في عرس نضالي احتفالي، امتزج فيه الموقف السياسي بالحس الأدبي والفني، أعلنت اتحاديات مدينة الدارالبيضاء عن افتتاح مؤتمراتهن الإقليمية مساء يوم الجمعة 19 شتنبر الجاري، بقاعة المركب الثقافي سيدي بليوط، الذي غصت جنباته بالنساء من مختلف الفئات العمرية والمشارب والحقول، في تنوع يعكس غنى وتعدد التركيبة المجتمعية للمرأة المغربية. حفل افتتاحي لمؤتمرات المنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات اللواتي تشبثن بشعار المؤتمر الوطني السابع لهن لكي يكون نفس تيمة المؤتمرات الإقليمية للدار البيضاء وهو «الدولة المدنية أساس المواطنة الكاملة»، استهلته خديجة راجي بكلمة باسم الكتابة الجهوية للحزب بجهة الدارالبيضاء الكبرى، أكدت من خلالها أن المؤتمر ينعقد في ظل ظرفية وطنية ودولية جد مقلقة عنوانها الكبير انتشار الفقر، والأمراض، والإرهاب، والحروب، وتصاعد الأصوات المنادية باحترام حقوق الإنسان في شموليتها وضمان الأمن والأمان، مشددة على أن الوضعية الراهنة للبلاد على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي تتطلب من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، كونه حزبا اشتراكيا ديمقراطيا، تعبئة لمواجهة الهجوم على مكتسبات وحقوق الشعب المغربي من طرف حكومة فاشلة بقيادة العدالة والتنمية، التي لم تعد قادرة على تدبير الشأن العام بما يستوجب الإجابة على انتظارات المواطنين والمواطنات والاستجابة لحاجياتهم الملحة في الإصلاح في كل القطاعات الاجتماعية والاقتصادية، والعمل على تفعيل المقتضيات الدستورية، والإسراع في وضع الإصلاح على سكته الصحيحة، بدءا بمعالجة الاختلالات البنيوية في كل القطاعات الحيوية بالبلاد من تعليم، وصحة، وسكن، ونقل، وعدل... الخ. خديجة راجي أكدت على أن كل الإحصائيات المتعلقة بالمرأة المغربية تؤكد على دونيتها، مستنكرة تلكؤ الحكومة في تفعيل الدستور في فصله 19 الذي أتى بعد تاريخ طويل من نضالات الحركة النسائية المغربية، والتي كان القطاع النسائي الاتحادي أحد الأعمدة الأساسية المكونة لها، مؤكدة على أن حقوق المرأة هي غير قابلة للتجزيء، وبأن المساواة والحرية شرط من أجل التقدم، مستغربة في ذات الوقت عدم مباشرة الحكومة لآليات التشاور مع المعارضة وكل الفاعلين المدنيين في كيفية تفعيل الفصل 19 وفتح نقاش وحوار وطني حول سلطة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، مشددة على إمكانية الاستئناس بالتجارب الدولية لتحديد الوظائف لكي تقوم الهيئة بأدوارها التي أحدثت لأجلها، مستعرضة عددا من الخطوات الإجرائية المقترحة في هذا الباب، إن على مستوى الشكل أو المضمون، ومن ضمنها القضايا المتعلقة بالمجال الترابي، ثم الإطار التنظيمي، وكذا الجانب المتعلق بالتسيير المالي والإداري. وفي ختام كلمتها أكدت عضو الكتابة الجهوية على أن الحزب سيواصل نضاله المستميت من أجل الدفاع عن القضايا العادلة للشعب المغربي وفي مقدمتها قضية النساء، مثمنة ما تقوم به المنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات من عمل دؤوب على المستوى الوطني والذي أثمر عن تأسيس عدة فروع بما يخدم الحزب في معركته من اجل الديمقراطية والمساواة وحقوق الإنسان، مشددة على أن المنظمة النسائية سيكون لها دور ريادي في قيادة الحركة النسائية المغربية لتحقيق المزيد من المكاسب، وهو ما يتطلب المزيد من التعبئة التنظيمية لتمكين النساء من حقوقهن بمشاركتهن وتوعيتهن ومساهمتهن في النضال من أجل تغيير واقع البؤس والحرمان الذي تعيشه ملايين النساء في المغرب. الكاتبة الوطنية للمنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات خدوج السلاسي، عّبرت في كلمتها عن اعتزازها لمشاركة اتحاديات الدارالبيضاء عرسهن التنظيمي، مبرزة أن الدارالبيضاء شهدت افتتاح برنامج الأنشطة الإشعاعية للمنظمة، كما أنها ومن خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمرات الإقليمية تكون شاهدة على انطلاق هذا الورش التنظيمي على الصعيد الوطني، مستحضرة في ذات السياق لحظة خروج خصوم الحزب والديمقراطية