بخصوص إفريقيا جنوب الصحراء، التي باتت تعتبر في السنوات الأخيرة بمثابة محرك بديل للنمو العالمي، فإن الوضعية تكشف عن وجود تطورات ذات سرعات متعددة، بحسب ما إذا كانت البلدان المعنية تنتمي إلى البلدان المصدرة للمواد الأولية أم لا. وبالفعل، فقد تراجع معدل النمو في إفريقيا جنوب الصحراء سنة 2016 إلى 1.4 في المئة بعد تسجيله معدل 3.4 في المئة في السنة السابقة، وهو أضعف أداء على مدى السنوات العشرين الأخيرة. إضافة إلى ذلك، يظل هذا المعدل أدنى من معدل النمو الديمغرافي، الأمر الذي يعوق تطور الدخل الفردي على صعيد القارة. وبالنسبة للبلدان المصدرة للبترول، فإن اقتصاداتها تأثرت بالمستوى المنخفض للأسعار الدولية، ومازالت لم تتمكن بعد من العودة إلى التحسن، حيث إن معدل نموها انتقل من 2.6 في المئة سنة 2015، إلى 1.3-في المئة سنة 2016، وتصدق الملاحظة نفسها كذلك على البلدان المصدرة لباقي المواد الأولية الأخرى. وتعد نيجيريا وأنغولا وجنوب إفريقيا البلدان التي عانت أكثر من غيرها من هذه الوضعية في المنطقة، وهي التي جرت النمو في إفريقيا جنوب الصحراء إلى مستوياته الدنيا. وبالمقابل، فإن العديد من الاقتصادات من بين البلدان الأقل اعتمادا علي صادرات الموارد الطبيعية، قد واصلت تسجيل معدلات نمو مستقرة، رغم تباطؤ طفيف بالمقارنة مع السنة الماضية، سيما بسبب وجود محيط دولي غير ملائم. وقد سجلت هذه البلدان، في المتوسط، معدل نمو بلغ نحو 5.5 في المئة سنة 2016، مقابل 6 في المئة خلال السنة السابقة، وقد كان التباطؤ تدريجيا في هذه البلدان المستوردة للبترول، وذلك بفضل الآثار الإيجابية لانخفاض الفاتورة الطاقية، وكذلك بفضل نتائج الاستثمارات الهامة في البنيات التحتية. ومن بين البلدان التي سجلت أعلى مستوى من الأداء، توجد الكوت ديفوار والسنغال ورواندا وإثيوبيا وكينيا. غير أن التباطؤ في إفريقيا جنوب الصحراء لا يعود فقط إلى الصدمات الاقتصادية الخارجية، بقدر ما يعود كذلك إلى التأخر الذي عرفته العديد من بلدان المنطقة على مستوى الانخراط في سياسات ماكرو-اقتصادية تفضي إلى تحقيق الإنعاش الاقتصادي، مثلما يعود إلى انعدام فعالية التدابير المتخذة، سيما في مجال السياسة المالية وأسعار الصرف، خاصة في البلدان المعنية من تحقيق استهداف أفضل للعمليات المتعلقة بالسياسة المالية، ومن الحد من التدخل المفرط في سوق الصرف، وكذا من الولوج إلى مصادر التمويل بشروط أكثر مرونة، أو إعادة بناء الاحتياطيات الضرورية لتطبيق سياسة مقاومة للتقلبات الاقتصادية الدورية إذا لزم الأمر. وفي الوقت نفسه، لا يمكن الحد من هشاشة اقتصادات إفريقيا جنوب الصحراء إلا إذا تمكنت هذه الاقتصادات من تنويع بنياتها الإنتاجية والتصديرية، وذلك تجنبا للآثار السلبية الناجمة عن ما يسمى «بنقمة الموارد الطبيعية». كما تتطلب هذه الاقتصادات مواصلة الإصلاحات في مجال الحكامة وتحسين مناخ الأعمال ومحاربة الفقر والفوارق على مستوى الدخل، من أجل ضمان طلب داخلي قوي، كما تتطلب في الأخير البحث عن تطوير الاندماج التجاري بين البلدان الإفريقية، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى تجنب الوضعية غير المتجانسة التي تعرفها القارة، بوجود نمو متعدد السرعات. على الصعيد الدبلوماسي شكلت سنة 2016 منعطفا تاريخيا في العلاقات بين المغرب وإفريقيا جنوب الصحراء، فبعد أكثر من ثلاثين سنة من غيابه عن الاتحاد الإفريقي