انعقد المجلس الوطني للفدرالية الديمقراطية للشغل بالمقر المركزي بالدار البيضاء يوم السبت 06 شتنبر 2014 في دورته العادية الثانية بعد المؤتمر الوطني الرابع للوقوف على مختلف القضايا المؤطرة للدخول الاجتماعي لهذه السنة، وبعد الاستماع لعرض المكتب المركزي الذي ألقاه عبد الحميد فاتحي الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل والذي استعرض من خلاله الوضع المتأزم للوطن العربي والسياقات الدولية المؤثرة في الوضع العام على كافة الأصعدة وكذا تطورات القضية الوطنية الأولى، إضافة إلى السياقات التنظيمية والدينامية النوعية التي أفرزها المؤتمر الوطني الرابع في إطار تحصين الفدراليات والفيدراليين لقيم ومبادئ التأسيس وتطويرها خدمة للطبقة العاملة المغربية، وجعل المنظمة أداة تنظيمية ونضالية مسخرة لخدمة الشغيلة المغربية لا لمراكمة الثروة والمتاجرة بهموم الفئات المحرومة، واصطناع سلم اجتماعي شكلي مبني على تواطؤ ضمني متنكر لقيم ومبادئ الممارسة النقابية الشريفة التي قدمت رجالا ونساء من أحرار الوطن تضحيات جسيمة لإقرارها وترسيخها. كما وقف مطولا عند الملف الاجتماعي المتأزم بسبب الهجمة الشرسة التي تقودها الحكومة عبر سياستها اللاشعبية، وهجومها المتواصل على القدرة الشرائية للمواطنين وإمعانها في اتخاذ القرارات الجائرة والمس بكرامة المأجورين، وتسويق هذه الهجمة كإنجازات حكومية غير مسبوقة دون وخزة ضمير ولا حمرة خجل في مشهد بئيس يعلن انهيار قيم المواطنة والمسؤولية لدى القائمين على تدبير الشأن العام. ولم يفت المجلس الوطني مناقشة القرارات الخرقاء التي تسارع الحكومة في إصدارها وتنفيذها، امتثالا لأوامر البنك الدولي والمؤسسات المالية الرأسمالية وحماية لمصالح المنتفعين والفاسدين ممن استنزفوا ثروات شعبنا، واستفادوا من عفو رئيس الحكومة ضدا على مقتضيات الدستور، في محاولة للهجوم على الطبقات المحرومة واستباق انتفاضتها في وجه الفساد والعبث والظلم، وكان آخر هذه القرارات إصدار المرسوم المشؤوم الذي يقر رفع سن التقاعد والتمديد الإجباري للأساتذة الباحثين والموظفين الخاضعين للنظام الأساسي لموظفي وزارة التربية رغم بلوغهم سن التقاعد بطريقة ملتوية ومتحايلة سعت بكل جبن إلى مصادرة النقاش من المؤسسة التشريعية، والى الإجهاز على المنهجية التشاركية التي ساهمت الطبقة العاملة في تكريسها في إطار الحوار الاجتماعي. إن المجلس الوطني وهو يؤكد أن الفدرالية الديمقراطية للشغل كنقابة مواطنة استمدت جديتها من امتثالها الدائم لتطلعات الشغيلة المغربية ، فاوضت إلى جانب المركزيات النقابية كل الحكومات السابقة بروح وطنية مسؤولة أدت إلى استقرار اجتماعي وسياسي ميز بلادنا، وجعلها نموذجا يتعرض الآن لانقلاب معلن ومحاولات إرجاعه إلى الصفر بنهج سياسة حكومية تتوخى الانفراد بالقرار، وتهميش النقابات ومصادرة دورها الدستوري في تمثيل الأجراء والدفاع عن مكتسباتهم وحقوقهم المشروعة. إن واقع الأزمة الاجتماعية اليوم يسائلنا ويسائل قيم المروءة والتضحية في كل حر شريف لإيجاد الأجوبة النضالية القوية والفعالة لمجابهة هذا الهجوم المنسق بين البورجوازية والمنتفعين وسدنة الفساد الجدد، مبدعي شعار عفا الله عما سلف، على كل نزعات المعارضة والرفض بل وحتى المناقشة والمطالبة في إطار المشروعية بحوار جدي حول مطالب الفئات المحرومة ومحدودي الدخل، إنهم يسعون بكل بساطة إلى تحويل المغاربة لقطيع تابع لا مبدأ ولا فكرة ولا قيم ولا رأي له. وفي سياق هذا المسلسل التصفوي أبت الحكومة إلا أن تطلق رصاصة الرحمة على المأجورين من خلال الإجراءات التي بدأت في تنفيذها بكل رعونة بخصوص ملف التقاعد، عبر الرفع من سن