تميز الوضع الاقتصادي والسياسي بفرنسا هذه السنة بعدد من التغييرات في الأفق مع وصول اغلبية سياسية بزعامة الرئيس الجديد ايمانييل ماكرون الذي اعلن فتح الورش الاجتماعي أيضا ويسود فرنسا اليوم امل كبير مع وصول اغلبية سياسية جديدة وهذا الامل مرتبط بمدى نجاح الإصلاحات التي يقودها الرئيس الجديد لفهم ما يقع طرحنا السؤال على يونس بلفلاح أستاذ الاقتصاد والعلاقات الدولية بالمدرسة العليا لتجارة بباريس واربا. الأستاذ يونس بلفلاح باعتبارك متتبع لتطورات الاقتصاد الفرنسي ما هي توقعاتك بالنسبة لهذه السنة؟ بالنسبة لتوقعات السنة المقبلة هي سنة حاسمة بالنسبة لرئيس الفرنسي ايمانييل ماكرون،وهي فرصة للانجاز وتحقيق كل ما وعد به،وفرصة لإبراز انه رئيس قادر على التغيير وعلى القطيعة مع كل الممارسات السياسية لأسلافه والاتجاه الاكبر سوف يكون السنة المقبلة وقدرة فرنسا على جلب استثمارات اجنبية مباشرة،وهي نقطة جد مهمة لان فرنسا عليها ان تبرز قدرتها التنافسية لجلب الاستثمارات ولخلق مشاريع كبيرة تكون قادرة على ادماج العديد من القطاعات الاقتصادية المختلفة خاصة القطاع التكنولوجي والنقطة الاخرى وهي اصلاحات اقتصادية قادرة على خلق وظائف لشغل خاصة ان الوظيفة العمومية اليوم بفرنسا لم تعد قادرة على خلق وظائف بشكل كبير،والتشغيل في القطاع العام اصبح جد محدود. وما هو انعكاس هذه الاصلاحات على الضواحي التي تسكنها عدد كبير من السكان من اصول مهاجرة التي تعرف نسبة بطالة مرتفعة؟ اظن ان التغييرات المقبلة سوف تشمل قوانين العمل قوانين التجارة،قوانين خلق المؤسسات وكذلك البيئة الاستثمارية وريادة الاعمال،من المؤكد ان مجموع هذه الاجراءات يمكن ان يكون لها جانب ايجابي خاصة على الضواحي والتي تعتبر النقطة الاساسية والتي ستمكن من خلق فرص شغل لهذا الشباب العاطل وتحسين مستوى عيشه وجودة العيش بفرنسا،والذي ليس هو بالشكل الذي ننتظره من اقتصاد خامس قوة عالمية،وعدم قدرتها على جلب استثمارات اجنبية مهمة مثل دول اخرى كالصين التي تستحوذ على اكثر من 28 في المائة من مجموع الاستثمارات الاجنبية بالعالم. بالإضافة الى قدرة النظام التعليمي الفرنسي على مواكبة متطلبات سوق الشغل وهذا هو الاصلاح الذي يمكن تسميته بالإصلاح البنيوي وإصلاح المدى البعيد والذي يتطلب ارادة سياسة قوية من الرئيس وحكومته ليتم هذا التغيير. هل يمكنك ان تتحدث لنا عن تأثير الاصلاحات التي يقوم الرئيس ايمانييل ماكرون واغلبيته السياسية بفرنسا؟ تميزت هذه السنة بالانتخابات مما ادى الى نوع من الانتظارية على المستوى الاقتصادية ولا يمكنني اعطاء رأي شامل حول ما يقع في الاقتصاد الفرنسي حاليا،لكن ما يمكن تسجيله حتى الان هو وجود بوادر تغيير اقتصادي بفرنسا يقودها الرئيس ايمانييل ماكرون يمس ثلاثة مشاريع اساسية الاول هو اصلاح قانون الشغل الذي تم في الفترة الاخيرة من هذه السنة،وموافقة البرلمان على هذا القانون الجديد والذي يعطي مرونة اكثر في سوق العمل وهو في صالح ارباب العمل والذي يمكن ان يجلب استثمارات اجنبية لفرنسا،والنقطة الثانية وهي مشروع الاصلاح الضريبي، وهو مهم بالنسبة لباريس التي تعتبر ضريبتها من الاكثر ارتفاعا سواء على الدخل او المقاولات بأوربا مقارنة مع بلدان مثل بلجيكا،البنيليكس،هولندا والتي لها قدرة على جلب استثمارات اكبر،والنقطة الثالثة وهي المتعلقة بالإصلاح الاجتماعي والذي يمس الهشاشة والقضايا المتعلقة بالفقر، وبالبطالة وهذا ورش لم يتم فتحه حتى الان،خاصة ان فرنسا في حاجة الى هذا الورش وتعاني من بطالة تتعدى 10 في المائة ومعدل فقر يرتفع بشكل دوري. هل بإمكان الاقتصاد الفرنسي الاستفادة من البركسيت وخروج بريطانيا من الاتحاد الاوربي؟ ما يمكن طرحه من حلول اخرى هو مدى قدرة فرنسا على الاستفادة من مغادرة بريطانيا للاتحاد الاوربي،ولا يمكننا معرفة حصيلة هذه العملية فما يخص الشركات التي كانت بالمنطقة المالية بلندن انتقلت 50 في المائة منها الى بلدان اوربية لها امتيازات ضريبية مهمة ولها قدرة تنافسية كبيرة على غرار المانا وهولندا،وبلجيكا والإشكالية الاخرى التي يمكن تلخيصها في نقطتين : الاولى قدرته على التنافسية داخل اوربا ومواجهة اقتصاديات قوية مثل الاقتصاد الالماني بالإضافة الى وضعية التشبع بالمنطقة الاوربية والنقطة الثانية هي قدرته على التنافسية خارج اوربا،وحتى افريقيا التي كانت معروفة كمنطقة نفود بالنسبة للمقاولات الفرنسية اليوم تغير الوضع وأصبحت الصين هي اول قوة مستثمرة بإفريقيا وقيمة التبادل بين الطرفين تصل الى 200 مليار دولار وهو ما يمثل قيمة هذا التبادل لإفريقيا مع كل من الهند،المانيا،الولاياتالمتحدةالامريكيةوفرنسا مجتمعين. الاشكالية الثانية التي يواجهها الاقتصاد الفرنسي وهي قدرته على الابداع ودعم المقاولات الصغرى والمتوسطة وخلق فرص جديدة من هنا تأتي مبادرة الرئيس ايمانيل ماكرون في الاقتصاد الرقمي في محاولة لإيجاد سبل جديدة للاقتصاد الفرنسي مقارنة مع الاقتصاديات الاخرى على العموم، يبقى الوضع مستقر ولكن مبهم من حيث التغييرات الاقتصادية لان هذه التغييرات يمكن ان يكون لها انعكاس ايجابي على المستوى الماكرو اقتصادي ولكن ليس لها اثر يذكر على المواطنين وعلى الجانب الاجتماعي.