عبر المغرب بمناسبة انعقاد قمة الاتحاد الإفريقي في كيغالي خلال يوليوز سنة 2016، عن رغبته في العودة إلى هذه المنظمة، وقد أتت الجهود التي بذلها المغرب أكلها بتاريخ 30 يناير 2017 بمناسبة انعقاد القمة 28 للاتحاد الإفريقي بأديس أبابا، بالإعلان عن القبول الرسمي للمملكة المغربية في عضوية الاتحاد الإفريقي بدعم من أغلبية تتكون من 39 بلدا، وقد تجلى التوجه الإفريقي الجديد للمغرب على أرض الواقع في الجولة الملكية المكثفة، خلال سنة 2016 إلى العديد من البلدان الإفريقية الناطقة بالانجليزية (رواندا، تنزانيا، أثيوبيا، نيجيريا، مدغشقر) حيث إن علاقات المغرب بهذا الجزء من القارة الإفريقية لم تكن ترقى سابقا إلى نفس مستوى الروابط التاريخية التي تم إرساؤها مع إفريقيا الغربية الفرنكفونية على الصعيدين الدبلوماسي والاقتصادي، وكذلك على الصعيد الديني. وبالفعل، فإن المجهود الدبلوماسي من شأنه أن يمكن المغرب من تعزيز ريادته الإقليمية وقوته الناعمة على الصعيد القاري. وبالموازاة مع هذا الجانب يشكل البعد الديني، بوصفه إسهاما من المغرب في مجال الأمن الروحي، دعامة أساسية في محاربة الإرهاب والتطرف في العديد من البلدان سيما في القارة الإفريقية. وفي هذا الإطار بادر المغرب إلى إنجاز عدد من العمليات والتدابير من بينها تكوين مرشدات وأئمة أفارقة بمراكز مغربية مخصصة لهذا الغرض (بعد تجربة تكوين الأئمة الماليين، عبرت العديد من البلدان الإفريقية عن اهتمامها بهذه المبادرة)، بالإضافة إلى إحداث مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بظهير شريف والتي تهدف إلى تظافر جهود العلماء داخل المغرب وفي باقي البلدان الإفريقية من أجل تعزيز ونشر قيم الإسلام المتسامح، على صعيد آخر لابد من الإشارة إلى أن المغرب في علاقاته بإفريقيا قام كذلك باستثمار الجانب الجامعي والثقافي باعتباره وسيلة من وسائل تحقيق التقارب بين الشعوب والمجتمعات، في هذا السياق تحرص الوكالة المغربية للتعاون الدولي على تنفيذ شراكات وعمليات تتعلق بالتعاون العلمي والتقني بين المغرب وعدد من الدول الإفريقية. علاوة على أن هناك، حسب معطيات وزارة التعليم العالي، ما لا يقل عن 18,000 طالب إفريقي يتابع اليوم دراساته بالمغرب، من بينهم 6,500 يستفيدون من منح دراسية وبالتالي بإمكان هذه الفئة من الطلبة الأفارقة الشباب أن تشكل شبكة حقيقية من سفراء وأصدقاء المغرب عند عودتهم إلى بلدانهم الأصلية، ويمكن أن يضطلع البعض منهم في ما بعد بدور مركزي في تسهيل نجاح المشاريع المستقبلية المتعلقة بالشراكة والتعاون بين المغرب وبلدان إفريقيا جنوب الصحراء. وعلى صعيد آخر، من المعلوم أن العلاقات السياسية الجيدة بين البلدان يمكنها أن تستمر وتتقوى إذا عززتها مصالح اقتصادية مشتركة هامة. ومن هنا هذا الحضور القوي للجانب الاقتصادي في التطورات الأخيرة التي شهدتها العلاقات بين المغرب وإفريقيا جنوب الصحراء. حيث تم توقيع عدد كبير من الاتفاقيات تتعلق بمشاريع استثمارية كبرى مع البلدان التي شملتها الجولة الملكية في إفريقيا خلال سنة 2016، وتتعلق هذه المشاريع بأوراش ذات طابع استراتيجي، من أبرزها توقيع اتفاقية مع نيجيريا لمد أنابيب الغاز الطبيعي التي تربط بين البلدين مرورا بعدة بلدان في غرب إفريقيا، وتوقيع المكتب الشريف للفوسفاط لاتفاقيتين من أجل إنشاء مصنعين للأسمدة في كل من إثيوبيا ونيجيريا وكذا شراء مجموعة