"زوجتك نفسي وأنا قبلت" ?هذه العبارة جعلت العديد من الشباب يسقطون في فخ ما يسمى بالزواج العرفي، إنه اتفاق بين طرفين (امرأة ورجل )على الزواج دون عقد شرعي مسجل بشهود أو بدون شهود، لا jترتب عليه نفقة شرعية أو متعة وليس للزوجة أي حقوق شرعية لدى الزوج. لذلك يكون زواجا باطلا لأنّ الإشهار ركن من أركان الزواج الشرعي في الاسلام، وكل ما بني على باطل فهو باطل، وهو مصطلح يطلق على علاقة باطلة شرعا بين رجل و امرأة تقوم فيها هذه الأخيرة بتزويج نفسها بدون موافقة (أو علم)وليها و أهلها، ويتسم عادة بالسرية التامة و يكون بإحضار شخصين "كشاهدين" والثالث يكتب العقد. أصبحت ظاهرة الزواج العرفي تعرف انتشارا بشكل يثير الجدل خصوصا وسط الجامعات المغربية، وعلى حد تعبير المقبلين على هذا الصنف من الزواج، فإنهم يرونه الحل "الشرعي" الأنسب لعدم الوقوع في فخ الزنا المنتشر. إذ يعتبر الجميع أن الزواج العرفي أصبح من أكبر المعضلات، ويظل النظر إليه قائما كمطارحة فكرية يجب الاشتغال عليها. وتبين أن الحرم الجامعي هو المكان الأول الذي ينشط على مستواه هذا الصنف من الزيجات، ليكون بذلك موضوع نقاش. خرجنا إلى الميدان وحاولنا رصد مختلف آراء الشباب و الشابات المقبلين على هذا الصنف من العلاقات وكانت الاجابات كالتالي: "إن النظرة إلى الزواج أصبحت قاصرة لاعتبارات عدة منها: المغالاة في المهور والإكثار من الطلبات، الأمر الذي جعل الزواج العرفي بالنسبة للكثيرين مخرجا لارتباط خارج إطار أي التزامات يهابها الشباب إلى درجة الإقدام على ارتكاب الخطيئة وعيا بها، ثم التملص من المسؤولية بنية الهروب منها، وأيضا الإكثار من وضع الكثير من القيود التي يصعب تخطيها أمام الزواج الشرعي، مع غياب الوازع الأخلاقي في ظل الافتقار للتنشئة الدينية والأخلاقية. هذه الظاهرة من العلل القاتلة التي نفذت إلى جسم المجتمع المغربي وأخذت تنخر في بنيانه في صمت رهيب بعيدا عن أنظار القانون. وصرح فؤاد أن من بين الأسباب التي يراها رئيسية ألا و هي التبعية للمشرق والتقليد الأعمى إذ لم يكتب لهذا الصنف من العلاقات المشبوهة أن يحيى بين أبنائنا، إلاّ بعدما أقدمنا على التشبه بثقافات دخيلة لتكون بداية الكثير من العلل الأخلاقية في مجتمعنا هذا. واعترف معظم الطلبة أن الزواج العرفي أصبح مجرد وسيلة قديمة، أكل الدهر عليها وشرب، نزولا عند إشباع رغباتهم لم يعودوا في حاجة حتى إلى هذا الزواج العرفي ،بعدما أصبحت الإمكانية متاحة بكل المقاييس أمام إقامة علاقات غير شرعية وبكل سهولة. أمينة طالبة بجامعة محمد بن عبد الله بفاس استهلت حديثها بقولها :"الله يهدي ما خلق" قبل أن تضيف "لطالما نصحت صديقتي بعدم وضع ثقتها العمياء في شاب يرى أن الزواج العرفي هو زواج شبيه بالزواج الشرعي ولكنها لم تنصت لي، فقد عاشت مع شاب تحت سقف واحد معتبرة بذلك أنه سقف الحب والعشق" وأشارت الى أن معظم الطالبات داخل أسوار الجامعات المغربية متخصصات في قبول العروض الوافدة عليهنّ من قبل الزواج العرفي بمقابل مادي طبعا، مضيفة أنه ليس الشاب العازب أو الطالب هو الذي يقتصر على الزواج العرفي بل يخص أيضا الرجل المتزوج الذي يؤول إليه خفية من زوجته و أبنائه. يؤكد أحد الاساتذة الجامعيين أن الجامعة المغربية أصبحت بمثابة المكان الذي تعرض على مستواه الكثير من المشاهد الاجتماعية ،التي يصعب على المنطق تقبلها، فكيف يرضخ المجتمع لقابلية التعايش معها والتكتم عليها والتي تحظى باهتمام الرأي العام حيث نجد الدافع الأكبر للحديث عن كثرة الزيجات العرفية لدى الطالبات اللواتي ولجن أسوار الجامعات فتيات يافعات و خرجن من أبوابها مقنعات رؤوسهنّ، أمهات نتيجة سقوطهن في شباك "زوجتك نفسي وأنا قبلت "وبذلك يقول :"إننا نتوجه بإدانتنا الشديدة لجامعتنا المغربية لأنها تعتبر المسؤول الأول". وفي هذا الشأن يرى الأساتذة الباحثون أن الزواج العرفي نتيجة لما يسمى بتمديد فترة الشباب، فقديما كان الزواج يتم مباشرة بعد البلوغ، الآن ومع تمديد فترة الدراسة والتي أصبحت تصل إلى الثلاثينيات بل وحتى إلى الأربعينات ،تبقى الرغبة الجنسية ملحة على الإنسان، فيتم الزواج بطريقة أو بأخرى ،وهكذا ينشأ زواج آخر غير الزواج المنصوص عليه في القوانين التشريعية. ويظهر هذا في الجامعات والمعاهد التعليمية حيث تتزوج الطالبات بطريقة يمكن تسميتها عرفية لكونها لا تخضع لكتابة العقد حسب القوانين المعمول بها، وكذلك نتيجة الإلحاحات الجنسية وضغوط المجتمع والتكاليف الباهظة . وانطلاقا من القانون المغربي خاصة مدونة الاسرة ،نجد أن الزواج ليس له أي وجود أو تعريف في المغرب، فالمشرع لم ينظم أحكامه ولا أشكاله ولا طرقه لأنه لا يحترم الأركان الشرعية والقانونية المطلوبة لصحة الزواج التي تتمثل في الصداق وموافقة ولي الأمر والعقد الشرعي مثلما ينصّ على ذلك القانون، و غالبا ما يقتصر الزواج العرفي على تحرير ورقة بين طرفين وفي خفية من الجميع. وهذه العقود باطلة شرعا وقانونا مثلما تنص على ذلك المادة 57 من مدونة الأسرة . اجتمع معظم الفقهاء في رأيهم أن ظاهرة الزواج العرفي انتشرت كثيرا بين الطلبة وخاصة منهم "الملتزمين دينيا"، وذلك للهرب من الشروط القانونية أو لشرعنة التعدد بطريقة غير مباشرة، ويقرون أن هذا الزواج غير شرعي وهو في مقام الزنا لا أكثر ولا أقل لأنه يفقد كل شروط الزواج الشرعي.