في المسح التاريخي لعدد من الكتب والمؤلفات التي تناولت بالوصف والتحليل، عربيا وغربيا، موضوع السخرية بشكل عام. وأكد النحال على أن نرايس في هذا الكتاب، لا ينطلق من تعريف قبلي ومتعال لمصطلحات الضحك والسخرية والتهكم والباروديا، بقدر ما ينطلق من الوقائع والأحداث والتعبيرات كما تجري على الخشبة أو في الشاشة أو في الشارع، مشيرا إلى أنه يعمد وفق منهج براغماتي وتشريحي الى التحليل النقدي لواقع الضحك في البرامج والأفلام. وفيما تناولت ورقة الناقد مصطفى النحال الكتاب من زاوية نقدية صرفة لموضوعه، اختار الفنان والمخرج إدريس الروخ الاقتراب من عوالم الكاتب الداخلية، ساردا العديد من خصاله الجوانية التي تنتصر للإنساني، مشيرا الى أن «حسن يسكن بداخله الحي والشعر وباريس ومحمد شكري ومحمد سكري، وباحسن الصقلي، والعربي اليعقوبي وخير الدين وبرادة وناس الغيوان وسينما السعادة، وأزقة ودروب الحي المحمدي، والحي اللاتيني ومونبارناس ومومارت وجوسيو والطاس وما أدراك ما الطاس». واعترف الروخ أن نرايس كثيرا ما كان ملهمه في معركته الطويلة مع الحياة بذبذباتها وهزاتها ، مستخلصا منه العبر ،باعتباره الابن البار لثقافته وثقافة بلده وحيه «درب مولاي الشريف» . وأضاف الروخ أن صداقته بحسن نرايس جعلته يكتشف هذا الانسان المفرد المتعدد، هو الذي حين «يتكلم بلغة الكبار هو الكبير ، وبلغة الشعراء هو الشاعر، وبلغة الحكماء هو الحكيم…يتكلم من خبرته في ميادين تستهويه ، هو المحب لأب الفنون ، العاشق للغة الركح ورسم الشخصيات، هو القارئ الذكي، المطلع على خبايا كتابة السناريو …الناقد، العاشق لفن الصورة، تارة تلقاه منتشيا وتارة آخرى متألما حزينا لما آلت إليه أوضاعنا في خلق سينمانا التي تشبهنا دون اللجوء لثقافة غيرنا ونقلها قبحا وليس حسنا». وعرج الروخ على شغف نرايس بالسينما، بالنظر الى تنقلاته الكثيرة بين المهرجانات السينمائية، مضيفا أنه» تلقاه هنا وهناك بين مهرجان وآخر، يشاهد يلاحظ ، يحاضر، ينتقد، يشجع، يدعم، يخلق لقاءات وينظم ندوات وينخرط في ورشات، لا يمل لا ييأس ، لا يتعب رغم أنه يعرف ان طريق تحقيق الأهداف مليئ بالمطبات، وأننا نعيش زمن الأخطاء وأننا في الزمن الموحش نرتمي بين أحضان لعبة النسيان..نركب لجسدنا الذابل أجنحة التيه…» وختم الروخ ورقته بأن تاريخ الشعوب وحضارتها يقاس بأهمية مثقفيها وفنانيها ومبدعيها، ومدى إقبال الجماهير على مشاهدة أعمال فنية تليق به ، وهو ما يصبو الكتاب المحتفى به الى التأسيس له والانتصار له. . وفي كلمة مرتجلة وبارعة، تحدث المخرج أيوب العياسي عن علاقته بحسن نرايس، الإعلامي والكاتب المسرحي والناقد السينمائي وعاشق «الطاس»، منذ أن كان يرافق والده، في طفولته، إلى الأمكنة التي يرتادها صاحب «بحال الضحك». ولم يخف العياسي إعجابه بحسن نرايس الذي قال إنه كان يلتهم مقالاته التهاما قبل أن يلتقيه، ويتحول اللقاء إلى صداقة إنسانية كبيرة. كما تحدث عن الكاريزما التي يتميز بها الكاتب، فضلا عن ذلك الحفر الجميل الذي مكنه من إلباس «حديث عيسى بن هشام» في مقامات بديع الزمان الهمذاني لبوسا حديثا وعصريا، ونجح في نقلها إلى مستوى آخر من المؤانسة والإمتاع، بشهادة الراحل الطيب الصديقي، كما قال العياسي. كلمة أيوب تميزت بقفشات ضاحكة وانسيابية واضحة، ووضعت صاحب «بحال الضحك» في روح منجزه الجديد.