التجاري وفا بنك للشركة العامة للبنك (جوجي بنك) برواندا ثم قرار مجموعة البنك الشعبي والاستثمار في ميادين هامة كالبنيات التحتية والبناء الحضري والسكن الاجتماعي والفلاحة والصحة. وفضلا عن الجانب المالي عمل المغرب عبر هذه الاتفاقيات على نقل الخبرة وتقديم المساعدة التقنية إلى عدد من بلدان المنطقة في المجالات التي تمكن فيها من تحقيق تراكم على مستوى الخبرة طيلة سنوات. وعليه، فإن دينامية الدبلوماسية الاقتصادية التي اتسمت بها بلادنا سنة 2016 كفيلة بتعزيز الإدماج الاقتصادي بين المغرب وباقي البلدان الإفريقية واستثمار الإمكانات التي يتيحها هذا الإدماج، وينبغي التذكير، في هذا الصدد، بأنه في نهاية سنة 2016 بلغت صادرات المغرب في اتجاه إفريقيا 10 في المئة من إجمالي صادرات بلادنا، عوض متوسط قدره 9,3 في المئة خلال السنوات الخمس الأخيرة و6,2 في المئة خلال الفترة ما بين 2007 و2011، كما أن 70 في المئة من صادرات المغرب إلى إفريقيا في نهاية 2016، توجهت نحو بلدان إفريقيا جنوب الصحراء وهو ما يشكل 7 في المئة من إجمالي صادرات المغرب، وبالموازاة مع ذلك يبرز تحليل تطور مؤشر التكامل التجاري الذي يصدره مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية أنه خلال الفترة ما بين 2010 و2015 حقق التكامل بين الصادرات المغربية وحاجيات بلدان إفريقيا جنوب الصحراء من الواردات زيادة ملموسة وإن ظل في مستوى منخفض، مما يعطي إشارة إيجابية عن إمكانيات تحقيق إدماج تجاري أفضل في المستقبل بين المغرب وباقي بلدان إفريقيا في حالة تسريعه لوتيرة تحديث بنيته الإنتاجية في اتجاه قطاعات ذات قيمة مضافة أقوى. ويحتل المغرب من بين المستثمرين الأفارقة المرتبة الثانية كمستثمر في إفريقيا جنوب الصحراء، وقد استقبلت هذه الأخيرة 85 في المئة من تدفقات الاستثمارات المغربية نحو القارة الإفريقية و47 في المئة من إجمالي تدفقات الاستثمارات المغربية الخارجية خلال الفترة 2015-2003، وخلال الفترة نفسها توجهت هذه الاستثمارات أساسا نحو دول غرب إفريقيا كما أنها تتركز أيضا على الصعيد القطاعي حيث تنصب في نسبة كبيرة منها على قطاع الخدمات بما أن أكثر من نصف هذه الاستثمارات حسب أحدث المعطيات المتوفرة (2014-2003) يندرج في إطار القطاع البنكي بينما ذهبت 30 في المئة إلى مجال الاتصالات السلكية واللاسلكية و9 في المئة و5 في المئة على التوالي إلى التأمين والعقار، في حين لم تمثل الصناعة سوى حصة ضعيفة لا تتجاوز 1,3 في المئة، وهي وضعية يمكن أن تتغير في السنوات القادمة بالنظر إلى التوجه الجديد للمغرب على المستوى القاري. على صعيد آخر، لابد من الإشارة إلى أنه إذا كانت إفريقيا توفر فرصا حقيقية قابلة للاستغلال على المستوى الاقتصادي، فإنها تنطوي كذلك على عدد من المخاطر التي يتعين تدبيرها. يتعلق الأمر بخيار استراتيجي للمغرب، والذي يمكن أن تنتج عنه آثار إيجابية بالنسبة لبلادنا، على مستوى النمو الاقتصادي وعائدات التصدير والاستثمار وكذلك على مستوى تعزيز ريادته الإقليمية، والتموقع كقطب مالي ومحور مركزي في إطار إبرام الشراكات ثلاثية الأطراف. كما أن المواطن المغربي بإمكانه الاستفادة كذلك من الآثار الإيجابية لاندماج أقوى للمغرب في إفريقيا. سيما في ما يتصل بخلق فرص الشغل. غير أنه تجدر الإشارة، مع ذلك، إلى أن تحقيق هذه الآثار الإيجابية يظل محفوفا بالمخاطر والشكوك. حيث إن إنجاح هذه