كثيرون من رواد معرض الدارالبيضاء الدولي للنشر والكتاب سعدوا، خلال دورة المعرض الأخيرة التي انعقدت من 13 إلى 23 فبراير الماضي، وهم يكتشفون في رواق إحدى دور النشر البيضاوية طبعة لترجمة رواية "عالم صوفي" للكاتب النرويجي وأستاذ الفلسفة وتاريخ الفكر جوستاين غاردر. العديد من هؤلاء امتلكتهم مشاعر الفخر في جناح دار النشر المغربية تلك، وكيف لا وهي تعرض نسخا من إحدى أهم روايات العشرية الأخيرة من القرن العشرين، الرواية المتمحورة حول تاريخ الفلسفة التي ترجمت إلى ما لا يقل عن 54 لغة؟ لكن الافتخار "بفتح دار النشر الوطنية المبين" هذا سيتحول لاحقا إلى شعور بالامتعاض بعد أن تبين بأن أصحاب الدار لم يحققوا أدنى فتح، ولم يفعلوا سوى تلويث سمعة المغرب الثقافي وناشريه المحترمين، لكون طبعة الرواية تلك مقرصنة ومزيفة، ولأن مستنسخيها مارسوا، مع سبق الإصرار والترصد، "جرم التعدي على حقوق المؤلف والحقوق المجاورة"، بالإضافة "للمضاربة غير المشروعة" وفق منطوق قرار صادر عن اللجنة العربية للملكية الفكرية. يعود أصل الحكاية، التي تمرغت بفعلها مصداقية المغرب الثقافي في الوحل، إلى دورة معرض الرياض للكتاب المنعقدة في النصف الأول من مارس 2014. وهي تتجول في أحد أجنحة دور النشر المغربية الستة المشاركة في الدورة، فركت السيدة منى هنينغ زريقات، صاحبة دار المنى للنشر الواقع مقرها بالسويد، عينيها طويلا وهي تكتشف، في الجناح ذاك، نسخا معروضة للاقتناء من طبعة عربية من "عالم صوفي" تحمل اسم مؤسستها. قلبت المواطنة الأردنية الأصل صفحات إحدى النسخ، فاكتشفت أن ورقها مختلف جدا عن الورق الذي تستعمله دار نشرها، ما أكد لها أن الطبعة مقلدة ومزيفة، وأن حقوقها (ومعها حقوق المؤلف) قد تعرضت للسطو، وكيف لا ودار المنى تمتلك، دون غيرها، جميع حقوق نشر الرواية بالعربية كما هو مثبت في عقد مبرم مع ناشر العمل بلغته الأصلية؟ تقدمت السيدة منى هنينغ زريقات بشكاية ضد الناشر/الطابع المغربي إلى إدارة معرض الرياض، وكذا إلى اللجنة العربية للملكية الفكرية. وقد تبث للجنة، بعد المقارنة بين النسخة الأصلية والنسخة "المغربية" المضبوطة في جناح الدار البيضاوية، أن الثانية مقلدة ومختلفة طباعيا عن الأولى، وأنها تحمل اسم دار المنى مما يشكل اغتصابا للحقوق التجارية للدار وكذا للملكية الفكرية. وقبل قبول الشكوى والانحياز موضوعيا لدار النشر المسجلة في السويد، وتقرير مؤازرتها أمام المحاكم إذا اقتضى الأمر ذلك، راسلت اللجنة المدعى عليهم المغاربة مرتين، محيطة إياهم علما بالتهم الموجهة ضدهم في النازلة، لكنهم لم يستجيبوا لرد الدفوع، ما جعل اللجنة تعتبر عدم جوابهم بمثابة اعتراف ضمني بصدقية التهم وعجزهم عن ردها. أكدت اللجنة العربية للملكية الفكرية إذن ثبوت الجرم "المغربي"، وهو ما يترتب عنه عدم قبول مشاركة الناشر البيضاوي المعني "في المعارض العربية كافة ما لم يعوض على دار المنى ويثبت حسن نيته ويبرئ ذمته". ألا تقتضي بشاعة ما طال صورة ومصداقية الناشرين المغاربة من تشويه بسبب هذه الممارسة المشينة ردا وموقفا صارمين من قبل المغرب الثقافي بكل مكوناته، ومنها المتدخلون في مجال صناعة الكتاب وتوزيعه؟ وهل يجوز الارتكان إلى مبدأ "انصر أخاك ظالما أو مظلوما" في زلة من هذا العيار، علما أن صفحة الفضيحة لم تقلب بعد وأن تفاعلاتها قد تعم ردهات المحاكم؟ عفوا أيها الناشرون المغاربة النزهاء الذين يحترمون حقوق التأليف والملكية الفكرية والحقوق المجاورة، لكن رائحة سمكة "المركز" الناشر النتنة التي تنبعث من بين أوراق طبعة "عالم صوفي" المزيفة لتنتشر في ربوع عوالم الكتاب والنشر على المستوى "العربي" قد تجعل أصابع الاتهام تتوجه لكم جميعا، الصالح منكم والطالح!