التقاعد للمقبلين عليه ورفع نسبة الاقتطاع الشهري للموظفين الممارسين وتخفيض مبالغ المعاش للمحالين على التقاعد، مما يشكل ضربة قوية للقدرة الشرائية للأجراء في ظل تجميد الأجور والزيادات المسترسلة في الأسعار، فضلا على كون هذه الإجراءات تشكل في العمق محاولة لتبييض سنوات الفساد التي عرفها تدبير صناديق التقاعد وسعيا لتغطية الخصاص الذي خلفه النهب وسوء التدبير من جيوب الموظفين بدل محاسبة اللصوص، وتحمل الدولة مسؤوليتها كاملة في حماية أموال المغاربة ومدخراتهم وضمان أمنهم الاجتماعي واطمئنانهم للمستقبل. ومن منطلق الوفاء لمبادئ تأسيس المشروع الفيدرالي التقدمي الديمقراطي الحداثي، والدفاع المستميت عن مصالح المأجورين رغم سياسة الترهيب والقمع الممارس من طرف الحكومة في مجابهة كل الحركات الاحتجاجية المشروعة، فإن المجلس الوطني يحمل الحكومة المسؤولية الكاملة في تردي الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية جراء تدبيرها المرتجل للشأن العام، وتنازلها عن سيادة القرار المالي لفائدة مافيا المؤسسات الدولية الرأسمالية، وسعيها لتمييع كل ما ضحى الشرفاء لإقراره من عمل نقابي وسياسي وجمعوي في اغتيال ثان أشد قساوة ومرارة لعمر بن جلون والمهدي بن بركة وسعيدة المنبهي وعمر دهكون وكل قوافل الشهداء التي أنارت درب الوطن في طريقه المتعثر نحو إقرار دولة الحق والقانون، وهو الاغتيال الذي ستلطخ دماؤه يد كل متخاذل متواطئ صامت عن هذا المنكر. إن المجلس الوطني إذ يجدد رفضه للسياسة اللاشعبية المنتهجة من طرف الحكومة ولكل إجراءاتها الانتقامية من الطبقة الوسطى، وإذ يعبر عن تنديده باستهداف الحريات والحقوق النقابية، يؤكد أن انتفاضة الطبقة العاملة آتية لا ريب فيها منطلقها الإجراءات الخرقاء للحكومة المغربية ومنتهاها إقرار سياسة اجتماعية عادلة وتوزيع عادل للثروة، والتراجع عن كل المخططات البئيسة الجاعلة من جيوب المستضعفين مدخلا لإصلاح ما خربه المفسدون. واعتبارا لسلسلة الزيادات المتتالية في الأسعار آخرها أسعار الماء والكهرباء، واعتبارا لسلة الإجراءات اللاشعبية التي تسعى الحكومة إلى إقرارها بخصوص التقاعد، والمهددة بالإجهاز على كل المكتسبات المادية المحققة منذ التسعينات، واعتبارا لهروب الحكومة إلى الأمام واستمرائها لسياسة إذلال المغاربة واستغلال حرصهم على استقرار البلد لتنفيذ أبشع السيناريوهات وأقصاها على واقعهم الاجتماعي ومستقبل أبنائهم فإن المجلس الوطني يقرر: خوض إضراب عام إنذاري لمدة 24 ساعة في الوظيفة العمومية والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري مع تفويض المكتب المركزي صلاحية تحديد تاريخ التنفيذ. - دعوة المكتب المركزي لتنظيم ندوة صحفية بشكل عاجل لشرح مبررات دواعي وآفاق المسلسل النضالي - يفوض للمكتب المركزي صلاحية اتخاذ الخطوات النضالية المناسبة الموالية للإضراب الوطني. ولا يفوت المجلس الوطني التأكيد على راهنية وأهمية التنسيق النقابي على قاعدة البرنامج النضالي ويدعو المكتب المركزي لاتخاذ كل الخطوات الكفيلة بأجرأة التنسيق وتوسيعه بما يخدم مصلحة الطبقة العاملة ويحصن مكتسباتها يجدد التأكيد على أن لا حل لقضيتنا الوطنية الأولى إلا في إطار المقترح المغربي بإقرار حكم ذاتي موسع كما وصفه المجتمع الدولي بالجدي وذوي المصداقية، داعيا الجزائر إلى العودة إلى جادة الصواب ورفع يديها عن المغاربة المحتجزين في تندوف، وفتح الآفاق أمام الشعوب المغاربية للتفاعل والانفتاح من خلال فتح الحدود المغلقة منذ عشرين عاما. يدعو كل الفدراليات والفدراليين للالتفاف حول إطارهم النقابي وتعبئة الشغيلة المغربية للانخراط في هذه المعركة الانذارية.