المرأة التي تدخن سيجارتها في البالكون بنهم، تعتقد أن زوجها يخونها مع سيجارة أخرى بنهم. المرأة نفسها المتطلعة إلى الآفاق، تخون زوجها بعد لحظات مع سيكار كوبي، ممهور بصخب فيديل كاسترو. لكن، الزوج يخون.. يخون.. يخون دائما.. دائما، مع السيجارة نفسها. السيجارة الخؤون، اللعوب، تبحث عن أفواه العذارى، حتى يتسع جحيم القبل.. كم أنت خائن أيها الفم المملوء بالكلمات، والقبل، والدخان. القصيدة التي ترغب المرأة نفسها في كتابتها، تلاشت وسط أشكال الدخان. نفس الزوج يرغب في أن يكتب القصيدة نفسها. تحسس جيبه، لم يجد سوى كارني الشيكات الذي يحمل أسماء الدائنين، فدخلت القصيدة إلى بورصة النخاسة.. الأسواق.. الصفقات.. الأرباح.. والخسارات. المرأة نفسها، تناغي بائع النعناع، مقتفية صوته العذب: النعناع.. النعناع.. النعناع.. النعناع. تطلب وده بباقة من عشرة ريالات. الباقة ملفوفة بجريدة قبل العام الماضي: الزعيم الواحد.. الكرسي الواحد.. المسلة الواحدة.. الساحة الواحدة. الصورة بالجلباب لأيام الله الصورة بالقميص لأيام الوطن الصورة نفسها.. نفسها.. نفسها.. تفوح رائحة الخيانة من قفة الدوم الكسلى على مؤخرة البسكليطا الهرمة. ثمة خيانة وسطى بين لعلعة النعناع، والسيكار الممهور بصخب كاسترو. نفس الزوج يتملى بطلعة بهية على حلوى لاكريم. يلحسها في خياله. تتحرك الفيترينا، وينشطر الكرز الأحمر القاني. الحلوى تشتهي كل المارة، لكنها، تفضل فما واحدا. مصا واحدا. لعقا واحدا، رغم تعدد حالات الخيانة. بائع النعناع يدخن نفس سيكار المرأة نفسها، المبقع بالمكياج الأحمر الناري. ويصيح بصوته الأخن هذه المرة: نع ناع.. نع ناع.. ناع ناع.. ناع ناع. الروائح تزكم أنوف الشارع الطويل.. شارع المقاومة. بائع النعناع تخلى عن صفته إلى مناضل، حين تناثرت روائح كوبا في شارع المقاومة. للأسف جاء متأخرا. لم يعد: غيفارا حيّا تروتسكي يذكر البيان الشيوعي صلاة عمالية المهدي بنبركة يطوف عبر القارات لم تكتمل طريق الوحدة الكل تلاشى إلى دخان.. دخان.. دخان.. دخان.. د خ ا ن.. دخ…