تعززت منظومة البنوك التشاركية المغربية بإطلاق مولود جديد تحت إسم "الأخضر بنك"، والذي يوجه خدماته بالأساس إلى المجال القروي وقطاعات الأنشطة الفلاحية والصناعات والمهن المرتبطة بها. غير أن البنك التشاركي الجديد، مثله مثل باقي أشقائه، لن يتمكن حاليا من اقتراح سوى العمليات اليومية والبسيطة كفتح حساب وعمليات السحب والأداء والتحويل. فرغم أن في جعبته أكثر من منتوج مالي وخدمات مطابقة للشريعة، والتي تغطي مختلف حاجيات القطاع الفلاحي انطلاقا من تمويل الموسم الفلاحي، مرورا بتمويل التسويق والتجميع والتصنيع، وصولا إلى تمويل التجهيز الزراعي والاستثمار، إلا أنه لا يمكنه تقديم هذه الخدمات حاليا بسبب عدم استكمال الإطار التنظيمي والهيكلي للمالية التشاركية. فعقود العديد من المنتجات التي تم اعتمادها، مثل تمويل "السلم" الذي يعتبر الأكثر ملاءمة لتمويل الموسم الفلاحي والصناعات الفلاحية، لا زالت لم تخرج للوجود. كما أن العدد من المنتجات الأخرى، مثل «الاستزراع» لا تزال الدوريات المحددة لها ونماذج العقود المتعلقة بها غير متوفرة. وحتى المنتجات الإسلامية التي استكمل إطارها التنظيمي كعقود "المرابحة" مثلا، لا زال ترويجها غير ممكن في غياب نظام "التأمين التكافلي". وقال فؤاد الحراز، مدير عام "الأخضر البنك"، في تصريح للاتحاد الاشتراكي، «القانون يفرض إبرام عقد تكافل بالموازاة مع عقد التمويل، كالمرابحة مثلا، وذلك حماية لمصالح الزبون، في حالة العجز أو الوفاة مثلا. في الوقت الحالي لا وجود لنظام التكافل بعد. لذلك لا يمكن توفير خدمات التمويل التكافلي». وجرى تقديم البنك الجديد خلال لقاء صحافي أول من أمس بالدار البيضاء. وأوضح الحراز أن "الأخضر بنك" هو ثمرة شراكة بين مجموعة القرض الفلاحي للمغرب، التي تساهم في رأسماله بحصة 51 في المائة، والشركة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص التابعة لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية، التي تساهم فيه بحصة 49 في المائة. وانطلق البنك برأسمال أولي قدره 200 مليون درهم، ويعتزم الشريكان رفع الرأسمال إلى مستوى 400 مليون درهم خلال المحطات المقبلة لتنمية البنك. وبدأ البنك عمله خلال الشهر الحالي بأربع وكالات، ويعتزم مضاعفة هذا العدد مع نهاية العام الحالي، ورفع عدد وكالاته إلى 21 وكالة خلال 2018، ومواصلة التوسع بوتيرة 10 وكالات في السنة وصولا إلى 40 وكالة في 2021. ومن جانبه، أوضح فريد محمد مصمودي، مدير الاستثمار المباشر والتمويل لدى الشركة الإسلامية لتمويل القطاع الخاص، أن اختيار القرض الفلاحي كشريك لإطلاق بنك تشاركي في المغرب لم يكن اعتباطيا. وقال «في خضم الإعداد لإطلاق البنوك التشاركية في المغرب أبدت العديد من المجموعات الخليجية اهتمامها ودخلت في مفاوضات مع البنوك المغربية لإطلاق فروع متخصصة مشتركة. ونحن اخترنا القرض الفلاحي لأنه يرتكز على مبادئ وقيم قريبة جدا منا. فهو بنك عمومي تحدوه خدمة المصلحة العامة وليس الأرباح. ونحن مؤسسة مالية دولية تنموية نعمل من أجل تحقيق التنمية المستدامة في العالم الإسلامي». كما أضاف مصمودي أن الخبرات المتوفرة لدى كل واحد من الشريكين متكاملة. فالقرض الفلاحي يمتلك معرفة بالعالم القروي بالمغرب وبالقطاع الفلاحي، في حين تمتلك الشركة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص خبرة راسخة في التمويلات الإسلامية للمشاريع التنموية، إضافة إلى توفرها على شبكة دولية يمكن أن يستفيد منها القرض الفلاحي والمهنيين المغاربة. وقال «يمكننا أن نواكب المبادلات التجارية الدولية وعلاقات الشراكة والاستثمار للعملاء، خاصة في العالم الإسلامي. كما يمكننا مواكبة تدويل القرض الفلاحي للمغرب في زمن تتجه فيه البنوك المغربية للتوسع خارج الحدود خاصة في إفريقيا».