تشكل جولة هورست كوهلر المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى المنطقة المغاربية فرصة جديدة، للتأكيد على مواقف المغرب الثابتة من نزاع الصحراء، الذي افتعلته الجزائر وعمر أربعة عقود . وموقف بلادنا، يتلخص في تلك العبارة العميقة، والدالة التي شدد عليها جلالة الملك في إحدى خطبه السامية :» المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها». ودون شك، فإن اللقاءات التي أجراها كوهلر في الرباط، منذ بداية أسبوع، وأبرزها استقباله من طرف جلالة الملك، كانت للتذكير بأبرز عناصر هذا النزاع، وبالمقترح المغربي الذي يوجد منذ عقد من الزمن بين يدي مجلس الأمن، الذي يصفه بالجدي وذي المصداقية. ولاريب أن الدبلوماسية المغربية في هذه اللقاءات، رسمت العمق التاريخي لقضية الصحراء، التي احتلتها اسبانيا لعقود، وسعت إلى فصلها عن وطنها الأم، وكيف استرجعها المغرب بمسيرة خضراء حاشدة، وبإجماع وطني، تحل هذا الأسبوع الذكرى 42 للإعلان عنها من طرف الملك الحسن الثاني رحمه لله. فالجولة هي الأولى من نوعها للسيد كوهلر، الرئيس الأسبق للجمهورية الفدرالية لألمانيا، قد شغل أيضا منصب المدير العام لصندوق النقد الدولي، والذي عين في غشت الماضي من طرف الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريس مبعوثا شخصيا جديدا له إلى الصحراء خلفا للسيد كريستوفر روس، وهي جولة للإلمام بملف، اعتبر جل المبعوثين السابقين بأن أطروحة الجزائر لاواقعية، وأن خيار المغرب ومقترحه، هما المدخل الوحيد للتسوية السياسية. لقد أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرس في تقريره، الذي قدمه أمام مجلس الأمن في أبريل الماضي ، عن نيته في إعادة إطلاق مسلسل المفاوضات في ملف الصحراء بناءً على الواقعية وروح التوافق، في إطار دينامية وروح جديدتين، للتوصل إلى حل سياسي مقبول من الأطراف في هذه القضية ، وذلك وفقا لقرارات مجلس الأمن. وهذه الدعوة بصيغتها الواردة في التقرير، تعتبر تجاوزا لمطلب الجزائر وصنيعتها ، الذي يتلخص في ماتسميه ب»تنظيم استفتاء لتقرير مصير الشعب الصحراوي». وأدرج ذات التقرير عناصر ومعطيات، تعتبر أن الجزائر طرفا رئيسيا في النزاع، وأنها من خلال تحركاتها الدبلوماسية، تغذيه، وتخلق حالات توتر، قصد استمراره. لذلك، فإن جولة كوهلر هاته، لها من المرجعيات بالجهاز الرئيسي للأمم المتحدة مجلس الأمن، وفي التقارير الدورية المقدمة إليه، ما يشكل أرضية للمفاوضات المقترحة . وهنا نؤكد من جديد، أن أي مفاوضات، يتعين أن تكون أرضيتها وإطارها المقترح المغربي، الذي قدمته بلادنا قبل عشر سنوات، الذي تضمن تصورا لحكم ذاتي موسع، ذلك هو السقف، ودونه، لا يكون لأي مفاوضات جدوى .