تطورات مثيرة في قضية إسكوبار الصحراء وهذا ما قررته المحكمة    مشروع لتصنيف البوليساريو منظمة إرهابية    زيارة عمل تقود "الهاكا" إلى بروكسيل    نشرة إنذارية: أمطار رعدية ورياح قوية مع تطاير الغبار بعدد من مناطق المملكة من الجمعة إلى الأحد    درك الفنيدق يفك لغز وفاة فتاة عُثر عليها بسد أسمير    مهرجان باريس للكتاب.. الخبير المغربي أمين لغيدي يحصل على جائزة تكريمية من مجموعة النشر الفرنسية "إيديتيس"    تأجيل مهرجان تطوان لسينما المتوسط        مجلس المستشارين.. افتتاح أشغال الدورة الثانية من السنة التشريعية 2024-2025    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على أداء سلبي    نشرة إنذارية.. أمطار قوية منتظرة بالمملكة ابتداء من اليوم الجمعة    قنطرة الموت.. شاحنة تهوي من قنطرة وسائقها يفارق الحياة    حجز أكثر من 25 طنا من مخدر الحشيش بسيدي قاسم    ديربي الوداد والرجاء يخطف الأنظار والتأهل للمنافسات الإفريقية الهاجس الأكبر    أمن أكادير يضبط شابا متلبسا بترويج أجهزة تستخدم في الغش في الامتحانات    الذئب الرهيب يعود من عالم الانقراض: العلم يوقظ أشباح الماضي    مهرجان 'عرس الصحراء' في قلب درعة تافيلالت: سحر الفن في الراشيدية والريصاني    مسير طلابية نوعية بالعرائش تضامنا مع فلسطين    الدول المنتجة للنفط في مأزق.. أسعار الخام تهوي لأدنى مستوى منذ الجائحة    الذهب يرتفع ويسجل مستوى قياسيا جديدا    شراكة بين "اتصالات المغرب" و"زوهو"    ألف درهم للمشاركين في برامج الصحة    الصين ترد على ترامب برفع الرسوم على السلع الأمريكية إلى 125%    تونس.. جلسة ثانية لمحاكمة عشرات المعارضين بتهمة "التآمر على أمن الدولة"    90% من الجماعات الترابية مغطاة بوثائق التعمير.. وتوجيه الوكالات الحضرية لحل الإشكالات الترابية    غوغل تتيح تحويل المستندات النصية إلى حلقات بودكاست مسموعة    "الأحرار" يدين الاعتداءات الإسرائيلية ويطالب بتثبيت وقف إطلاق النار    محمد صلاح يجدد العقد مع ليفربول    "الاستقلال" يطالب بتخليق الحياة العامة ومحاربة الممارسات غير الشفافة    كأس أمم إفريقيا لأقل من 17 سنة.. أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، مشتل لمواهب تسطع في سماء الكرة القارية والدولية    المغرب يدعو إلى تضافر الجهود الدولية لضمان سلامة الأجواء في مناطق النزاع    ملتقى الضفتين بمدريد يختتم فعالياته بتوصيات قوية أبرزها تنظيم النسخة الثالثة بالمغرب والانفتاح على الصحافة البرتغالية    "الديربي البيضاوي" يفتتح "دونور" وسط مقاطعة مرتقبة من أنصار الوداد والرجاء !    الصين ترد على تصعيد واشنطن التجاري بورقة بيضاء: دعوة للحوار والتعددية بدلًا من المواجهة        السياحة.. المغرب يسجل أرقاما قياسية خلال الربع الأول من سنة 2025    بطولة إسبانيا.. أنشيلوتي وريال مدريد تحت المجهر وبرشلونة للابتعاد    إجراء قرعة جديدة لكأس أمم أفريقيا للشباب بعد التحاق تونس    في غياب الجماهير .. من يحسم صراع الدفاع وشباب المحمدية؟    الاحتكار آفة الأشْرار !    اتهامات للمؤثرة الشهيرة "ميس راشيل" بتلقي أموال للترويج لحماس    نجاة الرجوي: "مشاركتي في حفل تكريم عبد الوهاب الدكالي شرف كبير"    الذهب يسجل مستوى قياسياً مع تزايد الإقبال على الملاذات الآمنة    مصرع ستة أشخاص بينهم أطفال بسقوط مروحية في أمريكا    بنسعيد يدشن جناح المغرب ضيف شرف مهرجان باريس للكتاب 2025    وفاة مدرب ريال مدريد السابق الهولندي ليو بينهاكر عن عمر 82 عاما    جامعيون ومسؤولون سابقون يرصدون صعوبات الترجمة بأكاديمية المملكة    عراقجي في الجزائر .. هل تُخطط إيران للهيمنة على شمال إفريقيا عبر قصر المرادية ؟    10 حقائق عن استيراد الأبقار والأغنام وتداعياتها السياسية والمالية والاجتماعية!    السلطات الصحية بجنوب إسبانيا تتأهب لمواجهة "بوحمرون" القادم من شمال المغرب    سلطات مليلية تحتجز كلب "مسعور" تسلل من بوابة بني انصار    آيت الطالب يقارب "السيادة الصحية"    دراسة: أدوية الاكتئاب تزيد مخاطر الوفاة بالنوبات القلبية    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متابعات : «..ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل»

يقول تعالى ((ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا  الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون )) الزمر
*أنّ للفظ ( المثل )معاني مختلفة في القواميس، كالنظير والصفة والعبرة وما يجعل مثالاً لغيره يُحذا عليه ...