العملية يرتبط على وجه الخصوص (أ) بمدى قدرة القطاع الخاص الوطني على اغتنام الفرص (ب) بمدى قدرة المغرب على تعزيز وتنويع حضوره في إفريقيا. مع الحرص في الآن نفسه على ترسيخ مقاربة رابح – رابح مع الشركاء الأفارقة ضمانا لاستمرارية هذه الشراكة و (ج) بمدى قدرة السلطات العمومية على ضمان الدعم والمساعدة اللازمين للمستثمرين والمصدرين المغاربة حتى يتمكنوا من استثمار الفرص التي توفرها القارة الإفريقية بكيفية مثالية، وأخيرا (د) بوجود سياسة تواصل واضحة وشفافة مع المواطن المغربي، حيث يكون على اطلاع بالآثار الإيجابية التي يمكن أن يجنيها عبر تحسين إدماج المغرب في إفريقيا، وبالتالي يتمكن من تملك هذا المشروع الوطني. أما بالنسبة للفرص المتاحة، فيمكن الإشارة إلى العناصر التالية: * تعتبر إفريقيا جنوب الصحراء بمثابة الحدود الأخيرة للنمو العالمي. فقد شهدت هذه المنطقة ثاني أسرع نمو في العالم، بعد البلدان النامية في آسيا، خلال السنوات الأخيرة. وهكذا فخلال الفترة مابين 2010 و 2015 بلغ معدل نمو الناتج الداخلي الخام لإفريقيا جنوب الصحراء 4.6 في المئة سنويا. كما أن المعطيات الأخيرة (2015) تشير إلى أنه من بين أفضل 10 بلدان التي حققت أسرع نمو في السنة. هناك ثلاثة اقتصاديات افريقية (إثيوبيا والكوت ديفوار وتنزانيا). وبالمقابل ينبغي التأكيد على أن تقديرات صندوق النقد الدولي برسم 2016 تتوقع تحقيق نمو أكثر تواضعا بكثير في إفريقيا جنوب الصحراء أي 1.4 في المئة فقط. في أعقاب استمرار الآثار السلبية لانخفاض أسعار البترول على عائدات البلدان المدرة في القارة، وتراجع الطلب الصيني والمشاكل الأمنية. * تعد إفريقيا سوقا استهلاكية محتملة كبيرة نظرا لنموها الديمغرافي السريع، فحسب البنك الإفريقي للتنمية، من المتوقع أن تبلغ ساكنة إفريقيا حوالي 2.4 مليار نسمة بحلول سنة 2050 أي ربع سكان العالم. * بالإضافة إلى ذلك، تشير التوقعات التي أصدرتها المؤسسة نفسها إلى أن عملية التوسع الحضري في إفريقيا ستظل من بين الأسرع في العالم، من المنتظر أن تصل الساكنة الحضرية إلى 1.2 مليار نسمة في إفريقيا بحلول سنة 2050 وإذا أضيفت هذه التوقعات إلى الزيادة المستمرة في حجم الطبقة الوسطى على مستوى القارة (من 355 مليون سنة 2010 إلى 1.1 مليار 2060) فهذا من شأنه أن يزيد من إمكانات إفريقيا باعتبارها سوقا للاستهلاك، خصوصا مع التغييرات التي عرفتها عادات الاستهلاك وأنماط العيش التي سوف تترسخ بكيفية تدريجية. كل هذه العناصر يمكن أن تكون عوامل مواتية للمستثمرين المغاربة. سيما في قطاعات الخدمات والبناء والسلع الاستهلاكية الجاهزة. * الساكنة النشيطة التي تتراوح أعمارها مابين 15 و64 سنة في إفريقيا تتضاعف ثلاث مرات بين سنتين 2005 و 2060 ويشكل هذا الامتياز الديمغرافي فرصة للمستثمرين الأجانب، بمن فيهم المغاربة، من أجل إنشاء مقاولات صناعية فرعية في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء. * يمكن اعتبار الموجة الأولى من الاستثمارات المغربية في إفريقيا جنوب الصحراء، والتي اهتمت أساسا بقطاع الخدمات، بمثابة عامل جذب للمستثمرين المغاربة المحتملين في قطاع الصناعة. وبإمكان هؤلاء الاستفادة من وجود خدمات أساسية لأنشطتهم في العديد من البلدان الإفريقية، توفرها شركات مغربية (أبناك، تأمينات، اتصالات، نقل جوي، وغيرها). * توجه إيجابي آخر بالنسبة للمستثمرين المغاربة يتجلى في