مع اقتراب فاتح ماي، يحتد السؤال حول القرارات الفعلية، التي ستعلن عنها حكومة سعد الدين العثماني، بخصوص الزيادات في الأجور، للتخفيف نسبيا من الارتفاع الذي عرفته الأسعار، والذي تضاعفت وتيرته منذ أن دخلت الحكومة السابقة، تحت رئاسة عبد الإله بنكيران، في سياسة تحريرالأسعار والتخلي التدريجي عن صندوق المقاصة. ويبدو من خلال الأخبار التي تسربت عن الحوار الاجتماعي بين الحكومة والنقابات، أن عرض الحكومة هزيل، ولا يرقى إلى انتظاراتها، حيث تعتبر أنه من الضروري الإعلان عن زيادات شاملة في الأجور وفي التعويضات العائلية، للاستجابة للحد الأدنى من متطلبات الحياة، في وضع يتميز باستمرار الغلاء والزيادات في بعض الضرائب، وعجز الاقتصاد عن توفير مناصب شغل كافية، بالإضافة إلى تبعات تحرير صرف الدرهم، وغيرها من القرارات التي تؤثر بشكل سلبي على القدرة الشرائية للمواطنين، من الفئات الفقيرة والمتوسطة، ومن بينها الشغيلة، التي ترى يوميا كيف تتآكل هذه القدرة الشرائية، في ظل ضعف الخدمات التربوية والصحية والاجتماعية. و من المعلوم أن الحوار الاجتماعي، الذي كان مؤسسا بين الحكومة والمركزيات النقابية، قد تم التخلي عن طابعه المؤسسي، من طرف بنكيران، ولم تتمكن الحكومة الحالية من استئنافه بالشكل الذي كان عليه، قبل سنة 2011 ، مما يعني تجميد الزيادات في الأجور والتعويضات، مقابل الغلاء الذي يزحف باستمرار. غير أن النقابات لا تطالب بالزيادات، فقط، بل أيضا بمكتسبات أخرى ضرورية، مثل تحسين منظومة الحماية الاجتماعية، وضمان ممارسة الحقوق النقابية، في وقت حصلت فيه تراجعات في ملف التقاعد، وتكريس سياسة التقشف في كل ما هو اجتماعي، رغم مطالبة بعض الأطراف، في الأغلبية الحكومية بعكس ذلك. فقد عرفت مناقشة ميزانية السنة الحالية، خلافات بين أطراف الأغلبية، حيث طالبت فرق الاتحاد الاشتراكي في مجلسي النواب والمستشارين، من حكومة سعد الدين العثماني، تعديل بنودها، في كل ما يتعلق بالشق الاجتماعي، لكن الجواب كان هو الرفض المطلق.