إن المتأمل لحال العالم فيما مضى يجد أنه كان يغلب عليه القوة .فالقوي هو الذي يسود وكانت وسيلتهم لبسط نفوذهم وفرض سيطرتهم الحروب .فمن خلالها تستطيع الدول الكبرى تنفيذ أوامرها ,وكان المرتزقة الذي يسعون لكسب المال هم وسيلتهم لتحقيق ما يصبون إليه وتنفيذ ما يردون . ولكن مع تغير الزمان برز دور الإعلام في تغيير الأنام. فأصبحت الحروب لوحدها وسيلة بالية غير مجدية لذا وجهت الدول القوية أموالها وعتادها لبسط سيطرتها على وسائل إعلام غيرها .لينشر ما تريد ويبث ما يفيدها ويعزز مكانتها . فكان من وسائلهم في ذلك استئجار أصحاب الأقلام الزائفة والعبارات الماجنة من مرتزقة الإعلام ; الذين من تتبع أحوالهم فيما مضى وجد أنهم أصحاب تجارب فاشلة في الحياة والتعليم وخبرات سيئة ;بل والأدهى أن بعضهم أصحاب سوابق أمنية !! ثم في سنوات يسيرة يتحولون إلى مثقفين ومفكرين وخبراء سابقين وللجماعات محللون وعلى الوطني غيورون !! ليساعدوهم على مهمتهم ويسهلوا لهم الوصول إلى مبتغاهم . ونحن نتابع المسار السياسي لبلادنا وما تزخر به الساحة السياسية من تفاعلات , تناثرت في الساحة خطابا يتسم بالانفعالية,تتحكم فيه لهجة الاستعلاء وفرض تحكم مرضي . هذا الخطاب سوقته منابر إعلامية مرتزقة,تمتح من قواميس الشتم سيلا من عبارات القدح في حق شرفاء هذا الوطن,الذين ضحوا من أجل إرساء ممارسة إعلامية حرة,التي أصبح الآخرون يتشدقون بها في كل حين..وهي منهم براء. سئمنا من تفشي الأباطيل,التي يكون القصد منها تحقيق نزواتهم المتمثلة في التحريض والتهييج وتهويل الأمور,وتخوين الآخر الذي رفض السقوط في براثنه المدنسة.وتحولت منابرهم المسترزقة إلى فيض من المقالات المجردة من كل فكر أو رأي أو رؤية وتحول هؤلاء الكتبة المرضى إلى كلاب مسعورة,تتقن السب واللعن المركب من الجهل والحقد وعمى الألوان. لكن ما نصطدم به بين آونة وأخرى في الساحة الإعلامية ومواقع الجرائد الإلكترونية ,ووسط هذا الكم والتنوع في المصادر والتوجهات الصحفية ,والخط التحريري المستقل والتابع لجهات معروفة ومشبوهة ,هو صعوبة تفعيل موهبة الفرز والمقارنة بين مواقع موضوعية وحيادية ,ومواقع مرتبطة بأهواء وأجندات الممولين للدفاع عنهم بشراسة ,وهي دائما تحت الطلب ككلاب الحراسة..مجندة كل طاقاتها وعناصرها الأجيرة والارتزاقية لتلميع صورة رجالات الريع وتغطية نشاطاتهم ومنجزاتهم الكاذبة،بل إن هذا الإعلام الريعي بدأ ينصب نفسه زورا كمدافع عن الصحافة الحرة والحقل الإعلامي حيث اطل علينا أحد جهابذة الصحافة المحلية ورموز الإعلام الريعي ليعطي دروسا في أخلاقيات المهنة مستعينا في دفاعه المستميت على أولياء نعمته .ولكن فاقد الشيء لا يعطيه. هذا وقد صار الريع والفساد اليوم من خلال ظاهرة الارتزاق الصحفي والإعلامي وجهة نظر وخط تحريري, وهي تكتسب كل يوم أنصارا ومريدين جددا تستهويهم أظرفة مالية وامتيازات زائفة.