تفوح رائحة الموت في مسجد إمام زمان الشيعي في كابول السبت الماضي غداة تفجير انتحاري خلال صلاة العشاء أدى إلى مقتل عشرات المصلين. وتغطي قطع الزجاج المتكسر والغبار السجاد الأحمر الذي تشرب دماء القتلى من رجال ونساء وأطفال كانوا يؤدون صلاة الجمعة عندما فجر انتحاري نفسه متسببا بمجزرة في المصلى. وتبنى تنظيم الدولة الإسلامية في بيان صدر عن «ولاية خراسان» التي تعد فرعا للتنظيم في أفغانستان وباكستان، الهجوم الذي أدى إلى مقتل 56 شخصا وجرح 55 آخرين، وهو التفجير الذي يأتي في نهاية الأسبوع ويعد من الأكثر دموية في أفغانستان. وقتل أكثر من 70 شخصا الجمعة في اعتداءين استهدفا مسجدين في أفغانستان، أحدهما شيعي في العاصمة والثاني سني في وسط البلاد. وفي حديث لوكالة فرانس برس عما شاهده قال إبراهيم الذي هرع إلى المسجد بعد التفجير «كان الزجاج متكسرا، والدماء والأشلاء متناثرة في كل مكان، ورائحة الدماء والجثث تفوح في المسجد». وأضاف إبراهيم «هذه همجية مطلقة. أي إسلام هذا؟ إنهم يستهدفون المصلين في وقت الصلاة. حتى المساجد ليست آمنة لنا للصلاة». وعبر أشخاص عن غضبهم حيال عجز الحكومة عن حماية مواطنيها في العاصمة الأفغانية التي شهدت قرابة عشرين بالمئة من أعمال القتل في أفغانستان في النصف الأول من 2017. وقال شاهد عيان لفرانس برس «إذا كان المسؤولون الحكوميون غير قادرين على حمايتنا عليهم الاستقالة وإفساح المجال أمام أشخاص آخرين أكفاء لتولي زمام الأمور». وتم تدريب أكثر من 400 مدني في الأسابيع الأخيرة وتسليحهم لتعزيز الأمن في المساجد الشيعية في كابول التي يستهدفها مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية، إلا أن إبراهيم قال إن النساء الذين يدخلن المسجد لا يخضعن للتفتيش. وقال إبراهيم وهو أحد أعيان المنطقة «نعتقد أن الانتحاري تنكر بزي امرأة ما سمح له الدخول خلسة إلى المسجد حيث فجر نفسه وسط المصلين». وبعيد التفجير أطلق مقاتلو طالبان صاروخين على مقر مهمة «الدعم الحازم» لحلف شمال الأطلسي في الحي الدبلوماسي الشديد التحصين في كابول. ولم ترد معلومات عن سقوط قتلى علما أن الهجوم جاء بعد تنفيذ مقاتلي طالبان أربعة اعتداءات ضد الشرطة وقواعد عسكرية في الأيام الأخيرة. وبإضافة حصيلة ضحايا اعتداءي الجمعة ترتفع حصيلة هذا الأسبوع إلى أكثر من 180 قتيلا. والسبت وقف العشرات من أقرباء الضحايا منذ ساعات الصباح الأولى، بقلق وترقب بعضهم يبكي، أمام مدخل المسجد حيث تضرب الشرطة طوقا أمنيا، ينتظرون تلقي أخبار حول مصير أحبائهم. وقال شاهد عيان لفرانس برس إن الانتحاري فجر شحنته الناسفة وسط المصلين قبيل انتهاء صلاة العشاء. وأضاف الشاهد «كان انتحاريا واحدا مدججا بالمتفجرات ومتلحفا بقنابل يدوية». وتم نقل القتلى والجرحى إلى مستشفيات المدينة، فيما اشتكى أشخاص من أن أجهزة الطوارئ استغرقت ساعة للوصول إلى المكان. وتناثرت مئات الأحذية التي كان خلعها المصلون عند مدخل المسجد الشيعي الذي شهد اعتداء يندرج ضمن سلسلة اعتداءات تبناها تنظيم الدولة الإسلامية ضد مساجد للشيعة. وأجهشت امرأة محجبة بالبكاء وهي جاثية على الأرض تبحث عن أحذية شقيقها وأحفادها الذين قتلوا في التفجير. وبعيد التفجير، قال لفرانس برس حسين علي «كنت في منطقة الوضوء عندما حصل التفجير. هرعت إلى داخل المسجد ورأيت المصلين مضرجين بالدماء». وأضاف الشاهد «بعض الجرحى كانوا يفرون. حاولت إيقاف أحدهم لمساعدتي على الاهتمام بالجرحى إلا أن جميعهم كانوا مذعورين. استغرق وصول سيارات الإسعاف والشرطة إلى المنطقة قرابة الساعة». وتسبب التفجير في تكسير جميع الواجهات الزجاجية لنوافذ المسجد، كما غطت بقع من الدم الداكن وشظايا التفجير الجدران والسقف. وعلقت الصنادل البلاستيكية التي تطايرت من النوافذ بالأسلاك الشائكة الموضوعة فوق الجدار المحيط بالمسجد. وانتشر عدد من الأشخاص في أرجاء المسجد يعملون على تجميع عشرات المسابح الملونة والمصاحف وأجزاء من الجص وقطع الزجاج المتكسر المتناثرة على الأرض. وتساءل رسول، وهو مالك أحد المحال القريبة في حديث لفرانس برس «أي نوع من المسلمين هم؟ ما الذي تفعله حكومتنا؟». وأضاف «سئمنا العيش هنا، لسنا بأمان حتى داخل الأماكن المقدسة».