أن العديد من البلدان في المنطقة قد تمكنت من تحسين بنياتها التحتية المؤسساتية ومناخ الأعمال وتوازناتها الماكرو اقتصادية، علما أن حوالي 70 في المئة من الأفارقة اليوم يعيشون في بلدان ذات نظام ديمقراطي أو شبه ديمقراطي. * تشكل الموارد الطاقية والمعدنية التي تتوفر عليها القارة فرصة تفتح آفاقا كبرى للتثمين، على غرار المشروع الضخم المتعلق بخط الأنابيب المتفق على بنائه بين المغرب ونيجيريا. * وفي مجال الطاقة، تهم الإمكانيات أيضا فرص الاستثمار في مجال الطاقات المتجددة، وخاصة على مستوى الطاقة الشمسية والريحية. ولهذه الغاية، تجدر الإشارة إلى أنه حسب تقديرات مركز ? clean energy pipeline ? «تم استثمار ما يقرب من 29.9 مليار دولار أمريكي في مشاريع تتعلق بالطاقة المتجددة خلال السنوات الخمس الأخيرة. * على الصعيد الفلاحي، تتوفر القارة الإفريقية على أكثر من 50 في المئة من الأراضي الخصبة غير المستغلة في العالم، وينخرط المغرب بشكل فاعل في المساهمة في تنمية الفلاحة في إفريقيا. وبعبارة أخرى، فإن المساهمة في تطوير الفلاحة في إفريقيا، اعتمادا على أشكال التكامل بين البلدان، من شأنه أن يمكن المغرب وباقي بلدان القارة الإفريقية من استغلال سوق إقليمي واسع للمواد الغذائية وتأمين تزويده بهذه المواد وبكلفة أقل. * وفي المجال الفلاحي دائما، ينبغي تسجيل أن إفريقيا جنوب الصحراء تتوفر على أضعف المحاصيل الفلاحية في العالم، مما يستوجب استعمالا أكبر وأكثر دقة للأسمدة. وهذا يفسر الاستراتيجية الناجحة لمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط في مجال الاستثمار في وحدات الإنتاج بإفريقيا. فضلا عن الجهود الكبيرة المبذولة من أجل تطور أنواع الأسمدة الملائمة للفلاحة وللتربة الإفريقيتين. * وفي الأخير، لابد من التذكير بأن المغرب بإمكانه تعزيز دوره بوصفه منصة إقليمية على الصعيد القاري، عن طريق الاستثمار الأمثل لمؤهلاته التنافسية، وسيما في مجال التمويل casa) (finance city ولوجستيك الموانئ، والتموقع الجغرافي الاستراتيجي، علاوة على علاقاته الوثيقة واتفاقيات التبادل الحر مع مختلف البلدان غير الإفريقية، التي من شأنها دعم علاقات التعاون ثلاثي الأطراف. وفي ما يتعلق بالمخاطر التي يتعين تدبيرها، هناك عدد من النقاط التي يجب أخذها في الاعتبار من طرف المستثمرين المغاربة في إفريقيا. -أولا، على الرغم من ارتفاع معدلات النمو في إفريقيا خلال السنوات الأخيرة، فإن هذا النمو لا يحقق بعد الإدماج المتوخى. نظرا للفوارق المسجلة واستمرار الفقر على صعيد القارة، وارتفاع مستويات البطالة في صفوف الساكنة الشابة، وخصوصا نمو هش بسبب استمرار اعتماده الكبير على عائدات الموارد الطبيعية عموما. فضلا عن ذلك فإن حوالي 60 في المئة من الطبقة الوسطى في إفريقيا، حسب البنك الإفريقي للتنمية، تنتمي إلى الفئة » ?العائمة ? « حيث تظل معرضة للمخاطر الاقتصادية والسياسية، ومهددة بالوقوع في براثن الفقر. كل هذه العناصر هي في الواقع عوامل كفيلة بإضعاف إمكانات إفريقيا باعتبارها سوقا استهلاكية، وبالتالي تؤثر على قرارات المستثمرين المغاربة والأجانب على صعيد القارة. مواعيد إفريقية
