ما الدنيا سوى درب يبحث عن دربه، وما نحن سوى خيالات تبحث عن سلامها، فَسَلِّم على أثار الخطو في رحلتك، على نبض الماء في صحراء سَعيك، على ظلال اللوز الأحمق! لا تنس بسمة المشمش الحزينة! لا تنس دعاء الشفق، حين يجمع النهار أوصاله ويرحل! لا تنس نظرة أمك، حين تعجن لك الرضا خبزا، تنسج لك الدعاء جلبابا! لا تنس نبرة أبيك، حين يشمر على ساعديه عزما! تزود بما يقوله الصمت في أزقة الأسئلة! البِسْ صُفرة الزعفران، خضرة أوراق التين، حمرة الجلنار! ابسط كفيكَ سجادة تصلي عليها أناملك، وانشر سلامك في هذا الزمن دينا! لا تنتظر من يؤمن بك! تعلم أن تُقايضَ النهارات بالليالي! لا تندم أبدا! فما نحن إلا كالظلال في مغارة الآلهة، حَلُم بنا إله الشمس ذات شروق، فكنا أهرامات مصلوبة على بوابة النيل تتضرع للسماء كما تتضرع النساء ساعة مخاض عسير. اشْتَهتنا آلهةُ الخصب ذات ربيع، فكنا سنابل قمح تحصدها مناجل الغدر في كل الأمكنة، في قلوبنا… فأي إله يا صاحبي يموت نيابة عنا؟ النسور تدربت على قضم الأكباد. استحوذ الظلام على الضياء. لم يبق لنا سوى الكلاب، فلا تنتظر منها شيئا. النباح لم يعد يحمي الديار. لا تندم أبدا! أَخبر زمنك أننا صرنا أزمنة عارية تسكنها الوطاويط! تعوي في أزقتها الذئاب الجائعة. لا تندم ابدا! سُقْ ما لديك من فرح إلى المعركة! حاربهم ببسمتك، وانتصر على هزيمتك الكبرى! إنسيتك….