خلافا لما يعتقده الكثيرون، من الممكن جدا لفريق الجيش الملكي أن يتحول إلى شركة، وفق ما تنص عليه المقتضيات المنصوص عليها في القوانين الجاري بها العمل، في ما يخص تحويل الجمعية أو النادي إلى شركة. والواضح، أن فريق الجيش لم يعد، كما كان عليه الحال طيلة العقود الماضية، الفريق الذي يشكل حالة استثناء وسط الأندية الوطنية، إذ لم يكن المتتبع يطلع على تقاريره، خاصة منها المالية، كما لم يسبق لنا أن علمنا أنه عقد جمعا عاما عاديا أو استثنائيا.. لكنه اليوم، أصبح مستعدا، على ما يبدو، لإعطاء صورة جديدة ومغايرة عنه. الفريق العسكري عرف تحولات ومتغيرات منذ أن سقط حكم «العسكر» من هرم تسيير الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، هو واقع وهي حقيقة. وهذا لا يعني أن سقوط الحكم من العسكر على المنظومة الكروية كان من أسباب تدني المستوى التقني للفريق وتراجع نتائجه في السنوات الأخيرة، فالفريق وهو في عز هيمنة مسيريه على الكرة الوطنية، كان مثله مثل باقي الأندية الوطنية، لا يستقر تقنيا على حال، تجده مثلا في القمة في موسم ما، لتتفاجأ بانهياره في موسم آخر. إلا أن الملاحظ، هو أن سلسلة انهيارات الفريق العسكري طالت هذه المرة، ويبدو وكأنها لا تريد أن تنتهي. وعودة إلى موضوع استعداد الفريق للتحول إلى شركة، هل هذا الأمر ممكن بالنسبة لفريق يخضع للمؤسسة العسكرية الرسمية؟ كنا قد طرحنا السؤال على كاتبه العام قبل بداية بطولة الموسم الجاري، وكان رده: «أؤكد أن إدارة الجمعية تقوم بالدراسات والتحريات الضرورية لملاءمة تنظيمها ومنظومتها مع المقتضيات المنصوص عليها في القوانين الجاري بها العمل في ما يخص تحويل الجمعية إلى شركة، ولم تبد جمعيتنا أي تحفظ في هدا الموضوع…وكما سبق وقلت، فنادي الجيش الملكي هو جمعية تخضع لقوانين الجامعة. نحن ندرس الأمر والإرادة حاضرة وموجودة لكن نحن بدورنا لدينا مشروع تأهيلي نشتغل عليه، ومشروعنا نعتبره متكاملا وصالحا للتنفيذ، وبالتالي لدينا نموذج سيكون في مواجهة النموذج الذي تقترحه الجامعة. أؤكد أننا نشتغل على مشروع تأهيل الجمعية الرياضية العسكرية بكل فروعها، وطبعا يبقى فرع كرة القدم في الواجهة وهو القاطرة، وهدفنا سيظل، كما تأسس من أجله نادي الجيش الملكي، خدمة الرياضة الوطنية والمساهمة في تطويرها وتقدمها…». هناك إذن، كما جاء في رد الكاتب العام لنادي الجيش الملكي، نموذج وضعته إدارة الفريق العسكري في مواجهة ما تقترحه الجامعة في موضوع تحويل الأندية إلى شركات، ما يعني أن الفريق العسكري لا يبدو أنه اقتنع بما طرحته الجامعة، وإلا وبدل أن يفكر في وضع نموذج آخر، كان عليه التفكير في كيفية تحويل «الجيش الملكي إلى شركة». وتأسيسا على هذا المعطى، يبدو أن الجامعة التي توعد رئيسها بأن تكون 2018، سنة ولوج كل الأندية لنظام الشركات، ستجد مشكلة كبيرة في إقناع الفريق العسكري بما تقدمه من نموذج في هذا الباب. والسؤال الذي يفرض نفسه ونحن على أبواب سنة 2018، الموعد الذي حدده فوزي لقجع لنهاية إجراءات تحويل الأندية إلى شركات، هل سيكون بمقدور الجامعة أن تتخذ موقفا صارما في وجه الفريق العسكري إن لم يستجب لمذكرتها في هذا الشأن؟ وهذا ينطبق أيضا على باقي الأندية التي توصف بالقوية في المنظومة الكروية الوطنية، وفي مقدمتها الوداد والرجاء مثلا، فهل يمكن إجبارها على الالتزام بتنفيذ ما جاء في مذكرة الجامعة بخصوص التحول إلى شركة؟ وإن استطاعت الجامعة فعلا معاقبة الأندية القوية، فهل ستستطيع باقي الأندية الأخرى أن تتحول فعلا إلى شركات ؟ أعتقد، وخلافا لما كنا نظنه، فالجيش الملكي، وحسب ما يشهده حاليا من متغيرات بشرية، ومع ما رافق ذلك من تغير في رؤية القيادات الجديدة في علاقاتها بالرياضة، لقادر على أن يعصرن أنظمته ويلائمها بما يمكن أن يقوده إلى التحول إلى شركة. لا ننس في هذا الإطار، أنه ومباشرة بعد رحيل الجنرال حسني بنسليمان وإحالته على التقاعد، انطلقت حملة تفكيك الطاقم المشرف على الرياضة داخل الجيش الملكي وخاصة كرة القدم، حيث تم استبعاد عدة مسؤولين كانوا يمتلكون، وطيلة السنوات الماضية، كل مفاتيح الإشراف والتحكم في الجانب الرياضي للمؤسسة العسكرية. ويرى المتتبعون في ذلك مؤشرا واضحا حول الرؤية الجديدة التي يحملها القادة العسكريون الجدد، بل هناك حديث عن الإعداد والتحضير لمخطط « التخلص» من كل ما هو رياضي داخل المؤسسة العسكرية، وتحديدا ما ينتمي تنظيميا للهيئات والجامعات الرياضية، بحيث تصبح الرياضة في المؤسسة العسكرية قطاعا تكميليا وترفيهيا ليس إلا. هل سيأتي يوم فعلا تتخلص فيه مؤسسة القوات المسلحة الملكية المغربية من «تاريخها» الرياضي ويتم فيه تغيير اسم فريق الجيش الملكي لأي اسم آخر؟ إن حدث ذلك بالفعل، فهي بكل تأكيد، ستكون الثورة التي لم يتوقعها أحد!