كشفت دراسة ميدانية أجرتها جمعية التحدي للمواطنة على عينة من النساء، حول موضوع التحرش الجنسي بالفضاء العام وداخل وسائل النقل العمومية خصوصا، أن 5 في المئة ممن تعرضن لهذا الفعل تتجاوز أعمارهن 60 سنة، إلى جانب 12 في المئة أقل من 18 سنة، في حين أن الفئة العمرية التي تتراوح مابين 19 و39 سنة قد بلغت 54 في المئة، الأمر الذي يبين، حسب معدي الدراسة، أن التحرش الجنسي بالنساء غير محكوم بسن معين بقدر ماهو مرتبط بعقلية ذكورية تقوم على تسليع المرأة. أرقام تم تقديمها خلال ندوة صحافية جرى تنظيمها يوم الخميس بالدارالبيضاء، بمناسبة إطلاق جمعية التحدي ومركز التحدي للمواطنة، لحملة تحسيسية ضد ظاهرة التحرش الجنسي في صفوف مستعملي وسائل النقل العمومي، تحت شعار « ماتحرش بيا .. وسيلة النقل لك وليا»، وذلك في إطار تخليد اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، والمساهمة في حملة 16 يوما الأممية لمناهضة العنف المبني على النوع. ووقفت الدراسة التي شملت 200 امرأة، والتي تم عرض تفاصيلها خلال الندوة، عند مختلف أشكال العنف الممارس ضد النساء، اللفظي منه والمادي، الذي قد ينطلق بكلام فلمس وتحسس وينتهي باعتداء، وقد يتوقف عند حدود السب والقذف. وعبّرت نساء العينة المستجوبة عن عدم الارتياح في استعمالهن لوسائل النقل العمومي بنسبة 71 في المئة، واعتبرنها مكانا منتجا للمس بالكرامة، وفضاء للعنف الجسدي والنفسي نتيجة لعوامل متعددة، كما هو الحال بالنسبة للاكتظاظ، احتكاك الأجساد، التحرش، الظلم، السرقة، عدم الاحترام، سوء ورداءة التجهيزات، وسوء المعاملة من طرف مستعملي ومسؤولي الوسيلة، السياقة المتهورة، عدم الالتزام بالوقت، قلة الحافلات، وغيرها، وتبيّن من خلال أجوبة المستجوبات أن 49 منهن يشعرن بغياب الإحساس بالأمن والأمان على متن وسائل النقل العمومي، في الوقت الذي طالبت فيه 35 مستجوبة بتطبيق العقوبات الزجرية، بل إن 12 سيدة طالبن بضرورة أن يكون حضور الأمنيين إلزاميا داخل حافلات النقل العمومي، في الوقت الذي اعتبرت 16 منهن أن وضع كاميرات المراقبة هو خطوة من شأنها تحجيم ظاهرة العنف والتحرش بالنساء. الدراسة بيّنت كذلك أن نسبة 29 في المئة من المستجوبات عبرن عن ارتياحهن النسبي من استعمال وسائل النقل العمومي، لكن مع تحديد الوسيلة المستعملة والتي تكلفهن باهظا، لأن الأمر يتعلق باستعمال سيارة الأجرة الصغيرة، وبالنظر لمهن النساء اللواتي شملتهن الدراسة يتضح أن جلهن لا يستطعن اختيار هذه الوسيلة التي عبّرت عدد منهن عن أنها، هي الأخرى، تعتبر مكانا للتحرش، وإن بشكل أخفّ، مقارنة بغيرها. أجوبة كشفت، بحسب مسؤولي الجمعية، عن مؤشرات خطيرة تمس بالوضعية التي تعيشها النساء والمرتبطة بحاجة وضرورة يومية، مما يدل كذلك على أن هناك غياب الرادع المتمثل في قانون يحمي النساء من العنف ومن التحرش الذي لم يبرح مكانه منذ 2006، مشددين على أنه، وإن وجدت نصوص متفرقة، فهي إما غير قابلة للتطبيق أو أنها تعتمد على شروط تعجيزية في الإثبات، وبالتالي وجب، بحسبهم، العمل على تعزيز الترسانة القانونية مع ضرورة توفير تربية جنسية للأجيال من أجل الرقي بالسلوكات المجتمعية بما ينعكس إيجابا على العلاقة بين الذكر والأنثى في مجتمعنا.