و يبدأ فصل جديد من معاناة أكثر من 32 ألف أسرة مستفيدة من الدعم المالي لبرنامج تيسير مع عملية أداء المستحقات التي تعرف أسوأ مظاهر التعذيب والإهانة والإساءة لكرامة النساء والفقراء. مشاهد بشعة تهدر بشكل مؤلم الخلفية الحقوقية والإنسانية للبرنامج الذي يمعن بريد المغرب بالصويرة في قتل ومضة الفرح التي يتيحها للأسر من خلال امتناعه إلى حدود الساعة عن إعادة العمل بنظام شبابيك الأداء المتنقلة. بعد المقال الصادر بالجريدة شهر ابريل المنصرم حول نفس الموضوع، نعود من جديد للتطرق إلى موضوع "التعذيب الجماعي " الذي يمارس على آلاف النساء المجبرات على التنقل من دواويرهن البعيدة على ظهور الدواب وعبر سيارات النقل السري إلى مراكز البريد من أجل تحصيل الدعم المالي لبرنامج تيسير الموجه مباشرة لأسر التلاميذ الممدرسين بإقليم الصويرة.. " المشهد مؤلم ، صف طويل من النساء ووكلائهن من الرجال يضيق بهم مدخل ومحيط مكتب البريد بالصويرة في انتظار دورهم من أجل تحصيل الدعم المالي الهزيل لبرنامج تيسير. لقد صرحت لي إحدى السيدات بأنها اضطرت لقضاء ليلة أخرى بمدينة الصويرة بعد أن انتظرت دورها طويلا بدون أن يسعفها الزمن الإداري. " صرح للجريدة أحد المواطنين وهو يتابع هذه الوضعية المقلقة ولو من خارج المشهد. بعض النساء لن يظفرن سوى ب 120 درهما، لكنهن مجبرات في جميع الأحوال على الوقوف خلف صف طويل في انتظار تحصيل مبلغ صرفن نصفه ذهابا وسيصرفن ما تبقى منه من أجل العودة إلى بيوتهن. فماذا ينتظر بريد المغرب بالصويرة من أجل القطع مع هذه المشاهد المسيئة ؟ لماذا تبدو مؤسسة عمومية تستفيد بشكل حصري من رقم المعاملات السنوي المهم للبرنامج وكأنها تقوم بعمل إحساني وفي أسوأ صوره لفائدة فقراء العالم القروي؟ لماذا تصمت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والسلطات المحلية والمنتخبة عن "حفل التعذيب الجماعي" الذي يصبح حديث الخاص والعام بالصويرة، الحنشان، تفتاشت وغيرها؟ لماذا نصر في كل مرة على تبديد الرصيد الجميل لمبادرات مشرقة من خلال الإمعان في الاختباء وراء مبررات بيروقراطية لا تفسر سوى فشل المسؤولين في تقديم حلول بديلة ؟ لقد مكن «تيسير» من تعميم بطاقة التعريف الوطنية على النساء القرويات وحسن وضعهن الاعتباري وأنعش دخلهن بفضل تلقيهن دعما ماليا عن تمدرس أطفالهن، والأهم من ذلك هو مساهمته بشكل كبير في تحسين مؤشرات التمدرس والتقليص من ظاهرة الهدر المدرسي، واسترجاع التلاميذ والتلميذات المنقطعين عن الدراسة. إلا أن هذا التراكم الايجابي يصبح مر المذاق بسبب الظروف البشعة التي يوفرها بريد المغرب للأسر لحظة تحصيل الدعم المالي. « لا نرى من حل سوى العودة إلى نظام الشبابيك المتنقلة على الأقل إلى مراكز الجماعات القروية تبعا لبرنامج محدد مسبقا بتنسيق بين مختلف المصالح المعنية حتى نحافظ للدعم المالي على جدواه البسيطة» صرح للجريدة أحد الآباء متذمرا من المعاناة التي تكابدها زوجته في كل مرة .