شهر رمضان الأبرك لا تقتصر منافعه على ما هو روحي فحسب، بل تمتد لتشمل منافع بدنية نتيجة للصيام، خاصة منها تلك التي تتعلق بالجهاز الهضمي، إذ لا يخفى على أحد أن الإسراف في الأكل يؤدي إلى اضطرابات في الجهاز الهضمي، في حين أن الامتناع عنه يساعد على علاجها، فالصيام يريح الجسم بشكل عام، ويريح الجهاز الهضمي بشكل خاص، ويساعد على التقليل من الاضطرابات الهضمية والتقليص من الغازات، كما أنه يساعد على التئام بعض الجروح الصغيرة في المعدة والأمعاء الدقيقة. وفي سياق الفوائد البدنية على مستوى الجهاز الهضمي، فإن الصوم مفيد في حالات عسر الهضم، وفي حالة التشحم الكبدي، إضافة إلى مرض الارتداد المعدي المريئي الذي ينجم عن ارتخاء صمام المريء السفلي، كما أنه يساهم في التقليل من أعراض القولون العصبي، فضلا عن التقليل من الآثار السلبية للتدخين على الجسم. ويتعين على مرضى الجهاز الهضمي استشارة الطبيب قبل بداية شهر رمضان المبارك، وذلك للوقوف على الحالات المرضية للجهاز الهضمى التي لا تتناسب مع الصيام، أو من أجل اتخاذ بعض التدابير المصاحبة للصيام. وجدير بالذكر أن المريض المصاب بقرحة المعدة المزمنة يستطيع الصيام بشرط أن يتناول الأدوية المثبطة لإفرازات المعدة عند السحور وعند الإفطار، لكن بالمقابل فإن المريض الذي يعاني من قرحة حادة، والذي يشكو من آلام شديدة عند الجوع، أو يعاني من آلام توقظه من النوم، يجب عليه الإفطار وعدم الصيام، ونفس الأمر في حالة وجود انتكاسة لقرحة مزمنة أو وجود مضاعفات للقرحة، مثل النزيف الدموي أو في حالة عدم التئامها بالرغم من متابعة العلاج الدوائي. وبالإضافة إلى هاته الحالات المرضية التي سردناها والتي يجب الامتناع فيها عن الصيام، نجد كذلك مرض الإسهال الحاد الذي يفقد فيه المريض كميات هامة من الماء والأملاح المعدنية ويتعرض معه الصائم إلى خطر الاجتفاف وعواقبه السلبية على الجسم، كما ينصح الأطباء بعدم الصوم في حالة الالتهاب الكبدي الفيروسي الحاد والالتهاب الكبدي المزمن المتقدم مع تشمع الكبد، ويجب تنبيه الصائمين الذين يعانون من آفات للجهاز الهضمي إلى أن المستعجلات في بلادنا تعرف ارتفاع حالات النزف للجهاز الهضمي العلوي في رمضان، خاصة بالنسبة للأشخاص الذين يهملون حالتهم الصحية ولا يقومون بالاستشارة الطبية اللازمة قبل بداية شهر رمضان، أو الذين ينقطعون عن متابعة العلاجات الموصفة من طرف طبيبهم المعالج. ويترتب عن النزف الهضمي العلوي إما تقيؤ للدم، أو براز أسود، وقد يؤدي إلى صدمة نزفية، ومن أسباب النزف الهضمي العلوي، نجد تقرحات معدية، ارتفاع ضغط الشريان البابي، أدوية من قبيل مضادات الالتهاب، أورام وأسباب أخرى، ويتطلب النزف الهضمي إجراءات سريعة وفعالة، فهو بالنظر إلى أنه بإمكانه أن يؤدي إلى التأثير على الحالة العامة للدورة الدموية، فقد يترتب عن ذلك صدمة نزفية، كما يمكن للنزف الهضمي أن يعاود الكرة بعد التوقف، فأمام كل حالة نزف يجب استشفاء المريض في قسم العناية المركزة، مع خضوعه للإنعاش حتى تستقر حالته الصحية، ويكون العلاج حسب السبب المؤدي إلى النزف.