مع تصاعد الأثار السلبية لما يسمى الربيع العربي على مسيحيي الشرق الأوسط ، ونظرا لأن الاضطهاد تحول إلى محاولة إنهاء الوجود المسيحي فى الشرق من قبل المجموعات الإرهابية الإسلامية، وفى ظل تواطؤ حكومات المنطقة مع الإرهابيين ورفع الحماية عن هذه الأقليات المسيحية المسالمة، أصبح مسيحيو الشرق الأوسط يواجهون عدوا واحدا ومصيرا واحدا، والعدو هو التطرف الإسلامي والمصير هو التخطيط لإنهاء الوجود المسيحي في الشرق. وبالتالي شئنا أم أبينا أصبحت المشكلة دولية، ويتحتم على المجموعة الدولية تحمل مسؤولياتها إزاءها. ولما كانت القيادات المسيحية في الشرق الأوسط محاصرة من قبل حكومات المنطقة وغير مسموح لها بأي تحرك فعّال لمعالجة القضية، فكان من الطبيعي أن تتحرك القيادات المسيحية الشرق أوسطية في أوروبا وأمريكا. ومن اللافت للنظر أن بعض حكومات المنطقة حاولت احتواء القضية من خلال عدة مؤتمرات عقدت فى تركيا والأردن ولبنان برعاية وتمويل هذه الدول وجماعات سياسية متعاونة معها، إلا أن سقف هذه المؤتمرات كما خطط لها التنفيس وليس البحث عن حل. ولهذا جاء التحرك من قبل قيادات مسيحيي الشرق الأوسط المستقلة في أمريكا وأوروبا، وقد رصدنا عددا من فاعليات هذا التحرك على النحو التالي: أولا: مؤتمر بروكسل 5/6 نونبر 2013 قامت اللجنة المشرقية (أو لجنة مسيحيي المشرق، التي كانت قد تأسست عام 1982 في بيروت وانتقلت عام 1991 إلى واشنطن)، بعقد مؤتمر لقيادات مسيحيي الشرق في عاصمة الاتحاد الأوربي بروكسل في 56 نونبر 2013 تحت عنوان «الشعوب المسيحية في الشرق الأوسط: التحديات والاستراتيجيات»، ورأس المؤتمر الأستاذ عادل جندي رئيس منظمة التضامن القبطي، وشارك في المؤتمر قيادات من مسيحيي الشرق في العراق وسوريا ومصر ولبنان وتركيا، وتضمنالمؤتمر عقد جلسة استماع خاصة في البرلمان الأوروبي برئاسة أثنين من نواب رئيس البرلمان الأوروبي. وفى المساء تم تنظيم عشاء سياسي تحدث فيه عدد من سفراء الدول الهامة لدى الاتحاد الأوروبي منهم سفير الاتحاد السوفيتي، وقبرص، والبرتغال، ولتوانيا التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، كما تحدث الممثل الخاص للسيدة كاثرين أشتون لشئون الشرق الأوسط وعدد من رؤساء المراكز البحثية المهتمة بموضوع الشرق الأوسط. وقد تم عمل فيلم وثائقي يغطى لقطات من فاعليات هذا المؤتمر يمكن مشاهدته عبر هذا الرابط:- https://www.youtube.com/watch?v=_ufQfUFB3VA&%3Bfeature=youtu.be ثانيا: مؤتمر واشنطن 26-28 يونيو 2014 في إطار دورها القيادي الهام للدفاع عن حقوق الأقباط واحتضان قضية مسيحيي الشرق الأوسط، قررت منظمة «التضامن القبطى» أن يكون المحور الرئيس لمؤتمرها السنوي الخامس (26-28 يونيه 2014) حول قضايا مسيحيي الشرق الأوسط وجاء عنوان المؤتمر «بعد الربيع العربي: مسيحيو الشرق الأوسط بين العنف المحلى وعدم الاهتمام الدولي.» وقد عقد اليوم الأول للمؤتمر في إحدى قاعات الكونجرس وتحدث فيها عشرة من أعضاء الكونجرس وعضو من مجلس الشيوخ وعضو من مجلس اللوردات البريطاني وعضو من البرلمان الكندي ورئيس لجنة الحريات الدينية الدولية وأحد مساعدي وزير الخارجية جون كيري ونخبة من المتخصصين فى قضايا الشرق الأوسط، ثم واصل المؤتمر أعماله فى اليومين التاليين في أحد فنادق واشنطن. ويمكن الاطلاع على الجدول الحاشد لهذا المؤتمر من خلال هذا الرابط. http://www.copticsolidarity.org/component/content/article/25-conference-materials/2649-conference2014 