نظمت مؤسسة أونا، والجمعية المغربية للنقد الفني قراءة في كتاب "الفن التشكيلي بالمملكة المغربية" ل"موليم العروسي" أنجزها الناقدان التشكيليان: "بوجمعة أشفري" و "بنيونس عميروش". الأولى؛ بعنوان: "تاريخ الفن بالمغرب على سرير التنويم الجمالي" والثانية؛ موسومة ب"موليم :تاريخ الفن منذ البداية إلى اليوم. وتفاعلا مع هاتين القراءتين، ومداخلات الحضورومناقشاتهم، تدخل موليم العروسي، لينفي بادئ ذي بدء صفة الناقد في كتاباته حول الفن. فبين الناقد الفني والباحث الجمالي يعلن اختاياره الآتي: "مهنتي هي الفلسفة" وهو في تعقب الأعمال الفنية، وقراءتها يتوسل المنهج الفلسفي، وتحديدا الفينومينولوجيا؛ ينطلق من الفلسفة للتوجه إلى العمل، ثم يقوم ب"تقشيره" عن طريق استبعاد كل الأحكام المسبقة حوله، وترك الموضوع ينقاد، بكل سلاسة نحو الذات العارفة. موليم العروسي مناور حاذق حينما يتعلق الأمر بتأطيره في خانة معينة، فهو يشتغل على فتح الحدود بين الأنساق المغلقة، ويقاوم الرغبة في السكن داخل كل الأنساق، بما فيها الفلسفة عينها، في نسقها الداخلي. الانطلاق من التفكير أي ما تعلمنا الفلسفة إياه- حسب هيجل- وهو ما يفقده الكثيرون حينما يتكلمون بإطناب باسم الفلسفة وينسون الفكر، وتلك حال مدرسي الفلسفة- كما يقول- أي تلك الفئة الرابعة من الفلاسفة التي تحدث عنها "يورغينهابرماس" التي لا تنصت إلا لقلب النصوص وتصم عن نبضات قلب الأشياء والإنسان والمفاهيم. موليم العروسي يقيم على هامش النقد، ويبدو كذلك أنه على هامش الفلسفة، كما هو حال عبد الكبير الخطيبي الذي ينزعج من كل تأطير حينما يصرح قائلا: " يريد الآخرون أن يصنفوني في خانة ما؛ والحال أني ممتهن لقياس المساحات" قائس مساحات على شاكلة صديقه الفكري عبد الكبير الخطيبي، وإن كان يضعه في مقام "أستاذه" بدل صديقه. يذكر موليم عملا بعنوان:" فنانو دكالة هبة الأرض" بتوقيع مشترك مع عبد الكبير الخطيبي(94-95) وهو توقيع ملغز يختلط فيه الأمربمن أين يبدأ أحدهما واين ينتهي الآخر.وهي وضعية تصورها استعارة الوردة والنحلة التي استعملها "بروست"، وتوقف عندها "جيل دولوز" لتمثيل الكتابة المشتركة بينه وبين "فيليكسغاتاري". غريب محترف مثل الخطيبي الذي كان يحلو له أن يقدم نفسه: – غريب محترف، قال. – يا لها من مهنة غريبة! – إنها ليست مهنة. بل هي موقف متحرك في العالم. فباستطاعتنا عبور الحدود: بين اللغات، بين الحضارات، وبين الأسواق. ويوم ما سنتوقف للتأمل. – أنت هناك، صديقي! قالت. – نعم، نعم، أنا دائما هناك. عندما يبحثون عني، سيجدونني على الطريق- نقي الطوية" ينتقد تاريخانية عبد الله العروي مثلما انتقدها عبد الكبير الخطيبي، ويعترض على مشروعه الفكري، لشموليته ونزوعه الأحدي، وانغلاقه المفاهيمي، لأن المفاهيم حسب موليم لعروسي لا تكون جامدة مأسورة في تعريف نهائي. كتاب موليم العروسي:" الفن التشكيلي البصري الحديث والمعاصر في المغرب" والذي سيحل مكانه عنوان آخر لإكراهات خارجة عن إرادة مؤلفه؛ كتب بأياد متعددة كما وصفه الناقد التشكيلي بنيونس عميروش. *محمد معطسيم مدرس فلسفة وباحث