انعقدت، الخميس الماضي بنيودلهي، أشغال الدورة الأولى لندوة التعاون العربي الهندي في مجال الإعلام، التي تأتي تفعيلا لتوصيات مؤتمر الشراكة العربي الهندي، بما يساهم في بحث آفاق توطيد علاقات التواصل والإعلام بين الجانبين. وتروم الندوة تعزيز اللقاءات الفاعلة بين مسؤولي قطاع الإعلام العرب والهنود لبحث كافة فرص التعاون المشترك في هذا المجال، وإطلاق مشاريع إعلامية مشتركة تصب في مصلحة الجانبين العربي والهندي. وشارك في أشغال هذه الندوة، التي تنظم قبل انعقاد الدورة الرابعة لمؤتمر الشراكة العربي الهندي تحت شعار «دور وسائل الإعلام في تعزيز العلاقات العربية الهندية»، 14 دولة من بينها المغرب. ويعد مؤتمر الشراكة العربي الهندي تفعيلا لمقتضيات مذكرة التعاون الموقعة بين جامعة الدول العربية والحكومة الهندية في سنة 2013، والتي نصت على أنه ينبغي على الطرفين العمل على تكثيف التعاون بين وسائل الإعلام وتشجيع المؤسسات الإعلامية الكبرى من كلا الجانبين، بما في ذلك وسائل الإعلام الإلكترونية والمكتوبة، التابعة للقطاعين العام والخاص، من أجل تعزيز الاتصالات بينها. كما نصت مذكرة التعاون على تبادل زيارات الصحافيين البارزين الذين ترشحهم الصحافة المكتوبة ووسائل الإعلام السمعي البصري بشكل متبادل، وكذا تنظيم مؤتمر حول التعاون العربي الهندي في مجال الإعلام، مرة كل سنتين، بالتناوب بين الهند والدول العربية. وأكدت وزيرة الشؤون الخارجية الهندية، سوشما سواراج، خلال افتتاح هذه الندوة، أن العلاقات بين العالم العربي والهند، كانت على الدوام مبنية على الاحترام المتبادل والتضامن والتعاون المثمر في العديد من المحافل الدولية. وأشارت الوزيرة إلى أن هذه الندوة تستمد أهميتها من الدور المتعاظم للإعلام والذي أصبح، في عالم اليوم، يضطلع بمهمة تشكيل الرأي العام والسياسات الحكومية، مبرزة في هذا الشأن، أن المشهد الإعلامي الهندي نابض بالحيوية ويعرف حركية متزايدة، إذ يضم 90 ألفا من المطبوعات، و850 قناة تلفزية، و400 قناة (إف إم) إذاعية، و100 مليون مستخدم لوسائل الإعلام في اليوم. وأبرزت سواراج التزام الحكومة الهنديةالجديدة بدعم وتوسيع العلاقات مع العالم العربي، بالنظر إلى الروابط العريقة التي تجمع الجانبين، مشيرة إلى أن منطقة غرب آسيا تعد بالغة الأهمية بالنسبة للمصالح الوطنية الهندية التي توفر للبلاد 60 في المئة من احتياجاتها من النفط والغاز، كما تضم جالية كبيرة تبلغ 7 ملايين شخص تساهم بنحو 40 مليار دولار كتحويلات مالية. ومن جانبها، أبرزت هيفاء أبو غزالة، الأمين العام المساعد ورئيس قطاع الإعلام والاتصال بجامعة الدول العربية، أهمية هذه الندوة في توطيد علاقات الإعلام والتواصل بين الهند والبلدان العربية، مضيفة أنها تمثل خطوة هامة في مسيرة بناء شراكات متطورة في هذا القطاع الحيوي، وإرساء محطة أخرى للتعاون بين الشعبين العربي والهندي. وأضافت أنه يتعين الخروج من هذه الندوة بمشروع عمل يتضمن العديد من الأنشطة الموجهة لدعم التعاون بين المؤسسات الإعلامية العربية والهندية، وتعزيز التواصل من خلال زيارات الوفود الإعلامية، وتقديم المساعدات والتسهيلات للصحفيين المعتمدين لدى الطرفين، وتشجيع تبادل المواد الإعلامية المسموعة والمرئية والمكتوبة بانتظام، ودعم إنشاء مكتبة إلكترونية عربية هندية على شبكة الأنترنت لتقديم المعلومات في شتى المجالات. وقال ممثل المغرب، السعيد سيحيدة، وهو مدير البوابة الوطنية والتوثيق بوزارة الاتصال، إن قطاع الإعلام يضطلع بدور رئيسي واستراتيجي، وذلك باعتباره قاطرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والتعاون المثمر بين الهند والعالم العربي في جميع المجالات، بما يؤدي إلى إحداث التقارب المنشود وترسيخ ثقافة التفاهم ومعرفة الآخر. وفي هذا الصدد، ذكر سيحيدة بالرحالة المغربي الشهير ابن بطوطة الذي قام بزيارة لبلاد الهند منذ ثمانية قرون مضت، معتبرا إياه أول من اقتحم مجال التواصل والإعلام في تاريخ العلاقات بين الجانبين. وأضاف أن ابن بطوطة استطاع القيام بأول «تغطية صحفية» لما شاهد في بلاد الهند من عادات وتقاليد وطرق العبادة واللباس والأكل وغيرها، بالرغم من أن ما كتبه يدخل أساسا في إطار أدب الرحلة. ويتضمن برنامج الندوة تنظيم ثلاث جلسات، تناقش الأولى موضوع «توظيف وسائل الإعلام في الدول العربية لتعزيز العلاقات العربية الهندية»، وتتطرق الجلسة الثانية إلى «عرض التجربة العربية الهندية في المجال الإعلامي، وإمكانية الاستفادة المشتركة من تجربة كل طرف»، فيما تركز الجلسة الثالثة على «نطاق التعاون بين وسائل الإعلام في الدول العربية والهند ولآفاقه، وكيفية تحقيق التعاون المنشود بين الطرفين في المجال الإعلامي». وتجدر الإشارة إلى أن العلاقات العربية الهندية تستند إلى مرتكزات ثقافية وحضارية وتراث عميق مشترك، حيث تعد هذه الندوة لبنة جديدة في صرح التعاون العربي الهندي الذي وقعه الجانبان في نيودلهي في دجنبر 2008، بحضور الأمين العام للجامعة العربية آنذاك عمرو موسى.