كما يمكن مشاهدة بعض الكلمات التي ألقيت في المؤتمر عبر هذا الرابط:- http://www.copticsolidarity.org/component/content/article/28-conference-materials/conference-2014/2812-conference-videos-2014 ثالثا: محاولة نقل القضية إلى الأممالمتحدة كانت إحدى توصيات مؤتمر واشنطن أن مشكلة مسيحيي الشرق الأوسط تحتاج إلى عناية خاصة من المجتمع الدولي ولذا يتحتم نقلها إلى مجلس الأمن الدولي، وبدأت الاتصالات بمكتب الأمين العام للأمم المتحدة وبعثات الدول دائمة العضوية. وفي 22 غشت 2014 تحرك عشرة من قيادات مسيحيي الشرق الأوسط وممثل للأقلية اليزيدية في العراق، إلى نيويورك وأجروا خمسة لقاءات هامة مع بعثة إيطاليا في الأممالمتحدة، باعتبارها رئيس الاتحاد الأوروبي حتى نهاية عام 2014، ومع بعثة بريطانيا العضو الدائم فى مجلس الأمن ورئيس المجلس عن شهر غشت، وبعثة الولاياتالمتحدة، والتي سوف تتسلم رئاسة المجلس من شتنبر 2014، وبعثة روسيا. واختتمت الجولة بلقاء موسع في مكتب الأمين العام للأمم المتحدة ضم دائرة مستديرة مع مسؤولي وكالات الأممالمتحدة التي تتعامل مع قضية العراق حاليا. وكان التركيز خلال اللقاءات على محنة المسيحيين في العراق، خاصة بعد ظهور داعش وممارستها للتطهير العرقي ضد المسيحيين في شمال العراق، ومحاولة إيجاد حل سريع لمشكلتهم مع استعراض مشاكل باقي الأقليات المسيحية في الشرق. وقام المشاركون بشرح تفصيلي للأزمة على الأرض في العراق مطالبين جميع من التقوهم بأمور محددة بشأن الأزمة العراقية العاجلة:- 1-ضرورة عودة المهجرين قسريا من المسيحيين واليزيديين إلى بلدانهم ومنازلهم وأعمالهم، قبل تغيير الطبيعة الديموغرافية للمنطقة مما يصعب عودتهم. 2 خلق منطقة أمنة للأقلية المسيحية واليزيدية فى سهل نينوى وسنجار تحت حماية قوات أممية حتى تستقر الأمور. 3-مساعدة الأقليات في نينوى وسنجار للدفاع عن أنفسهم بخلق مراكز شرطة مسلحة بإشراف من الاتحاد الأوروبي الذى يملك خبرة واسعة في هذا المجال، علما بأن مراكز الشرطة المحلية لا تتعارض مع الدستور العراقي. 4-تحويل عناصر من داعش والنصرة إلى محكمة الجنايات الدولية أو إنشاء محكمة دولية خاصة لمحاكمتهم. 5-بذل كل الجهد لإرجاع السيدات والبنات والأطفال المختطفين إلى ذويهم، حيث وصل الأمر إلى عرض داعش نساء للبيع في أسواق الموصل بحوالي عشرة دولارات فقط. 6-أن يكون للأقليات العراقية دور رئيسي في أي مفاوضات دولية بشأن مستقبل العراق. وشرح المشاركون في اللقاءات أن التحرك يتم على أبعاد ثلاثة مع الاتحاد الأوروبى والولاياتالمتحدةوالأممالمتحدة، وأشاروا إلى تمرير الكونجرس للقانون المتعلق بتعيين مبعوث خاص للأقليات الدينية في الشرق الأوسط وجنوب شرق أسيا. وقد وجد المشاركون تجاوبا من كل من التقوهم في الأممالمتحدة، خاصة أنهم يرون لأول مرة تحركا موحدا لقيادات مسيحيي الشرق الأوسط، وأكد المسؤولون أنه لامستقبل للعراق بدون أقليات، وأنه في حالة غيابهم فإن العراق سوف يصبح أكثر من عراق. ومن ناحيتنا ندرك أن الوصول إلى النتائج المرجوة يحتاج الى جهد جبار متواصل، ولكن المهم أن المسيحيين في الشرق الأوسط ظهروا موحدين في الفترة الأخيرة ونظموا عدة مظاهرات سلمية معا في واشنطن، ونشروا بيانات معا، وتحركوا أمام المؤسسات الدولية معا، وهى خطوات مهمة نرجو أن تكون بذرة لتحرك أوسع وأشمل لكافة القوى المشرقية وخاصة كما قلنا أنها تواجه عدوا واحدا ومصيرا واحدا.