اعتبر العربي حبشي عضو المكتب المركزي للفدرالية الديمقراطية للشغل و عضو الفريق الفدرالي بمجلس المستشارين أن أنظمة التقاعد إشكالية مجتمعية تتطلب قرارات سياسية كبرى. و أكد على أن إصلاح التقاعد ينبغي أن يكون شموليا،و لا يمكن له أن يتم بمعزل عن إصلاح منظومة الضرائب و منظومة الأجور و التعويض عن الأمراض المزمنة و التعويض عن البطالة و فقدان الشغل... و أضاف عضو المكتب المركزي الفدرالي الذي كان يحاضر في اللقاء التواصلي الذي نظمه الاتحاد المحلي للفدرالية الديمقراطية للشغل ببنسليمان يوم الخميس 22 مايو الجاري أن الحكومة الحالية تريد تطبيق مقاربة لإصلاح التقاعد تؤدي فاتورتها الطبقة العاملة.و هو ما ترفضه المركزيات النقابية و ستتصدى له. و هي مقاربة تعتمد على إصلاحات مقياسية. و من بينها لرفع من سن التقاعد من 60 إلى 62 سنة كمرحلة أولى و من 62 إلى 65 سنة في المرحلة الثانية. هذا الإجراء ستكون له انعكاسات كبيرة على الاقتصاد المغربي، و سيؤدي إلى اختلالات عميقة في سوق الشغل حيث أن عروض الشغل ستنخفض مقابل ارتفاع الطلب عليه، علما يضيف العربي حبشي أن هناك خصاص كبير و مهول في توفير الموارد البشرية بمختلف القطاعات العمومية. و أعطى بعض الأمثلة على ذلك حيث أن قطاع الصحة يعاني من خصاص 9000 طبيب. أما قطاع التعليم فالخصاص به يقارب 15ألف رجل التعليم، بالإضافة إلى خصاص يزيد عن 300 منصب لمفتشي لمالية... و هي إكراهات لابد أن تؤخذ بعين الاعتبار قبل اتخاذ أي إجراء للإصلاح. أما المستوى الثاني الذي تريد تطبيقه الحكومة هو الرفع من المساهمات أي على الأجير أن يعمل أكثر و يساهم كثيرا و لا يستفيد في نهاية مشواره المهني إلا قليلا و هو ما يضعف القدرة الشرائية و يؤثر على نمط الاستهلاك و على الاقتصاد الداخلي. و ذلك بالنظر للتطور الكبير الذي عرفه نمط الحياة, أما المستوى الثالث الذي تسعى الحكومة جاهدة لتطبيقه هو قاعدة احتساب التقاعد، فعوض أجرة آخر شهر فإنها تريد احتساب معدل العشر سنوات الأخيرة، و هو ما يؤثر على القدرة الشرائية للمتقاعدين و يزيد من تفقيرهم. هذه الإصلاحات المقياسية حسب المحاضر لن يستفيد الأجير فيها من أي شيء. و هو ما يبين انعدام المقومات السياسية لدى الحكومة الحالية في إيجاد حلول ناجعة لمشكل التقاعد تضمن الحد الأدنى للعيش و تحترم كرامة الإنسان. و كان العربي حبشي في بداية مداخلته قد تطرق إلى السياقات السياسية و الاجتماعية التي عرفتها المنطقة الإقليمية و كذا التحولات و التغييرات التي وقعت في بعض الأقطار. مشيرا في نفس الوقت إلى التراجع عن المكتسبات و الهجوم على القدرة الشرائية للمواطنين من خلال الزيادات في اسعار المحروقات و الأسعار، مقابل محاولة الحكومة تمرير بعض المشاريع التي تضرب في العمق مصالح الطبقة العاملة بدعوى الإصلاح. ومن ضمنها صندوق المقاصة و مشكل التقاعد الذي اعتبره عضو المكتب المركزي الفدرالي نظاما مشتتا و متعددا و لا تنظمه القوانين في إشارة إلى الصناديق الأربعة للتقاعد التي تعرف اختلالات بنوية. فالصندوق الوطني للتقاعد حسب المحاضر كان يسوده سوء التدبير و كان عبارة عن وحدة إدارية تابعة لوزارة المالية. و تم تحويله إلى مؤسسة عمومية في عهد حكومة عبد الرحمان اليوسفي التي التزمت بدفع مساهمتها في هذا الصندوق. أما الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي فقد أسس لمصلحة الأجراء، لكن أصبحت ترتكب فيه بعض الخروقات. فالباطرونا لا يصرحون بالعمال لدى هذا الصندوق إلا تصريحا جزئيا و أن مساهمة هؤلاء في صندوق الإيداع هي مساهمة إلزامية. لكن لا يستفيد منها الأجراء. علما يضيف العربي حبشي أن صندوق الإيداع و التدبير هو مؤسسة مالية تم تأسيسها من اجل إنجاز مشاريع و خلق استثمارات لفائدة الطبقة العاملة. و قد ذكر