لم تكن ليلة 13 ماي ليلة عادية بالساحة الأثرية باب المكيتة بفاس، هذه الساحة التي تذكرنا بعبقرية الملك الحسن الأول الذي انفتح على الحضارة الغربية المعاصرة، حيث بعث مجموعة من الشباب المغربي إلى أوروبا لمتابعة الدراسات في مجالات علمية عديدة وجعل من هذه الساحة مصنعا لصناعة الأسلحة لمواجهة أعداء المغرب. وقد أضفت الأضواء المختلفة الألوان على المكان بهاء ورونقا رائعين، كما غصت الساحة بجمهور غفير من عشاق الموسيقى من مختلف الأعمار الذين هبوا إلى فاس من عدد من جهات المغرب ليستمتعوا بألوان موسيقية امازيغية و شعبية و فن الفلامينكو الأندلسي . البداية كانت مع فرقة الفنانة ماريا فلامينكا من الجارة الاسبانية، هذه المجموعة التي أتحفت الجماهير بمواويل و أغاني أندلسية و إيقاعات متنوعة جسدتها الفنانة ماريا برقصات معبرة تارة عن الفرحة، و أخرى عن فراق الحبيب.. ، مما أعطى لهذه اللوحات جمالية لا توصف. ومن قلب الجبال الأطلسية الشامخة و مدينة خنيفرة الرائعة، هب الفنان المغربي حوسي 46 إلى فاس للمشاركة في مهرجان الثقافة الأمازيغية المنظم تحت شعار الثقافة الامازيغية و مستقبل الديمقراطية تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، و كان مصحوبا بفرقة موسيقية متكاملة في طليعتها مجموعة من الراقصات اللائي ارتدين لباسا أمازيغيا موحدا و قدمن لوحات راقصة على إيقاعات موسيقية مغربية من موروثنا الثقافي الامازيغي. الجدير بالذكر أن هذا الفنان صاحب الصوت الشجي أدخل عددا من الآلات الموسيقية الغربية من بينها «اللورك» والطبل العصري..، مما جعل موسيقاه تثير الإعجاب ليفتتح «ريبيطواره» الفني بأغنيته الشهيرة «أغراس»، ثم تلاها بمجموعة من القطع الرائعة التي تجاوب معها الجمهور وصفق لها كثيرا ليؤدي بعد ذلك أغنية شهيرة له بالدارجة المغربية تحت عنوان « أنا تنموت عليه»، هذه الأغنية التي كانت الجماهير ترددها معه مرفوقة بلوحات راقصة. وكان ختام السهرة مع الفنانة المتألقة دنيا باطما، سفيرة الموسيقى المغربية عبر العالم العربي، حيث استقبلت استقبالا حارا تخلل ذلك زغاريد عاشقاتها وعشاقها الشباب الذين لم ينضبطوا في أماكنهم ليحاصروا المنصة ويخلقوا نوعا من الاحتفالية، رافضين الانضباط للجنة المنظمة، وقد انبهرت دنيا بهذه الحفاوة لتشكر الجمهور الحاضر، و لتؤكد ان مشاركتها في المهرجان سوف تضعها في أولويات مشاركاتها الفنية، لتستهل عرضها الفني بعدد من أغانيها الناجحة وأداء مجموعة من القطع المغربية الشعبية من بينها الرائعة « علاش يا غزالي «لتنتقل بعد ذلك لأداء» ريبيرطوار «من الأغاني الشعبية والغيوانية التي اهتز لها الشباب والشابات، الذين رقصوا، حيث حملتهم دنيا بصوتها الدافئ إلى عالم الأحلام والحب و الهيام على إيقاعات جوق المايسترو الشاب الشرقاني عازف الكمان المبدع . وخلال هذه السهرة الفنية تم تكريم الفنانة دنيا من طرف منظمي المهرجان، حيث قدم لها درع الدورة الكاتب المغربي الفرنكفوني سفير الثقافة المغربية بالعالم صاحب رواية الليلة المقدسة الطاهر بنجلون، كما تم تكريم الفنان حوسي 46 الذي قدم له درع الدورة الدكتور موحي الناجي مؤسس مهرجان الثقافة الامازيغية.