بعد الضربة التي وجهها للفلسطينيين باعترافه بالقدس عاصمة لاسرائيل، زاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخميس من تصعيد لهجته، مهددا بوقف المساعدة الأمريكيةللفلسطينيين ما لم تعد قيادتهم إلى مفاوضات السلام المتوقفة منذ سنوات. وقال ترامب أثناء لقاء حار مع رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتانياهو، في إطار منتدى دافوس بسويسرا "لقد قللوا (الفلسطينيون) من احترامنا الأسبوع الماضي برفضهم استقبال نائب الرئيس الرائع" مايك بنس. وأضاف "لقد أعطيناهم مئات ملايين" الدولارات و"لن يدفع لهم هذا المال إلا إذا جلسوا وفاوضوا من أجل السلام" علما بأن المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية متوقفة منذ 2014. وجاء الرد الفلسطيني فوريا على ترامب إذ أكدت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي لوكالة فرانس برس أن "عدم لقاء ظالمك ليس دليلا على عدم الاحترام، بل دليل على احترامك لذاتك". وأضافت عشراوي أن "هؤلاء الذين لم يكتفوا بعدم احترام حقوق الفلسطينيين بل وخرقوا القانون الدولي (…) هم هؤلاء في الإدارة الأمريكية الذين قرروا الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل". من جهته، قال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل ابو ردينة لوكالة فرانس برس "نحن نقول ما لم تتراجع الإدارة الأمريكية عن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، فإنها ستبقى خارج الطاولة (المفاوضات)". ودعا أبو ردينة الإدارة الأمريكية إلى "التراجع عن قرارها، والاعتراف بدولة فلسطينوالقدس الشرقية كعاصمة لها، واحترام قرارات مجلس الأمن وقرارات الشرعية الدولية" مؤكدا أن هذا ما يعتبره الفلسطينيون "أساس أي مفاوضات قادمة". وأضاف أن أي طرف "لا يحترم هذه الأسس سيكون خارج الطاولة". بدوره، اعتبر أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات أن ترامب يمارس "الابتزاز" ومعاقبة الشعب الفلسطيني. وأكد في بيان أن تصريحات ترامب في دافوس "تؤكد عدم أهليته لرعاية أي عملية سلمية" مشددا على أن "قضية القدس لم يتم إزاحتها عن طاولة المفاوضات، وإنما تمت إزاحة الولاياتالمتحدة خارج الإجماع الدولي". وانتقد عريقات لغة ترامب "الاستفزازية وإصراره على ممارسة الابتزاز السياسي والمالي وفرض العقوبات، وإلقاء التهديدات والتعليمات على القيادة والشعب الفلسطيني". وأضاف أن على ترامب "التمييز بين الحقوق الأصيلة للشعوب في حقها المشروع والمكفول في القانون الدولي في سيادتها على أرضها وتقرير مصيرها، وبين صفقات الأعمال والمقايضات وفرض الإملاءات". وأكد عريقات أنه "حان الوقت لاتخاذ مبادرات جدية لإنقاذ المنطقة والعالم بأسره من فوضى دولية لا تحمد عقباها". وكانت الرئاسة الفلسطينية قررت مقاطعة بنس أثناء جولة قصيرة شملت إسرائيل والأردن ومصر بين 20 و23 يناير. وقال ترامب الخميس "الموضوع الأصعب في المباحثات كان القدس. سحبنا القدس (من المباحثات) وبالتالي لم تعد موضع تباحث". وأضاف "لدينا اقتراح سلام. أنه اقتراح ممتاز للفلسطينيين (..) سنرى ما سيحدث". وتابع ترامب أن الإسرائيليين "يريدون السلام، وآمل أن يكون الفلسطينيون يريدون السلام. وإذا أرادوا، فإن الجميع سيكون راضيا في النهاية". في هذه الأثناء، اعتبر نتانياهو أن "لا بديل من الولاياتالمتحدة كوسيط نزيه ومسهل (..) ومن الوهم الاعتقاد بإمكان وجود وسيط غيرها". وهاجمت السفيرة الأمريكية في الأممالمتحدة نيكي هايلي الخميس الرئيس الفلسطيني، متهمة إياه بقلة الشجاعة، وقالت "للحصول على نتائج تاريخية نحتاج إلى قادة شجعان". وأجج ترامب الصراع حول القدس في 6 ديسمبر 2017 بإعلانه الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل. وقطع بذلك مع عقود من الإجماع الدولي على وجوب اللجوء إلى المفاوضات لحل النزاع حول المدينة المقدسة التي تشكل إحدى أكثر قضايا التفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين تعقيدا. وقتل منذ ذلك التاريخ 18 فلسطينيا وإسرائيلي واحد في مواجهات وأعمال عنف. واعتبرت الرئاسة الفلسطينية أن قرار ترامب قضى على مصداقية واشنطن كوسيط في جهود السلام. وجمد الرئيس الفلسطيني محمود عباس الاتصالات مع المسؤولين الأمريكيين، وهو يبذل مساعي لحشد الدعم لمشروع الدولة الفلسطينية المستقلة.