...وقال إبراهيم النظّام رحمه الله  : يجتمع في المثل أربعة لا تجتمع في غيره من الكلام : إيجاز اللفظ، وإصابة المعنى ، وحسن التشبيه ، وجودة الكناية، فهو نهاية البلاغة.
وقال  ابن قيم الجوزية  رحمه الله في الموضوع  ..."..وقد ضرب الله ورسوله الأمثال للناس لتقريب المراد وتفهيم المعنى وإيصاله إلى ذهن السامع ، وإحضاره في نفسه بصورة المثال الذي مثّل به فقد يكون أقرب إلى تعقّله وفهمه وضبطه واستحضاره له باستحضار نظيره ، فإن النفس تأنس بالنظائر والأشباه وتنفر من الغربة والوحدة وعدم النظير..."
...ومن بين ما اعتمده القرآن الكريم في التبليغ والتربية وتعليم للناس، قاعدة ضرب " الامثال".. ذلك لأنها أسهل من أجل الاستيعاب والفهم سواء من الأميين أو المتعلمين أو الفقهاء والعلماء فكل منهم يفهم بقدر علمه سطحا وعمقا وروحا ...
...قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( نزل القرآن أرباعاً : ربع فينا ، وربع في عدوّنا ، وربع سنن وأمثال ، وربع فرائض وأحكام )..../... وقال  : ( قد جرّبتم الأمور وضرّستموها ، ووُعظتم بمن كان قبلكم ، وضُربت الأمثال لكم ، ودعيتم إلى الأمر الواضح ، فلا يصمّ عن ذلك إلا أصمّ ، ولا يعمى عن ذلك إلا أعمى ، ومَن لم ينفعه الله بالبلاء والتجارب لم ينتفع بشيء من العظة ).
كما أن الثقافة  الشفهية،  شعرا ونثرا و"ملحونا" حكما وأقوالا ... نجحت وتفوقت في مجالات التواصل  بشكل مبهر في صياغة قوانين فكرية  مجتمعية، شكلت مدارس مختلفة في كل الازمنة الموغلة في التاريخ القديم والى يومه ... بل واعتمد العديد منها في النصوص الدينية المختلفة لأنها من الحكم الحاملة لحقيقة المعرفة الصادقة والحقة.
والمتأمل لكتاب كليلة ودمنة وأقوال سيدي عبد الرحمن المجدوب .. ونظم الكثير من الشعراء الشعبيين بالأمازيغية أو الدارجة سيجد أبوابا وأنهارا  من الامثال  والحكم التي يمكن أن تؤلف حولها كتب  إن وضعت في سياقاتها التاريخية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية ..لكانت مناهج في جامعات تعليم الناس فنون السياسة والاجتماع والتواصل والاستفادة من تجارب الآخرين ...
وتختلف درجة الفهم والاستيعاب  لدلالات ومعاني الامثال والحكم من شخص الى آخر حسب إدراكه ومعرفته وقدراته في الاستيعاب وحجم وعائه... فمنهم من يدرك بذلك غرف  قدر قطرة ماء فقط .. ومنهم من يدرك بفهمه قدر أنهار ...ومنهم من لا يعي شيئا  أو   يرفقه  بإصدار احكام تتهم  بالجهل صاحب المثل وكل من فهمه..  وقد يجد لجهله ذاك أنصارا وأتباعا ومنظرين ...
وفي مثل هذا  ضرب الله المثل  القرآني التالي : " أنزل من السماء ماءً، فسالت أودية بقدرها، فاحتمل السيل زبداً رابياً ".سورة الرعد..
.."قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : قوله تعالى : ( أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها )   هذا مثل ضربه الله ، احتملت منه القلوب على قدر يقينها وشكها ، فأما الشك فلا ينفع معه العمل ، وأما اليقين فينفع الله به أهله . وهو قوله : ( فأما الزبد فيذهب جفاء ) [ وهو الشك ] ( وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ) وهو اليقين ، وكما يجعل الحلي في النار فيؤخذ خالصه ويترك خبثه في النار، فكذلك يقبل الله اليقين ويترك الشك ..."
وضرب القرآن الكريم مثلا  لتبيان مستوى استحالة وتعذر  الفهم فقال .. فمثله كمثل صفوان عليه تراب} البقرة24.. أي كالحجر الأملس فوقه  تراب لا يصلح للزرع والغرس  والإنبات، ولو تساقط عليه  المطر بالليل والنهار..
. ومن اقوى ضروب المثل قوله تعالى
"مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ () صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ ».
