سجل أمس الأربعاء أول إطلالة للسينما المغربية المشاركة في المنافسة الرسمية لمهرجان تطوان لسينما البحر الابيض المتوسط، التي قدمت لنا حتى حدود اللحظة في هاته الدورة أفلاما جيدة، تفاوتت قيمتها من حيث قوة الموضوع ومقاربته الفنية والجمالية.. وقد تم هذا التسجيل مع الفيلم السينمائي الروائي الطويل «ولولة الروح» للمخرج عبد الإله الجوهري، مخرج الفيلم الوثائقي الناجح «رجاء بنت الملاح»، الذي توج بالعديد من الجوائز في مهرجانات و طنية ودولية..، ويعد الفيلم الجديد هذا، أول تجربة له في إخراج الفيلم الروائي الطويل، الذي كان موضوع مشاركة ومنافسة في المهرجان الوطني للفيلم بطنجة في دورته التاسعة عشرة، غير أن الجوهري اعتبر مشاركته فيها لاغية ، باعتبار أن ظروف عرض ّ«الولولة» التي لم تكن مناسبة و«عادلة» مقارنة ببقية العروض السينمائية الوطنية الأخرى. ويراهن الجوهري- كما جاء في تصريح خاص ل «الاتحاد الاشتراكي» في وقت سابق- على المشاركة الحالية بمهرجان تطوان السينمائي ليكشف عن الجماليات الحقيقية، التي يقدمها فيلمه الجديد، باعتبار المواصفات السينمائية الجيدة التي تتوفر عليها قاعة سينما «افينيدا» على مستوى الصورة والصوت، وبالتالي أكد في التصريح ذاته، أن هاته المشاركة تعتبر لديه أول خروج رسمي له أمام العموم.. في هذا السياق قدم الجوهري، العائد توا من مدينة لاهاي الهولاندية بعد مشاركته في لجنة تحكيم مهرجان «مينا»، فيلمه هذا (95 دقيقة – 2018) أمام جمهور تطوان السينمائي،، وقد أراد فيه، إلى جانب السيناريست عثمان أشقرا، أن يحتفي بفن العيطة، ويحاول رد الاعتبار لمرحلة تاريخية مر بها المغرب المعاصر، من خلال قصة إدريس، طالب الفلسفة السابق، الذي التحق بسلك الشرطة في مطالع السبعينيات من القرن الماضي وعين بالمدينة الفوسفاطية خريبكة ، التي سيحتك بواسطتها بحركة نضالية يسارية..، كما يتعرف في الوقت نفسه على الشيخ الروحاني والفنانة الشعبية الزوهرة ليكتشف معهما فن العيطة ومعاني الحكمة والوفاء للمباديء. وقد اختار الجوهري لتشخيص أحداث فيلمه كلا من يوسف عربي وسعيدة باعدي وجيهان كمال ومحمد الرزين وحسن باديدا وعبد النبي البنيوي وعبد الحق بلمجاهد وصلاح ديزان وبنعيسى الجيراري.. الفيلم الثاني، الروائي الطويل ، الذي كان لجمهور تطوان فرصة متابعته كان هو الشريط الإيطالي «فيلينوّ (103 دقيقة – 2017) للمخرج دييغو اوليفاريس،، وهو فيلم اجتماعي، يناقش تيمة البيئة، التي أضحت تؤرق الجميع وتشكل أخطر التهديدات لحياة البشرية جمعاء في وقتنا المعاصر.. وذلك من منظور درامي صرف، من خلال حكاية الثنائي «كوسيمو» و«روزاريا» اللذين يستميتان للمحافظة على مزرعتهما و على ماشيتهما وحمايتها من التلوث بسبب النفايات السامة التي تستغلها منظمة «كومورا»، التي تمارس عليهما ضغطا كبيرا للاستيلاء على أرضهما المحاذية للأرض التي تدفن فيها النفايات.. من جهة المسابقة غير الرسمية للأفلام الوثائقية للدورة 24 ، كان موعد جمهور المهرجان في اليوم نفسه مع فيلمين في إطار فقرة («استعادةّ»، من ضفة متوسطية إلى أخرى) ، الاول فرنسي يحمل عنوان «شعار» (75 دقيقة – 2012) للمخرج رشيد جيداني، و الثاني فرنسي، أيضا، للمخرج ذاته بعنوان «طواف فرنسا» ( 95 دقيقة- 2016). لكن أهم ما ميز الأمسية السينمائية لأول أمس الأربعاء على مستوى الفيلم المغربي، إضافة إلى برمجة «ولولة الروح» لعبد الإله الجوهري، كان هو فيلم «بورن أوت» للمخرج نور الدين لخماري، المتنافس مؤخرا في المسابقة الرسمية في المهرجان الوطني للفيلم بطنجة في دورته الأخيرة. وقد حظي الفيلم هذا بمتابعة محترمة، بالنظر لقيمة أعمال لخماري، التي تدخل في نطاق «سينما المدينة» التي تستقطب إليها جمهورا سينمائيا واسعا بما فيها فيلمه الأخير، الذي يشكل واحدا من ثلاثيته السينمائية حول الدارالبيضاء، ويعالج من خلاله «مواضيع الفوارق الطبقية في هذه المدينة العملاقة من خلال قصة يمرر عبرها رسالة تفيد أن الحب هو القيمة الوحيدة لتلاشي الفوارق، معالجا في الوقت نفسه العديد من الظواهر الاجتماعية مثل الاجهاض والتناقض في القيم و الممارسات المختلة. هي حكاية تأتي بها المصادفات العفوية ويبدو فيها أشخاص عاديون وهم يواجهون بشجاعة و استعداد للتضحية، وضعيات صعبة..»