مازالت معاناة اكثر من 32 الف أسرة مستفيدة من الدعم المالي لبرنامج تيسير مستمرة منذ وقف بريد المغرب العمل بنظام شبابيك الاداء المتنقلة، لتتحول فرحة تلقي الدعم المالي، على بساطته، إلى تعذيب جماعي لآلاف النساء اللواتي وجدن أنفسهن مجبرات على التنقل من دواويرهن القصية على الدواب وعبر سيارات النقل السري إلى مراكز البريد من أجل تحصيل الدعم المالي لبرنامج تيسير الموجه مباشرة لأسر التلاميذ الممدرسين في استراتيجية مندمجة لمحاربة ظاهرة الهدر المدرسي. الصورة نفسها في مكتب البريد الرئيسي بالصويرة، وبمكتب البريد المحطة الطرقية وبمكتب البريد ببلدية الحنشان وغيرها، عشرات النساء أو وكلاؤهن من الازواج يتجمهرون أمام مكاتب البريد وراء صف طويل من الانتظارات تقف تحت رحمة بيروقراطية قاتلة ترفض أن تتمثل رؤية وأهداف برنامج تيسير ذات البعد التربوي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي. « نحن هنا منذ الساعة السادسة صباحا. جئت من الجماعة القروية للكريمات التي تبعد عن الصويرة بحوالي خمسين كيلومترا. ابني يدرس بالسنة الأولى ابتدائي وبالتالي أحصل على دعم مالي قيمته 60 درهما شهريا. أنا هنا لتحصيل مبلغ 120 درهما قيمة الدعم المالي للشهرين الاخيرين للموسم الدراسي 2012/2013 ، علما أنني لم اتوصل إلى حدود بداية شهر ابريل 2014 بأي دعم عن الموسم الدراسي 2013/2014 . حالتنا تعبر عن نفسها، مضطرات للوقوف وراء صف طويل على امل أن يأتي دورنا لأجل تحصيل مبلغ هزيل سوف يستهلك نصفه في التنقلات والتغذية» صرحت لنا سيدة من جماعة لكريمات تحمل رضيعها على ظهرها، وتنتظر دورها الذي قد لا يأتي اليوم . الغريب في الأمر أن بريد المغرب بدعم من السلطات المحلية التي وفرت وسيلة النقل، كان يعمل بنظام شبابيك الاداء المتنقلة في بداية البرنامج، وهو ما اعتبر خطوة مستحسنة قربت الخدمة من الأسر وحافظت للدعم المالي على قيمته ، على بساطته بطبيعة الحال. إلا أن العودة إلى مركزة الاداء تعتبر تراجعا غير مبرر رغم الدفع بقلة الموارد البشرية والإمكانيات اللوجيستية. « لقد ساهم برنامج تيسير في تحقيق مجموعة اهداف خصوصا تجاه نساء العالم القروي اللواتي استفدن بداية من تعميم بطاقة التعريف الوطنية وتحسن وضعهن الاعتباري ودخلهن كذلك بفضل تلقيهن دعما ماليا عن تمدرس أطفالهن، وهو الامر الذي ساهم إلى حد بعيد في تحسين مؤشرات التمدرس والحد إلى مستويات جد متقدمة من ظاهرة الهدر المدرسي، بل واسترجاع التلاميذ والتلميذات المنقطعين عن الدراسة. إلا أن المشكل الذي بات يسيء للبرنامج في الظرف الراهن يرتبط اساسا بظروف تلقي الأسر للدعم المالي. تخيلوا معي أكثر من 32 ألف اسرة تتنقل من دواويرها ومداشرها عبر وسائل النقل التي تكلفها احيانا نصف قيمة الدعم المالي الذي ستستلمه ، ناهيك عن العناء البدني والنفسي الذي تتكبده النساء تحديدا بسبب ظروف النقل السيئة وساعات الانتظار الطويلة امام مراكز بريد المغرب التي تعرف حالة ازدحام كبيرة تؤدي في أحيان كثيرة إلى حالات إغماء في صفوف النساء. وبالتالي يجب العودة إلى العمل بنظام الشبابيك المتنقلة إلى المؤسسات التعليمية او على الاقل إلى مراكز الجماعات القروية وفق جدولة زمنية محددة مسبقا حتى يكون للدعم المالي لبرامج تيسير جدوى ووقع اقتصادي إيجابي على الاسر المستفيدة» صرح للجريدة محمد معتصم مسؤول بالمنظمة الديمقراطية للشغل بالصويرة. الغريب في الامر هو أن الدعم المالي لبرنامج تيسير الموكول أداؤه لبريد المغرب، يوفر رقم معاملات سنوي جد مهم للمؤسسة البريدية، وهو ما يعتبر مبررا كافيا لتعبئة موارده البشرية واللوجيستية من اجل تأمين صرف التعويضات لمستحقيها في شروط تحترم الحد الادنى من إنسانيتهم. وبالتالي فكل حديث عن نقص الموارد البشرية هو محض مبررات لا يمكن أن يستوعبها الضمير الحقوقي لأي مغربي وهو يتأمل حالة التعذيب الجماعي التي تمارس على نساء الصويرة مع إطلالة كل موعد أداء للدعم المالي لبرنامج التيسير .