لن يكون هناك مد «برتقالي» في نهائيات مونديال روسيا 2018، في ظل غياب المنتخب الهولندي، لكن ذلك لن يقلل من أهمية الحضور الجماهيري في النسخة 21 من البطولة الأهم للعبة الشعبية الأولى عالميا. ومن المتوقع أن تحتضن المدن الروسية قرابة مليون مشجع، قادمين من الخارج لتشجيع 31 منتخبا مشاركا في النهائيات، إلى جانب المنتخب المضيف، ما يشكل تحديا كبيرا لأصحاب الأرض أكان على الصعيد اللوجستي، الثقافي أو الأمني. وستكون روسيا على موعد من الآن وحتى ما بعد موعد المباراة النهائية في 15 يوليوز، مع وفود جماهيرية من أنحاء العالم، وما يحمله ذلك من تنوع ثقافي وتقاليد، إن كان من ناحية التشجيع أو طريقة التصرف. ففي بداية الأسبوع الحالي، كشف الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» عن بيع مليوني تذكرة، منها 872.578 إلى الروس. وتصدرت الولاياتالمتحدة الأميركية والبرازيل وكولومبيا لائحة المقبلين على شراء التذاكر، أمام ألمانيا بطلة العالم والمكسيك. هدف اللجنة المنظمة المحلية واضح: أن تظهر للمشجعين «روسيا لا تنسى ومليئة بالألوان»، بحسب رئيس اللجنة المنظمة المحلية أليكسي سوروكين. وكان الاستثمار الأكبر لروسيا تحضيرا لمونديال 2018 في البنية التحتية، حيث أنفقت 13 مليار دولار للوصول «إلى محطات جديدة في مطارات ست مدن، بناء 21 فندقا جديدا في المدن المضيفة»، بحسب ما فند سوروكين، مشيرا إلى «14 مستشفى مجهزة مسبقا من أجل البطولة». واعتبر سوروكين أن الأموال التي أنفقت لم تكن من أجل أشياء «ليست ضرورية» بالنسبة لروسيا لأنه «نحن بحاجة إليها». بالنسبة لجان – باتيست غيغان، أحد مؤلفي «تحقيق في كرة القدم، أسرار كرة القدم الروسية»، أن الأعمال التي قامت روسيا «تهدف إلى تعويض 20 سنة ضائعة في أمكنة لم يتم الاستثمار فيها»، مشيرا أيضا إلى أن الهدف أيضا هو جعل كأس العالم «هدفا للتأثير والاستقطاب»، وهو ما يعني خصوصا أن تكون تجربة الزوار مثالية من أجل التوصية بزيارة روسيا ما أن يعودوا إلى بلادهم. وأشار رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» السويسري جاني إنفانتينو الاثنين أمام ممثلي وكالات أنباء وبينها فرانس برس أنه «لم أر قط بلدا بذل هذا الكم من الجهد للترحيب بالمشجعين». ويكشف سوروكين أن المشجعين القادمين إلى روسيا سيتمكنون «لأول مرة في التاريخ» من أن يستفيدوا من «نظام نقل مجاني بين المدن المضيفة، مع تشغيل أكثر من 700 قطار إضافي» مستأجرة لهذه المناسبة. واعتبر رونان إيفان، رئيس رابطة مشجعي كرة القدم في أوروبا (فوتبول سوبرتورز يوروب – أف أس أي)، وهي شبكة مشجعين من أكثر من 40 دولة، لفرانس برس أنه «حقا نظام جيد لكن العرض ليس كافيا والغالبية العظمى من القطارات تم حجزها بالفعل». هناك مشكلة مقلقة «السكن، حيث يمكن أن تكون هناك مشاكل كبيرة لأن أصحاب الشقق يحاولون رفع الأسعار، بما في ذلك إلغاء حجز الشقق التي استؤجرت مسبقا»، بحسب ايفان. هذه المشكلة اختبرها قبل أسابيع مشجعو ريال مدريد الإسباني وليفربول الإنكليزي عندما سافروا إلى العاصمة الأوكرانية كييف لمشاهدة نهائي مسابقة دوري أبطال أوروبا (فاز ريال 3 – 1). لكن إيفان الخبير بالشؤون الروسية يؤكد أنه «في موسكو، هناك مسعى لتحقيق التوازن لأن العرض ضخم. لكن في المدن حيث لا توجد بنية تحتية كافية، مثل سارانسك أو نيجني نوفغورود، الأسعار تشهد ارتفاعا هائلا». وهناك مشكلة شائكة أخرى، متمثلة بمسألة التسامح في المجتمع الروسي. بذل جهد كبير «لتدريب المتطوعين وقوات الأمن ضد العنصرية»، بحسب ما تشير لفرانس برس الألمانية سيلفيا شينك، من منظمة الشفافية الدولية والعضو أيضا في المجلس الاستشاري ل»فيفا» بشأن حقوق الإنسان. لكن مخاطر التجاوزات العنصرية لا تزال قائمة. وتكشف شينك أن «الفيفا يفاوض أيضا مع السلطات الروسية بخصوص مسألة علم قوس القزح»، الذي يرمز إلى المثليين والمثليات وثنائيي الجنس والمتحولين جنسيا، وذلك من أجل «السماح به في الملاعب»، علما بأن القانون الروسي يعاقب على «الدعاية» المثلية بين القاصرين. وأكدت شينك أن السلطات الروسية طمأنت بأنه لن تتم ملاحقة أي شخص مثلي.