يرى خبراء مطلعون على الملف الكوري ان موافقة بيونغ يانغ في نهاية المطاف على استئناف الحوار مع سيول قد تكون ناجمة جزئيا عن الخوف من ان تنفذ الولاياتالمتحدة التهديدات التي أطلقها الرئيس دونالد ترامب بشن حرب. وبعد سنتين من تصاعد التوتر في شبه الجزيرة الكورية، شهد الوضع فجأة هدوءا بعد اول محادثات بين الكوريتين ومع قرار بيونغ يانغ ارسال وفد الى الالعاب الاولمبية الشتوية المرتقبة في الجنوب الشهر المقبل. منذ تولي الزعيم كيم جونغ اون السلطة في 2011 حققت كوريا الشمالية تقدما سريعا نحو تحقيق هدفها تطوير صاروخ يمكن ان يجهز برأس نووي ويمكن ان يضرب الأراضي الأميركية. ومن غير المعروف اذا كانت بالفعل قادرة على اطلاق صاروخ مجهز بقنبلة نووية قادر على الوصول إلى البر الأميركي، لكن تقدمها التكنولوجي والعسكري ساهم في تعزيز موقفها الدبلوماسي تحسبا لاحتمال استئناف المفاوضات. وقال كيم جون اونغ في خطابه بمناسبة رأس السنة ان كوريا الشمالية «يمكنها مواجهة اي تهديد نووي من الولاياتالمتحدة، انها تملك ردعا قويا قادرا على منع الولاياتالمتحدة من اللعب بالنار». لكن بعض الخبراء يرون انه مهما كانت القدرات الفعلية لكوريا الشمالية والإعلانات الصادرة عن اجهزتها الدعائية، فان الخطاب الحربي للرئيس ترامب الذي لا يمكن توقع تصرفاته، ترك في نهاية الامر أثرا لدى نخب النظام الكوري الشمالي، التي قد تكون حاولت خفض حدة التوتر بدافع القلق من احتمال حصول حرب. حضر الكسندر فورونتسوف مدير معهد دراسات الشرق في الاكاديمية الروسية للعلوم في نهاية السنة الماضية عدة اجتماعات في بيونغ يانغ. وكتب على موقع «38 نورث» انه اجتمع مع مسؤولين كوريين شماليين «كانوا يخشون ان تكون الولاياتالمتحدة تحضر ميدان المعركة لعملية عسكرية ضد الشمال». وأضاف «لقد بدوا مندهشين فعلا من ان الجنوب ليس مدركا بان ترامب كان يمضي بحزم نحو الحرب». واكدوا ان بيونغ يانغ «لم يكن لديها اية أوهام حيال هذا الامر. وأشار الى «قلق متزايد» في بيونغ يانغ من انه يجري التحضير لهجوم وان «ساعة الصفر لم تعد بعيدة جدا». وأكد مسؤولو ادارة ترامب عدة مرات ان الخيار العسكري مطروح على الطاولة كما ان الولاياتالمتحدة شاركت في 2017 في عدة مناورات مشتركة مع اليابان وكوريا الجنوبية ونشرت في الوقت نفسه ثلاث حاملات طائرات في المنطقة. ومنذ وصوله الى السلطة أهان ترامب الزعيم الكوري الشمالي عبر وصفه بانه «قصير وسمين» واعدا بصب «النار والغضب» على النظام كما انه عارض علنا وزير خارجيته ريكس تيلرسون حول احتمال اجراء اتصالات مباشرة مع بيونغ يانغ. وبذلك اعتبر عدد من المحللين ان الرئيس يستخدم «نظرية الرجل المجنون» التي كان يلجأ اليها الرئيس الاسبق ريتشارد نيكسون وتقوم على اساس اعطاء الانطباع بان رئيس الولاياتالمتحدة متهور وغير منطقي بهدف اخافة الخصوم وحملهم على تقديم تنازلات. في الجمعية العامة للأمم المتحدة وصل ترامب الى حد التهديد «بالتدمير الكامل» للنظام الكوري الشمالي. واعتبر كيم جونغ اون آنذاك ان هذه التصريحات صادرة عن «مريض عقلي». وكتب آنذاك احد معلقي صحيفة «نيويوركر» انه «لم يتحدث ابدا في السابق زعيمان يترأسان دولتين نوويتين بهذا الوضوح عن مواجهة». ورأى غو ميونغ هيون من معهد «اسان» للدراسات السياسية ان البيت الابيض تمكن من «زرع خوف كبير لدى بيونغ يانغ». وقال ان الكوريين الشماليين «أتوا للمحادثات مع الجنوب لاستعادة بعض المجال الاستراتيجي». وشكر الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي ان نظيره الاميركي على جهوده مشيدا بدوره «المهم جدا». لكن وزير الخارجية الاميركي السابق جون كيري اعتبر من جهته ان تغريدات الرئيس الاميركي خلقت «فوضى سياسية» فيما رأى العديد من الخبراء ان موقف ترامب سيؤتي على المدى الطويل نتائج عكسية. وكتب روبرت كيلي من جامعة بوسان الوطنية في الايام الماضية ان الرئيس الاميركي «كان يتحدث الى الدولة الاخطر في العالم وكأنها ولد لا يطاق». وقال «بصراحة ان ترامب قام ببساطة بتصعيد الامور وخطابه أقنع بالتأكيد النخبة في نظام كيم بان البرنامج النووي قرار حكيم».