والحداثة، خصوم المرأة المغربية الذين أرادوا أن تظل سجينة قيود رجعية، لمواجهة الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية في الدارالبيضاء، لكن في آخر المطاف انتصر صوت الديمقراطيين والحداثيين على امتداد ربوع الوطن. خدوج السلاسي أكدت على أن مؤتمرات البيضاء تنعقد في ذات سياق المؤتمر الوطني السابع للنساء الاتحاديات، وهو سياق قانوني دستوري ما بعد 2011، وما كرسه الدستور من مكتسبات مجسدة في الفصل 19 و 164، مشددة على أن هذا السياق السياسي تطبعه حكومة محافظة تقليدية، صفتها الأساسية الشد إلى الخلف والهجوم على المكتسبات والتقاعس عن تفعيل الدستور، مستدلة على ذلك بالخرجات المتكررة لرئيس الحكومة والوزيرة المسؤولة عن القطاع، وهي خرجات معادية للنساء، عبرت المنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات عن رفضها من خلال بيانات ووقفات احتجاجية، مشددة على أن التصدي الفعلي لها هو الذي تبدأه المنظمة اليوم من خلال تشكيل أجهزة إقليمية من أجل عمل ميداني ، لمواجهة تأنيث الفقر، والبطالة والعنف وما إلى ذلك، مؤكدة أن مادة نضال المنظمة هي مشاكل المرأة المغربية وانتظاراتها بدون تخصيص، وباعتبارها منظمة جمعوية مدنية، تتبنى في عمقها الاشتراكية والحداثة والديمقراطية، فإنها تتوجه إلى عموم النساء المغربيات من مختلف الفئات بكل بقاع المغرب. وفي السياق ذاته شددت الكاتبة الوطنية للمنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات على أن مضمون شعار المؤتمرات الإقليمية للبيضاء الذي هو نفس شعار المؤتمر الوطني السابع المتمثل في الدولة المدنية ليس موجها ضد أحد، وإنما للإعلان عن رفض توظيف الدين في السياسة، وللتأكيد على العقل والحداثة، وللمشاركة السياسية للنساء، والمساواة في الاختلاف الديني، العرقي، النسلي، الجغرافي ...الخ، مرحبة بالاختلاف داخل الوحدة وبالوحدة المكونة من الاختلاف، مؤكدة على أن النساء الاتحاديات لن يكون مطلبهن أقل مما طالبن به عند تأسيس هذا المنعطف التنظيمي في المؤتمر السابع، وبأنهن لم يعدن يكتفين بنماذج نسائية محسوبة ولا بالنسائية الوهمية للدولة، وإنما يطالبن بنسائية مجتمعية وبوعي نسائي مجتمعي، إذ لم تعد المؤشرات الرمزية تكفي للتدليل على ما حققته المرأة المغربية في كل الواجهات، وإنما يجب تحويل الكيف إلى كمّ يصنع الفارق في الاستحقاقات الانتخابية برمتها. بدورها رحاب حنان عضو المكتب السياسي تبنت كلمة الكاتبة الوطنية للمنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات ومعها كلمة الكتابة الجهوية للحزب، في حمولتهما السياسية والتنظيمية، منوهة بمجهودات المناضلات الاتحاديات على صعيد مدينة الدارالبيضاء والخطوات التي قطعنها للتحضير لهذا العرس التنظيمي، مؤكدة على تضامن الحزب مع نضالات المرأة المغربية في كافة المجالات والحقول، مشاطرا آلامهن ومعاناتهن، مشددة على أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية هو مدرسة لكل الأجيال القادمة كما كان عليه دائما، غايته مغرب لكل المغربيات والمغاربة يضمن كرامة، ومواطنة، وعيشا كريما، ومساواة لهم في وطنهم، وطنا متكاملا بتنوعه واختلافه. وكانت رشيدة علالي قد تناولت بدورها كلمة باسم اللجنة التنظيمية وقفت من خلالها عند مجموعة من الأرقام والمؤشرات التي تؤكد على معاناة المرأة المغربية من السياسات العمومية المتبعة في عدة مجالات في مجتمع تعوله النساء بدون حقوق، وخاصة في مجال الشغل ضمن القطاع غير المهيكل، مستعرضة تفاصيل من العنف الممارس في حقهن وتطبيع المجتمع معه باسم الأسرة، وعلاقة الزواج، وحتى باسم القانون، مطالبة بإقرار سياسات عمومية تحمي الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية لنساء المغرب. وقد تخلّلت هذا الحفل الافتتاحي الذي قامت بتسيير فقراته الشاعرة الزجالة والمسرحية زهور الزرييق، قراءات شعرية وزجلية للزجالة زينب لوليدي، ومساهمات فنية من إبداع المتألقة سلمى المختاري، ومجموعة الرضوان، إضافة إلى فقرات أخرى، لقيت تجاوبا كبيرا من طرف كل المؤتمرات.