عاش النجم البرتغالي ولاعب ريال مدريد، كريستيانو رونالدو، أمسية رائعة وسحرية في برج إيفل بعد تتويجه بالكرة الذهبية للمرة الثانية على التوالي والخامسة في مسيرته. اللاعب الأسطورة كريستيانو، ابن مدينة «فونشال» البرتغالية، يبلع من العمر 32 سنة، سجل 79 هدف ويعتبر الآن أفضل لاعب في العالم. بدأ مشواره الكروي رفقة فريق»سبورتينغ لشبونة»، ثم تألق بعد ذلك مع الفريق الانجليزي «مانشيستر يونايتد»، قبل أن يلتحق بالقلعة المدريدية. كريستيانو رونالدو، خص جريدة «فرانس فوتبول» بحوار مطول، استعرض فيه تفاصيل فوزه بالكرة الذهبية الخامسة، وكيف خاض تجربة الأب للمرة الرابعة. وفي ما يلي ينص الحوار: – فزت بخمس كرات ذهبية، هل هذا أصبح الأمر مبتذلا بالنسبة إليك؟ – لا أبدا! كنت أحلم منذ بداية مشوار الكروي بالفوز بالكرة الذهبية، وعندما كنت لاعبا في مانشستر، رأيت نقطة تحول مساري المهني، وارتأيت أن الفوز بالكرة الذهبية ليس بالشيء المستحيل. جعلت هذا هدفا في حياتي وسعيت جاهدا لتحقيقه، بما أنني امتلك المؤهلات لفعل ذلك. لاعبون كثر من فازوا بالجائزة، مع احترامي لهم بالطبع، لم يكنوا كلهم في نفس مستواي، لهذا بدأت أفكر في أن كرة ذهبية واحدة لا تكفي، وأرفض أن أكون ممن ظفروا بهاته الجائزة مرة واحدة فقط، بحكم أنني امتلك الموهبة وأتميز بقدرات ومهارات جيدة، بالإضافة أنني أشتغل عليهما كثيرا، وأبدل مجهودا كبيرا في التدريب. أظن أن هناك فرق شاسع بين الفوز بالكرة الذهبية لمرة واحدة والفوز بها ثلاث أو أربع مرات. – في أي وقت تكهنت خلال سنة 2017 وقلت مع نفسك «إنني فزت بهاته الجائزة»؟ – كنت أظن أنني إذا فزت بلقب دوري أبطال أوروبا، ف فإنه سيمنحني خطوة أمامية صوب كرة ذهبية خامسة. وفعلا تحقق الأمر، فقد فزنا باللقب، وكنت أفضل هداف في المنافسة، بالإضافة إلى أنني سجلت هدفين في المباراة النهائية. p قبل خمس سنوات، ميسي فاز بالكرة الذهبية أربع مرات، بالإضافة إلى آخر واحدة سنة 2016، هل كنت تظن أنك ستصل يوما ما إلى مستواه؟ n إنها قصة مضحكة، أليس كذلك؟ لقد توجت بالكرة الذهبية قبل ميسي، بعدها اجتازني وضاعف الرقم بفوزه أربع مرات على التوالي، إنه فعلا أمر محبط. قد أجانب الصواب إذا لم اعترف أني كنت مكتئبا، بائسا، وفي نفس الوقت غاضبا ومنزعجا من نفسي. فما الفائدة من الذهاب إلى حفلات التتويج والرجوع خالي الوفاض، الحضور من أجل الصور، هذا أمر لا يهمني. كل شيء في الحياة له بداية ونهاية، وفي عالم كرة القدم النهاية تعتبر الأهم. كنت صبورا ومع مرور الوقت، وبمساندة أقاربي فزت بالجائزة خمس مرات، هذا سيشجعني أكثر لمواصلة الاجتهاد وحصد المزيد من الألقاب دونما التفكير في العمر. (سئلنا) من هو أقدم لاعب وأكبرهم سنا فاز بالكرة الذهبية؟ كانافارو؟ ستانلي ماثيوز، هو أقدم لاعب فاز بالكرة الذهبية سنة 1956، عن عمر يناهز 42 سنة. (يحرك عيناه الواسعتين) هل كان يلعب وحده، أو ماذا؟ بكل صراحة إنه شيء مستحيل تحقيقه اليوم، فطول العمر لم يعد نفسه كما كان من قبل، عندما أرى فتيان مصابون باستمرار في عمر لا يناهز 20 أو 25 سنة، أقول إنني محظوظ، وجد سعيد لأني أمتلك لياقة بدنية وصحة جيدة. – عندما فزت بأول كرة ذهبية، هل كنت تظن أنك ستتجاوز زيدان، رونالدو نازاريو، بلاتيني، فان باستن، كرويف؟ – كنت دائما أفكر في أنني سأفوز بالجائزة مرة واحدة أو مرتين، لكن خمس كرات ذهبية، لم أتخيل أبدا ذلك. – هل أنت واع بالمكانة التي تحتلها في تاريخ الكرة الذهبية؟ – نعم أظن ذلك، إلى حد الآن لم يفز أي لاعب بالجوائز والألقاب الفردية أكثر مني، ولا أتكلم هنا عن الكرة الذهبية فقط، هذا يعني شيئا ما أليس لذلك؟ أنا أقوم بعمل كبير جدا وليس فقط التدرب في قاعات الألعاب الرياضية. أساطير مثل الملاكم فلويد مايويذر ولاعب كرة السلة ليبرون جيمس، لم يصلا إلى هذا المستوى من البراعة والكمال بمحض الصدفة أو بطريقة عشوائية، وإنما هو تراكم العديد من الأشياء والعمل الاجتهاد. إذا أردت أن تصل إلى القمة وتكون الأفضل والأقوى، وفي نفس الوقت أن تحافظ على مكانتك، فيجب أن تتوفر على المؤهلات اللازمة والموهبة أكثر من الآخرين. -خمس كرات ذهبية، هذه أول مرة لم يتجاوزك أي شخص في عدد الجوائز التي حصدتها؟ – إنني أحترم أفضليات ومؤهلات كل شخص، لكن لا أرى لاعبا أفضل أو أحسن مني، ودائما ما كنت أفكر هكذا، لا يمكن لأي لاعب تقديم أشياء لا أستطيع تحقيقها، ولا حتى لاعب كامل مثلي. ألعب جيدا بكلتا قدماي، كما أنني سريع وقوي وأجيد الضربات الرأسية، وأسجل الأهداف، وأمرر تمريرات حاسمة. هناك من يفضل نيمار أو ميسي، لكني أصر على كلامي «لا يوجد لاعب يستطيع تقديم أشياء قد أعجز على تحقيقها». ستقولون إنني شخص متكبر أو مغرور، لكن عندما تصل إلى القمة، فمن الطبيعي أن ينتقدك الآخرون. وهذا أيضا ما قد يقع لكم كصحفيين. – هل ترى نفسك أفضل لاعب في العالم؟ – نعم بالتأكيد، إنني أحسن لاعب في العالم. قال المدرب زيدان في التدريب، إننا نعيش ونحتك في بعض الأحيان بأوقات صعبة، هذا ما يجعل الانتصار يمتلك طعما خاصا ومميزا، فالمصاعب والمحن تدفعك وتجعلك تلعب بجدية أكبر. ومن البديهي أن تكون محبطا وغاضبا إذ لم تحقق أهدافك والنتائج الايجابية، وإذا كنت تظن العكس فهذا يعني أنك لا تبالي. إذا قمت ببعض الحماقات في مباراة ما، أو تدربت بشكل سيء، فإنني ألوم نفسي كثيرا، وأكون غير راض عنه، لكن بمجرد مغادرتي لأرضية الملعب أمارس حياتي بشكل طبيعي وأصبح إنسانا هادئا. – هل تعتقد أنك شخص متطلع ومتشدد حتى مع نفسك؟ – المعد البدني للفريق أنطونيو بينتوس، يقول وهو يمازحني «إنك شخص سايكوباتي تعاني من اضطراب عقلي»، فعند دخولي إلى قاعة الرياضة، لا أتكلم مع احد وأركز جيدا على العمل الذي أنجزه، أعترف أنني أفرض على نفسي ضغطا كبيرا، لكني لا أندم ولا أتأسف الآن على ما حققت من إنجازات وألقاب. ربما هو شيء لطيف إذا كنت أكثر هدوءا واسترخاء. لكن العمل والاجتهاد ي يعتبران من أخلاقيات حياتي الأساسية، لا أستطيع الاستغناء عنهما أو تغير منظومة حياتي بعد 15 سنة من مشوار الكروي. لو كنت شخصا قنوعا ولست شخصا طموحا ومتطلعا، لما تمكنت من تحقيق كل تلك الانتصارات والانجازات في حياتي. – ما هي النسبة التي تقترحها للتتويج بكرة ذهبية سادسة؟ -الآن وبكل صراحة لا أعلم، أظن أن المنافسة ستشتعل وستكون قوية، هناك العديد من الألقاب والبطولات سأتنافس عليها العام المقبل مع فريقي الاسباني ريال مدريد ثم مع المنتخب البرتغالي. أعتقد أن العديد من العوامل ستتدخل في المونديال وسيكون محطة ومرحلة أساسية ومهمة في السباق نحو الكرة الذهبية. والظفر ببطولة أوروبا لن يمنح الامتياز، تخيلوا إذا فازت الريال بدوري الأبطال مرة أخرى وتوجت كأحسن هداف، لكن إذا ظهرت بمستوى متواضع في المونديال فإن الأمور ستتغير. – كيف يمكنك البقاء في القمة وأنت على مشارف 33 سنة؟ – كل شيء يكمن في العقل، مفتاح النجاح هو الحماس والدعم، فالحماس يحفزك للتحقيق أهدافك، وإذ لم تتوفر على الدعم فاعلم أن الأمور ستصبح أكثر تعقيدا. أنا شخص متفائل، أعشق وأحب ممارسة كرة القدم، وأجتهد كثيرا في التدريب لكي أقدم أفضل ما لدي داخل المستطيل الأخضر، وأكبر إشكال قد تصطدم به، هو فقدان الحافز الذي يشجعك على الاستمرار. – ما هو الشيء الذي يقلقك ويزعجك؟ – أن أفقد دعم النادي والجمهور وأصدقائي. المشجع في بعض الأحيان تكون لديه ذاكرة قصيرة. في يوم ما كنا في المطار ولمحنا شخصا يصورنا ويسجل فيديو بهاتفه، كنت مع كارفاخال وسيرجيو راموس، وخاطبنا ذلك الشخص قائلا: «مهلا! عليكم أن تستيقظوا، فأنتم لا ترتكبون سوى الحماقات في الملعب»، فقلت له «مهلا! من فاز منذ ثلاثة أشهر بالسوبر كوب الأوروبي وسوبر كوب الإسبانية». فقدان الذاكرة وعدم الاعتراف بمجهود الفريق هو الذي يزعجني كثيرا. كرة القدم قبل كل شيء تبقى لعبة وع،ي عبارة عن مجموعة من المقابلات، وعندما تسوء الأمور قليلا، فعلى الجمهور أن يتحلى بالصبر، وأن يثق بقدراتنا ويساندنا في السراء والضراء. لقد فزنا بدوري أبطال أوروبا ثلاث مرات خلال أربع سنوات فقط، وكأنه أمر بسيط يسهل تحقيقه. إنني أعمل جاهدا لكي أقدم أفضل ما لدي في الملعب، لكن في بعض الأحيان لا تسير الأمور بالشكل الجيد وفق ما خططت له مسبقا، فمثلا العارضة ترفض تسديداتك أو يتصدى لها الحارس… – هل يمكنك التحدث عن عملك الروتيني الذي تقوم به، أن تكشف لنا سر لياقتك البدنية؟ – استعداداتي وتداريبي الخاصة هي دائما نفسها لم أغيرها منذ سنوات، ربما قد تكون أذكى من ذي قبل، إذ قلصت مدة تدريبي من 40 إلى 20 دقيقة، لكن في نفس الوقت أقوم بتمارين خاصة ومميزة. – هل تعتبر هذا العمل الذي تقوم به في الخفاء هو سر نجاحك؟ – نعم، إنه واحد من بين المفاتيح المهمة، لكني أعتبر الموهبة هي المفتاح الحقيقي الأكبر للتألق والنجاح. يمكن أن أقدم لكم برنامجي اليومي وأمنحكم بعض النصائح ووصفات النجاح، (ينتزع دفاتر الملاحظات التي كتبت عليها الأسئلة من بين أيدينا، ويظهرها مرة أخرى لنا) يمكن أن أفسر لكم طبيعة نظامي الغذائي وطريقة عملي وتدريبي وكل الأشياء التي أقوم بها لكي أصبح الأفضل، وسوف نرى بعد ذلك إذا كان بمقدوركم الفوز بخمس كرات ذهبية. حاولوا أيضا أن تقدموا هذه النصائح إلى طفل يبلغ من العمر 15 سنة وسنرى هل يستطيع التتويج بعد عشر سنوات بالكرات الذهبية. لعبة كرة القدم تتطلب امتلاك الموهبة أولا، ثم يأتي بعد ذلك العمل والاجتهاد. -كارلو أنشيلوتي، أخبرنا أنه لم يسبق له وأن رأى لاعبا يغمر جسده في المياه الثلجية في الثانية صباحا عند عودتك من مباريات دوري أبطال أوروبا. ما هي الغاية التي تدفعك للقيام بذلك؟ – إنه أمر روتيني اعتدت عليه، وأعتبره جزء من التدريب. عندما نسافر على متن طائرة لمدة ساعتين أو ثلاث ساعات، فإن ساقاك ستنتفخان بسبب الضغط الجوي. الماء المثلج مسكن طبيعي للألم، وهذا يجعلني أشعر بتحسن كبير وانتعاش، إنها من بين الجزئيات الدقيقة التي تصنع الفارق، تخفف من حدة الألم وتجعلك هادئا ومسترخيا. هل تعلمون لماذا اللاعب لا يستطيع في بعض الأوقات النوم بعد المباراة؟ لأنه غالبا ما يكون تحت تأثير الأدرينالين وضغط المباراة. لا يكترث المرء لأهمية النوم بقدر ما يمنحها للنظام الغذائي والعمل. أنأ أبحث عن طرق للاسترخاء والراحة وصفاء الذهن، لهذا أعتقد بنسبة 95 بالمائة، أنه بعد أخذ حمام الثلج سأنام جيدا. – هل جوائز الكرة الذهبية تنسيك الجهد والعمل الذي بذلته في السنوات الماضية؟ – (يفكر) النجاح مكافأة نفسية، اأمتلك الحظ لأنني أفوز في نهاية كل موسم بشيء ما، سواء كان ذو قيمة كبيرة أو صغيرة. والحافز هنا هو العمل لتحقيق الفوز. تخيل أنك تعمل بشكل كبير للوصول إلى هدفك وطموحك، لكن لا تتلقى شيئا بالمقابل في آخر السنة، إنه بالفعل أمر محبط. – هل تستعد بشكل مختلف لآن، مع وجود أربعة أطفال؟ – لا، إني شخص محترف، استعد دائما بنفس الطريقة وفقا لبرنامجي الخاص. من الطبيعي أن تتغير حياتي قليلا، لكن طفلا أو أربعة أطفال لن يشكل عائقا في مسيرتي أو ينعكس سلبا على قدراتي، بل بالعكس إنه يحفزني أكثر لتقديم الأفضل. أمنح كل العطف والحنان لأبنائي وأشاركهم وقتي. – أنت الآن رب أسرة، هل بدا كريستيانو الأب يحل محل اللاعب كريستيانو المحترف؟ – لا، أبدا. أب لثلاث أطفال أو أكثر يخلق العديد من المسؤوليات، لكن كنت دائما أحلم بإنشاء أسرة كبيرة. الجميل في الأمر هو تجربتي كأب لكريستيانو الأصغر، جعلتني ذلك سعيد جدا ومنحتني الرغبة لإنجاب المزيد من الأطفال في المستقبل. إنه شرف لي أن أكون أبا لأربعة أطفال. – هل تستيقظ في الليل لتقديم الحليب لأطفالك؟ – لا، لكن إذا تطلب الأمر سأفعل ذلك، يتواجد في المنزل خطيبتي وشخصان آخرين يساعدوننا للاهتمام بالأطفال. في الليل يجب أن آخد قسطا من الراحة والنوم، وهذا لا يعني أنني لا أحب أطفالي. إني ملزم بعملي وأنا أتحمل مسؤوليتي كأب للأسرة. فمن سينفق المال أو يجلبه إلى المنزل؟ إني أعمل كثيرا لأقدم حياة مثالية لأبنائي. في البيت أقوم بدوري كأب، وأقدم الحب والحنان، لكن الليل شيء مقدس بالنسبة لي، لأن في اليوم التالي، أستيقظ في الصباح من أجل التدريب. – كيف ترى نفسك خلال الخمس السنوات المقبلة؟ – تقريبا مثل اليوم. (يفكر) أريد لعب كرة القدم لأطول مدة ممكنة. لكن لا يستطيع أحد التكهن بخبايا المستقبل، وبما قد يحمله لنا من مفاجآت. على المرء استغلال الفرص جيدا الموجودة بين يديه. لا تفكر كثيرا في الماضي ولا تتطلع كثيرا إلى المستقبل. الآن أنا سعيد جدا، أفوز بالألقاب، صحتي في حالة جيدة، ليست لدي مشاكل مع أصدقائي أو عائلتي. من الممكن أن يتوقف مشواري الكروي في السنوات المقبلة، لكني سأستثمر في مشاريع أخرى بما أنني أمتلك العديد من الرعاة (الملابس، الفنادق، قاعات الألعاب الرياضية…). – هل تعتقد أنك ستصبح مدربا يوما ما؟ – لا ليس بالضرورة، في الحقيقة أريد أن أحصل على الوقت للدراسة، وممارسة السينما… -ممثلا؟ – نعم، أريد حقا أن أخوض تجربة سينمائية. في الحقيقة يعرض على في كل عام دور في فيلم سينمائي، لكن وقتي لا يسمح لي بذلك، لأني أستثمره تقريبا كله للعب كرة القدم. أنا متأكد من أني سأمر بأوقات صعبة عندما أنهي مشواري الكروي، لكني سأظل دائما ذلك الرجل السعيد الذي كان يعشق ويحب كرة القدم.