بدأ الحديث في تونس عن فرضية تأجيل الانتخابات في ظل إشارات من أطراف محلية وإقليمية إلى إمكانية حدوث عمليات إرهابية يوم الانتخابات أو خلال الحملات الانتخابية ما يهدد العملية الانتخابية وسلامة الناخبين التونسيين في آن واحد. وقال وزير الداخلية التونسي لطفي بن جدو السبت الماضي, إن هناك «تهديدات إرهابية جديّة» للانتخابات التي ستشهدها البلاد في 26 أكتوبر (التشريعية) و23 نوفمبر (الرئاسية) وتنهي المرحلة الانتقالية، مؤكدا الاستعداد للتصدي لها. وقال الوزير في تصريحات بالعاصمة التونسية, «هناك تهديدات إرهابية جديّة تستهدف أساسا الانتخابات». وأضاف أن «خلية الأزمة (التي شكلتها الحكومة للغرض) قامت بتوحيد الجهود بين كل الوزارات خاصة الدفاع والداخلية، كما تم تشكيل قوى مشتركة (بين الجيش والأمن الداخلي) حيث بؤر التوتر خاصة على الحدود مع الجزائر, حيث يتحصن إرهابيون في بعض الجبال». وأكد بن جدو أن «جهودهم (الإرهابيين) منصبّة على القيام بضربات تستهدف سلامة الانتخابات,» مضيفا "«وإن شاء الله لن نمكنهم من ذلك"». ومع أن وزير الداخلية لم يكشف عن تفاصيل هذه التهديدات، فإن أحزابا وسياسيين تحدثوا عن احتمال حدوث اغتيالات. وكانت تونس مرت بفترة عدم استقرار شديد في 2013 بسبب اغتيال قياديين معارضين للترويكا الحاكمة حينها بقيادة حزب النهضة الإسلامي. من جهة أخرى, لم تتمكن السلطات حتى الآن من القضاء على مجموعات إسلامية متطرفة نفذت عمليات دامية منذ 2011 وتنشط خصوصا في المناطق الغربية القريبة من الحدود مع الجزائر, حيث تكثر الجبال والمرتفعات. كما أشار بن جدو إلى «تهديدات من حدودنا مع ليبيا» التي تشهد فوضى سياسية وأمنية عارمة. من جانبه دعا رئيس حكومة التكنوقراط مهدي جمعة في تصريحات بمناسبة إشرافه على الاجتماع الدوري السنوي للولاة (المحافظين)، التونسيين للمشاركة في المواعيد الانتخابية القادمة مهما كانت الظروف. وقال «ندعو كل المواطنين للذهاب للانتخابات». وأضاف «نعرف أن الوضع صعب وربما هناك شكوك في جدوى المشاركة في الانتخابات (...) والانتخابات لن تحلّ كل المشاكل، لكن يجب أن نواصل في بناء النمط (الديمقراطي) التونسي الفريد». وأشار خبراء في الجماعات المتشددة بتونس إلى أنه من الصعب أن تسكت هذه الجماعات على إجراء الانتخابات في الوقت الحالي، خاصة أن ذلك إعطاء شرعية قانونية وشعبية للجيش والأمن التونسي في الاستمرار بمقاومة المجموعات الإرهابية المتمركزة في الجبال المحاذية للجزائر. ولفت الخبراء إلى أن استمرار الملف الليبي مفتوحا على المجهول, سيسهّل على المجموعات الإرهابية تهريب الأسلحة والمقاتلين ومن ثمة مهاجمة قوات الأمن التونسية والحيلولة دون استقرار البلاد. وكانت تقارير قد كشفت أن جهات إقليمية نصحت شخصيات بارزة في تونس بتأجيل الانتخابات لفترة عام قادم على الأقل بانتظار حسم الصراع في ليبيا من جهة، ومن جهة ثانية لإعطاء الوقت الكافي لقوات الأمن والجيش في تونس بتعقب المجموعات وتفكيكها واكتشاف خططها والجهات المحلية أو الإقليمية التي تقف وراءها. ويتساءل محللون تونسيون عن جدوى إجراء انتخابات تنقل البلاد من الوضع المؤقت إلى الاستقرار في ظل فوضى أمنية وشكوك حول تورط أشخاص وأحزاب فاعلة في المشهد السياسي إلى جانب المجموعات الإرهابية، لافتين إلى أن التأجيل سيسمح بإنهاء المعركة مع الإرهاب وكشف الحساب مع الداعمين له وتبرئة من اتهموا بالوقوف معه وأثبتت التحقيقات غياب أيّ صلة لهم بالمجموعات الإرهابية.