يخلد المغرب يوم غد الجمعة فعاليات اليوم الوطني للمعاق، الذي يشكل لحظة للتأمل في واقع هذه الفئة التي يصل عددها، وفقا للبحث الوطني الثاني حول الإعاقة بالمغرب ،إلى أكثر من مليوني مواطن مغربي، من الجنسين ومن مختلف الفئات العمرية، وبتعدد الإعاقات، وذلك بنسبة انتشار تصل إلى 6.8 في المئة، علما بأن المغرب لم يكن يتوفر على معطيات وإحصائيات رسمية حول مجال الإعاقة، وكان يعتمد فقط على تقديرات الإسقاط الإحصائي للمنظمة العالمية للصحة إلى حدود سنة 2004، حين قامت كتابة الدولة المكلفة بالأسرة والطفولة والأشخاص المعاقين بإنجاز بحث وطني حول الإعاقة، الأول من نوعه في المغرب بدعم الاتحاد الأوروبي في إطار برنامج MEDA، والذي حدد نسبة الإعاقة في 5.12 في المئة، ثم جاء البحث الوطني الثاني في 2014، بعد مرور عشر سنوات، الذي أشرفت عليه وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، والذي وقف عند أرقام مؤلمة، تتطلب معالجة جذرية، لاتقف عند حدود الاتفاقيات والمذكرات النظرية، وإنما يجب أن تتطور إلى التفعيل والأجرأة، بالنظر إلى أن العديد ممن يعانون من إعاقة هم محرومون من حقوق موثقة لكنها غير مفعّلة؟ البحث الوطني الثاني حول انتشار الإعاقة بالمغرب، بلغة الأرقام القابلة للارتفاع اليوم بعد مرور 4 سنوات، أوضح أن أسرة واحدة من بين أربع أسر في المغرب معنية بالإعاقة، أي بنسبة 24.5 في المئة من مجموع عدد الأسر، نسبة 52 في المئة من الأشخاص في وضعية إعاقة هم من الإناث. وأبرزت خلاصات البحث أن معدل انتشار الإعاقة يعرف تصاعدا عند الأشخاص كبار السن، في الفئة العمرية من 60 سنة، إذ يصل إلى 33.7 في المئة، بينما يصل إلى 4.8 في المئة بالنسبة للأشخاص مابين 15 إلى 59 سنة، ويمثل 1.8 في المئة لدى الأشخاص أقل من 15 سنة. ويعتبر القصور الحركي الأكثر انتشارا في صفوف الأشخاص في وضعية إعاقة بنسبة 50.20 في المئة، ويحتل القصور الذهني المرتبة الثانية بنسبة 25.1% ، متبوعا بالبصري في المرتبة الثالثة بنسبة 23.8%، أخذا بعين الاعتبار أن 6.8 في المئة من الأشخاص في وضعية إعاقة أٌقل من 18 سنة، هم أيتام الأب أو الأم أو هما معا. أرقام تسائل الجميع، من مؤسسات للدولة وجمعيات للمجتمع المدني، وعموم المتدخلين، عما قدّموه لهذه الفئة من المجتمع، فالأشخاص في وضعية إعاقة هم يعانون الأمرّين، ماديا ومعنويا، عضويا ونفسيا، بسبب مصادرة العديد من الحقوق، كما هو الحال بالنسبة لفئة الأطفال التوحديين الذين يجدون إكراهات بالجملة من أجل الاستفادة من الدمج المدرسي والالتحاق بمقعد دراسي داخل فصل إلى جانب باقي التلاميذ «الأسوياء»، ويجد الأشخاص الذين يعانون من إعاقة حركية، صعوبة إلى غاية اليوم على مستوى الولوجيات، وحين استعمال وسائل النقل العمومية، ونفس الأمر بالنسبة لمن لديهم إعاقة بصرية، الذين يفتقدون لممرات ومسالك خاصة بهم، وإجراءات على مستوى السير والجولان المعمول بها في دول أخرى، دون الحديث عن إكراهات أخرى، تهم عدم الاستفادة من أنظمة الحماية الاجتماعية، إذ أكد البحث الوطني الثاني أن نسبة 66.9 % من المعنيين عبروا عن صعوبة الولوج لنظام المساعدة الطبية، بسبب الإجراءات الإدارية المعقدة، و 62.7 % اعترضتهم إكراهات مالية للانخراط في نظام الضمان الاجتماعي، في حين أن نسبة 15.2 % أفصحوا عن كونهم فقدوا حقوقهم الاجتماعية بسبب إعاقتهم! أرقام تنطق مرارة، وإن كانت قد لاتكشف بدقّة عن حقيقة الوضع الذي يعيشه عدد كبير من الأشخاص الذين يعانون إعاقة من الإعاقات، هم وأسرهم، لأنه إذا أمكن للبعض الاستمرار في الحياة نتيجة للتكافل الأسري بكيفية من الكيفيات، واستفاد آخرون من وساطة الهيئات المختصة والمؤسسات، فإن آخرين هم محرومون، مسجونون، ومنهم حتى المقيّدون إلى أغلال بالنظر لطبيعة الإعاقة غير المشخّصة، أو التي لايستطيعون لعلاجها سبيلا، فيُهمل صاحبها وينبذ، ويعيش الإعاقة والفاقة والمعاناة أضعافا مضاعفة، مهملا في رقعة فضاء مغلق، أو منبوذا في الشارع العام، الأمر الذي يتطلب تحركا جماعيا، لتذليل الصعاب وتجاوز المعيقات والإكراهات، والانطلاق من الشكلية منها التي تأسر بعض العقليات، لفكّ طلاسمها، إذ لايعقل لحدّ الساعة، أن يحرم معاق من التمدرس، وأن تحول أدراج بين آخر وولوجه إلى مرفق من المرافق، أو يتعذر على واحد ركوب حافلة للذهاب نحو وجهته، فتقيّد حرّيته في التجوال بشكل من الأشكال؟