عاد تلاميذ العديد من المؤسسات التعليمية، أمس الأربعاء، إلى منازلهم دون أن يستفيدوا من حصصهم الدراسية، بعدما وجدوها فارغة من الأساتذة الذين انخرطوا في إضراب يمتد إلى غاية يومه الخميس، بدعوة من عدد من النقابات، التي منها من حدد الأربعاء ومنها من اختار الخميس، كموعد للاحتجاج والتنديد بتنامي حالات الاعتداء ضد الأطر التربوية، والتي أقدم عليها تلاميذ عملوا على تعنيف أساتذتهم، وهو ما وثقته مختلف التسجيلات التي تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي، والتي رافقتها موجة استنكار عارمة. قرار الإضراب الذي تم اتخاذه، جاء بعد تنظيم سلسلة من الوقفات الاحتجاجية، أول أمس الثلاثاء، بساحات المؤسسات التعليمية العمومية، خلال أوقات الاستراحة الصباحية والمسائية، والتي شارك فيها عدد منها التلاميذ أيضا للتأكيد على انخراطهم في موجة التنديد ورفض العنف ضد أطرهم التربوية. وكانت شرارة الغضب قد اندلعت عقب تداول شريط يوثق للاعتداء على أستاذ بإحدى المؤسسات التعليمية بورزازات الذي تعرض للضرب والسحل، والذي تقّرر على إثره إيداع التلميذ المعتدي، أول أمس الثلاثاء، بالجناح المخصص للأحداث بالسجن المحلي بورزازات، من أجل جنحة إهانة موظف عمومي أثناء قيامه بوظيفته وارتكاب العنف في حقه، في انتظار محاكمته طبقا للقانون. اعتداء لم يكن الأخير، فقد انتقلت موجة العنف إلى القنيطرةوالرباطوسيدي بنور، مما شكّل صدمة بالنسبة للكثيرين، داخل الأسرة التعليمية ومن خارجها، مع تعدد حالات العنف التي تعرض لها رجال للتعليم على أيدي تلاميذ لهم، هذه الحالات التي حتّمت تدخلات أمنية، حيث تم خلال يوم الثلاثاء الأخير اعتقال تلميذ يبلغ من العمر 20 سنة من طرف فرقة الشرطة القضائية بالمنطقة الإقليمية للأمن بمدينة سيدي بنور، للاشتباه في تورطه في قضية تتعلق بالضرب والجرح بواسطة السلاح الأبيض في حق مدير ثانوية 30 يوليوز بسيدي بنور، مما تسبب للضحية في جروح استوجبت مدة عجز بلغت 20 يوما، وذلك بسبب رفض التلميذ الامتثال لتوجيهات الإطار التربوي. وخلال نفس اليوم، أي الثلاثاء، فتحت عناصر الشرطة القضائية بالمنطقة الأمنية الثالثة بولاية أمن الرباط بحثا قضائيا، تحت إشراف النيابة العامة المختصة، مع تلميذ يدرس بثانوية ابن بطوطة، للاشتباه في تورطه في الاعتداء الجسدي على أستاذ يعمل بنفس المؤسسة التعليمية، حيث أوضح بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني أن مصالح الأمن قامت، فور إعلامها بواقعة التعدي بالقيام بمجموعة من الأبحاث والتحريات التي مكنت من توقيف التلميذ المخالف، البالغ من العمر 18 سنة، وواصلت إجراءات الاستماع للأستاذ الضحية وكذا الشهود الذين عاينوا الواقعة. وبدورها، تمكنت المصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة القنيطرة، صباح نفس اليوم، من توقيف طالب بالمعهد العالي للتكنولوجيا التطبيقية، وذلك للاشتباه في تورطه في قضية تتعلق بالاعتداء الجسدي على أستاذ بنفس المؤسسة التعليمية. وأفاد بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني أن المعلومات الأولية للبحث تفيد أن الطالب المشتبه به، الذي يبلغ من العمر 18 سنة، اعتدى باللكم على الإطار التربوي المذكور، على مستوى الفم والجبهة، مما تسبب له في رضوض وكدمات. غضب تعليمي، اتسعت رقعة التنديد به في أوساط الهيئات النقابية والمدنية، وقرّرت النقابة الوطنية للتعليم العالي هي الأخرى، وبعد أن عبرت عن تضامنها مع المعنّفين من رجال التعليم، وشجبت هذه الاعتداءات التي وصفتها بالجرائم النكراء، أن تدعو إلى التوقف عن العمل يومه الخميس لمدة ساعة، هذا في الوقت الذي عرف النقاش حول العنف داخل المؤسسات التعليمية تداولا واسعا رافقته العديد من الأسئلة حول أدوار الأسرة والدولة معا، لاسيّما وأن الاعتداءات باتت مشاهدها يومية غير معزولة، تمارس بالإدارات والمؤسسات العمومية والشارع العام، وفي سياق متصل دعت فيه الوزارة الوصية على القطاع، من خلال مذكرة عممتها أول أمس الثلاثاء، إلى التصدي للعنف بالوسط المدرسي، الذي اعتبرته سلوكا سلبيا ومنبوذا بكل المقاييس التربوية والأخلاقية والنفسية والاجتماعية، باعتماد تدابير تربوية، إدارية وأخرى ذات الطبيعة القانونية والأمنية.