في إحدى مصحات الدارالبيضاء يصارع الفنان المغربي الكبير عموري مبارك مرضه الذي صيره منهكا رغم العناية المركزة للطاقم الطبي الساهر على علاجه. الفنان عموري مبارك، كما يعرفه جمهوره المتتبع لمسيرته الفنية ، كان لا يقبل غناء قصيدة إلا إذا كانت في المستوى المطلوب من حيث وحدة الموضوع ومن حيث معالجة ظاهرة ما. يتوفر على موهبة نادرة وإحساس فني مرهف ولا يستطيع النزول إلى حيث جماهير الأغنية المدغدغة للعواطف ولا يستطيع الجمهور أن يصعد إلى حيث هو محلق في فضاء الفن الرفيع جمهوره النخبة المثقفة ممن يتذوقون عصارات الكلمات الهادفة والألحان الرائعة إضافة إلى حنجرته الموصلة في السبعينيات رافق مجموعته أوسمان إلى فرنسا وغنى وسجل في القاعة الألومبيا بحضور جماهير غفيرة، وشارك في عدة مهرجانات رفقة مجموعته المشار إليها داخل الوطن وخارجه، ولما تفرقت مجموعة أوسمان كغيرها من المجموعات، ظل وفيا للأغنية المغربية الأمازيغية المعاصرة، وأصدر العديد من الأشرطة الرائعة. حصل على الجائزة المغربية للموسيقى بالمحمدية بأغنيته جانبيليي من كلمات الشاعر المرحوم علي أزايكو وتم تكريمه في أكثر من مهرجان ومن أغانيه الرائعة تابرات الرسالة وتازويت النحلة ومثيلاتها، زرته في مصحته فور إشعاري بمرضه وتألمت لحالته الصحية ولوجوده وحيدا إلى جانب مريض آخر في نفس الحجرة. تساءلت عن جحود الجمهور والمؤسسات الثقافية والجهات المسؤولة، كلما تعلق الأمر بمرض فنان كان قبل مرضه يشقى في سبيل إسعاد الآخرين ؟ ألا يستحق هذا الهرم الفني أن ينقل من طرف الجهات المسؤولة ليعالج خارج الوطن حيث تتوفر إمكانيات العلاج أكثر ؟ قلت له ألم يزرك أحد ؟ وهل اتصلت إحدى القنوات التلفزيونية لزيارتك ليطلع جمهورك على حالتك ؟ أجاب بأنفته المعهودة ؛ رجائي يا صديقي أن لا تخبر أحدا، أريد أن أعيش مرضي وحدي أحاوره ويحاورني أطلب من الله الشفاء. ومع ذلك ووفاء للرسالة الإعلامية قررت أن أكتب هذه السطور وأن لا أكون من الذين يتحدثون فقط عن فلان وفلان بعد وفاتهم ومستسمحا صديقي الذي غنى العديد من قصائدي لولاه لما وصلت إلى جمهور يقرأ بأذنيه ويكتب بشفتيه. أتمنى لك الشفاء العاجل لتعود بصحة جيدة إلى ابنك وزوجتك وجمهورك وفنك.