حيث شبه الله البعض من الناس  الذين يشترون الضلالة بالهدى  ، كمن أشعل النار للإضاءة إلا أنه لم يستفد من نتائج إنارتها لكل شيء حوله فأصبح بذلك رغم وضوح  كل شيء، كمن ذهب الله بنور بصره وبصيرته وأصبح في ظلام  شمل قلبه وعقله وروحه وامتد الى أقواله وأعماله ومستوى  سمعه وفهمه.. فضل وأضل ولم يعد يهتدي الى الطريق القويم الأنفع له ولغيره وبذلك تصعب عودته وتصحيحه لأخطائه بنفسه...وقد يصبح الامر معقدا عندما يمتد الظلام والاضطراب الى عمق الانسان فيناقض نفسه ويحاربها، ويكيد لها ولا يترفق بها فيقضي معظم وقته في إبطال وإفساد كل شيء يمكن أن يكون جميلا في نفسه وأفعاله ..فيخالف بذلك الفطرة والتعقل وكل علامات النضج والوعي ...
قال تعالى:" ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ "سورة الزمر ...فهناك فرق كبير بين من هو منسجم مع نفسه   - دينا  كمن يعبد إلها  واحدا - عقيدة وفكرا وسلوكا وغايات وبين من تعددت هويته وأمزجته ورغباته فيتصارع عنده الفعل ونقيضه، ولا يستطيع أن يستقر على رأي فيصبح كمن بقلبه وعقله  أشخاص متعددون بأمزجة وأهواء وأفكار  متضاربة متباينة... لا يصدر عنه بسبب ذلك أي خير أو مصلحة راجحة ...
"قال الكسائي : ( فيه شركاء متشاكسون ) متنازعون مختلفون سيئة أخلاقهم ، يقال : رجل شكس شرس ، إذا كان سيئ الخلق ، مخالفا للناس ، لا يرضى بالإنصاف"
إن الامثال هي ضروب من الأقوال المحبوكة  البليغة المشبعة بالحكم الدالة على حقائق  الأوضاع الاجتماعية أو النفسية أو الفكرية أو السلوكية...ولقد كان لها دور  كبير في التأثير في حياة الناس وتأهيل المجتمعات .. بهدف إرشاد الناس وتجنيبهم السقوط في أخطاء السابقين  ،وتكرار ما يعطل تطورهم وتطور من معهم وحولهم ...فإن كنت ممن يشاكس ويناقض  نفسه ويعطل  ويبطل إرادته فلا تتعب نفسك والناس بادعاء أنك تريد ان تخرجهم من  الظلمات الى النور لأن فاقد الشيء لا يعطيه  .. وهذا التضارب  نراه بالعين المجردة في مشارق أمتنا ومغاربها، حيث نتشاكس مع أنفسنا وذواتنا و مع غيرنا ويستوي في ذلك حال الفرد وحال الجماعة أو الأمة ...فيستوي عند البعض من كبر لقطع رأس  مؤمنة ظلما وعدوانا بمن كبر لإعلان دخول وقت الصلاة ..ويستوي  البعض من الذين لم يغرفوا  من علوم الدين والدنيا شيئا بالبعض من الذين تبحروا فيهما ..فذاك وذاك فتواهما التكفير والقتل والتفجير وإثارة الفتن . ليصدق على الوضع قوله تعالى: "وضرب الله مثلا رجلين احدهما ابكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه أينما يوجهه لا يات بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم " النحل ... فما أمرنا الرب ولا الرسول عليه الصلاة والسلام إلا بالخير والاحسان والفضل والمحبة والتراحم ..
إن عدم فهمنا لأمر ما ليس معناه أنه غير صحيح .. كما أن اقتناعنا بفكرة معينة ليس معناه أن رأينا صحيح .. ولا يهمنا من يؤمن بالفكرة الصحيحة والجميلة هل هو صديق أم خصم أم منافس أم  عدو ...لهذا عندما ضرب الله الامثال لتعليمنا من قصص الامم السابقة، مؤمنها وكافرها، فقيرها وغنيها  ،صغيرها وكبيرها، أراد منا أن نفهم أن تعلم الحكم ومكارم الاخلاق والمعارف والعلوم أمر مطلوب ومحبوب بغض النظر عن عقيدة الشخص وميولاته .. ولنا في حياته وعلاقاته صلى الله عليه وسلم العديد من العبر والأمثال .
إن الحكمة تقتضي  أن علينا أن لا نعيب كل شيء ونترك بمقتضى ذلك كل شيء لإضاعة الوقت في البحث عن شيء رفضناه سلفا لأننا لم نفهمه حق الفهم ،أو رفضناه لأن غيرنا  الذي نعارضه سبقنا إليه ...
الحكمة تقتضي أيضا أن نستوعب دلالات الآية الكريمة " ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء (  ) تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون"، " ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار"
ونختم  بالحكمة العطائية التالية " تشوفك إلى ما بطن فيك من العيوب ، خير من تشوفك إلى ما حجب عنك من الغيوب ."


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.