المسؤول النقابي في هذا الصدد بالمناظرة التي تمت لإيجاد حلول لمشكل التقاعد باقتراح من النقابات في عهد حكومة إدريس جطو و الاتي انبثقت عنها لجنة الوطنية و أخرى تقنية ضمت النقابات و ممثلي الإدارة التي عقدت ما يزيد عن 100 اجتماع منذ سنة 2004، حيث خلصت إلى إقامة قطبين: قطب عمومي مبني على نظام التوزيع، يتضمن نظام تكميلي إجباري و قطب خصوصي يتم الاتفاق فيه بين الباطرونا مع ممثلي العمال, و تكون هذه التوصيات ملزمة للأطراف الثلاث: الحكومة و الباطرونا و المركزيات النقابية من أجل ضمان العيش اللائق للإنسان. لكن الخلاف مع الحكومة المذكورة كان حول تدبير المرحلة الانتقالية قبل تطبيق الإصلاح. أما على مستوى الحوار الاجتماعي فقد أشار العربي حبشي إلى تجميد الحوار الاجتماعي في عهد الحكومة الحالية و الذي امتد لسنتين عكس ما تم ترسيخه مع الحكومات السابقة حيث كان ينعقد الحوار الاجتماعي في دورتين. الأول قبل عرض قانون المالية و الثاني في شهر أبريل. لكن الحكومة الحالية لها مفهوم آخر و خاص للحوار الاجتماعي فهي تعتبره مجر لقاء للتشاور و الإنصات. مؤكدا على أن الحوار الاجتماعي هو التفاوض الاجتماعي الثلاثي الأطراف. و قد ذكر في هذا الجانب بأن المركزيات النقابية الثلاث الفدرالية الديمقراطية للشغل و الكنفدرالية الديمقراطية للشغل و الاتحاد المغربي للشغل اختارت توحيد جهودها و الاتجاه نحو العمل النضالي الموحد مشيرا إلى التنسيق الذي تم بين المركزيات النقابية المذكورة في 29 يناير 2014 و الذي أدى إلى رفع مذكرة مطلبية مشتركة إلى رئيس الحكومة. و توج بالقيام بمسيرة نضالية مشتركة يوم 6 أبريل الأخير. كان من نتائجها العودة إلى طاولة المفاوضات و الحوار. لكن للأسف يضيف عضو المكتب المركزي الفدرالي أن نتائج الحوار الاجتماعي الأخير كان هزيلا و قد تم الإعلان عليه من طرف الحكومة فقط التي لم تلتزم لحد الآن بمواصلة الحوار. مما يبين بالملموس أن هذه الحكومة تفتقد لسياسة اجتماعية واضحة و أنها تعتمد على أسلوب المماطلة و المناورة الذي سيتم التصدي له من خلال التنسيق و تعبئة عموم الشغيلة و المأجورين و دعوة الأجهزة التقريرية للمركزيات النقابات الثلاث إلى عقد مجالسها في يوم واحد وبجدول موحد لاتخاذ القرارات النضالية المناسبة للرد على تعنت الحكومة في تحقيق مطالب الطبقة العاملة. و للإشارة فقد عرف اللقاء التواصلي المشار إليه الذي نظمه الاتحاد المحلي للفدرالية الديمقراطية للشغل يوم 22 أبريل 2014 بدار الشباب ببنسليمان حضورا متميزا و متنوعا. و في مقدمة الحضور بعض الإخوة المسؤولين و المناضلين من مدينة المحمدية و من بينهم الأخ أحمد وهوب الكاتب الإقليمي السابق للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بنفس المدينة. و كذا بعض المسؤولين النقابيين السابقين بمدينة بنسليمان. و تميز بالكلمة التي ألقاها كاتب الاتحاد المحلي الذي أشار إلى ضرورة اعتماد النقابات على منهجية التواصل مع عموم الشغيلة و المأجورين لرد الاعتبار إلى العمل النقابي الجاد و المسؤول في ظل الوضعية التي اتسمت مؤخرا بالتشتت و التي دفعت بالمركزيات الثلاث إلى تدارك الوضع و الاتجاه نحو توحيد الجهود و التنسيق فيما بينها للتصدي لكل القرارات اللاشعبية التي تحاول الحكومة تمريرها ضدا على الطبقة العاملة. و قد ذكر بموضوع اللقاء:»الحوار الاجتماعي و إصلاح أنظمة التقاعد« الذي اعتبره ذو راهنية و أملته ظروف و سياقات معينة. فهو يأتي بعد نتائج الحوار الهزيلة التي قدمتها الحكومة و من جهة أخرى هناك نقاش قوي أثير مؤخرا حول محاولة الحكومة تمرير مشروع إصلاح أنظمة التقاعد الذي يضرب في العمق مصالح الطبقة العاملة. و اختتم اللقاء التواصلي بمداخلات الحاضرين التي أغنت عرض عضو الفريق الفدرالي ببمجلس المستشارين.