رئيس المركز الأورو- إفريقي للدراسات : رئيس المركز الأورو- إفريقي للدراسات : المغرب يملك من المؤهلات ما يجعله يلعب دورا محوريا في تعزيز العلاقات الأوروبية الإفريقية أكد رئيس المركز الأورو- إفريقي للدراسات القانونية والسياسية والاستراتيجية، صبح الله الغازي، أن المغرب يملك من المؤهلات ما يجعله يضطلع بدور محوري في تعزيز العلاقات الأوروبية الإفريقية .وقال الغازي خلال الندوة العلمية التي نظمها، الجمعة الماضية، كل من مركز حكامة للدراسات الاستراتيجية حول الديمقراطية والتنمية المجالية، و منظمة العمل المغاربي والمركز الاورو إفريقي للدراسات القانونية والسياسية و الاستراتيجية، ومركز التفكير الاستراتيجي والدفاع عن الديموقراطية ، « إن انضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، وما يحظى به من وضع متقدم لدى الاتحاد الأوربي، تجعل منه محورا أساسيا في تعزيز العلاقات الأوروبية الإفريقية» .وأضاف الغازي أن الزيارات التي قام بها جلالة الملك محمد السادس إلى العديد من الدول الإفريقية، و التجارب التي راكمها المغرب على المستوى الاقتصادي والتجاري ستمكنه من ترسيخ علاقاته مع الدول الإفريقية.وذكر الغازي بالبعدين الثقافي والديني ودورهما في توطيد علاقات المغرب بعمقه الإفريقي، إلى جانب التقدير والاحترام اللذان يحظى بهما المغرب من طرف الدول الإفريقية، مبرزا أن لهذه العلاقات أثرها الإيجابي بالنسبة للطرفين.ومن جهته أبرز رئيس مركز التفكير الاستراتيجي والدفاع عن الديموقراطية ، مولاي بوبكر حمداني، أن المغرب يسعى إلى استثمار موقعه الاستراتيجي كصلة وصل بين أوروبا وإفريقيا ليلعب دورا قياديا ومؤثرا في العلاقات الأوربية الإفريقية عبر رؤية استراتيجية اندماجية بعيدة المدى، ووفق مقاربة تدريجية تقوم على التوافق وبأدوات مختلفة من التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف من اجل تحقيق التنمية والتقدم المشترك الذي تتطلع إليه القارة الإفريقية. وأضاف أن عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي شكلت منعطفا دبلوماسيا هاما في سياسته الخارجية ومرحلة جديدة لإطلاق شراكات تضامنية حقيقية في ما بين الدول الإفريقية من جهة وباقي الشركاء على المستوى العالمي وعلى رأسها الاتحاد الأوربي باعتباره شريكا تقليديا، مشيرا إلى أن المغرب سعى إلى وضع أسس للحوار والتعاون المؤسسي لتعزيز الحكم الديموقراطي وحقوق الإنسان، وتحقيق أهداف الألفية للتنمية في القارة الإفريقية.وأشار إلى أن توجهات السياسة المغربية عرفت في السنوات الأخيرة تركيزا أكثر على الدائرة الإفريقية، وهو الأمر الذي أفضى إلى تحقيق تقدم أكبر وأكثر فاعلية للأدوار التي أصبح يقوم بها المغرب داخل القارة الإفريقية ضمن سياسة خارجية تنضبط لمجموعة من الثوابت والمتغيرات وعلى رأسها حقائق الجغرافيا والتاريخ والاقتصاد.وقد شكلت هذه الندوة العلمية فرصة لمقاربة دور المغرب في تعزيز العلاقات الأوربية الإفريقية من خلال محاور همت «التحولات الاقتصادية والسياسية الكبرى في إفريقيا ومستقبل القارة»، و»الإطار المؤسساتي للعلاقات الإفريقية الأوروبية»، و»الحضور المغربي في الأطر الإقليمية الإفريقية الأوروبية».
الحرب على الإرهاب: التحضير لمنتدى الاتحاد الأوروبي – إفريقيا – المغرب الحرب على الإرهاب: التحضير لمنتدى الاتحاد الأوروبي – إفريقيا – المغرب -أعلن عبد الرحيم عثمون، عضو فريق العمل المكلف بالقضايا الأمنية داخل اللجنة البرلمانية المشتركة المغرب – الاتحاد الأوروبي ورئيس هذه اللجنة عن الجانب المغربي، الأربعاء، عن التحضير لعقد منتدى مخصص للحرب على الإرهاب في بعده الاتحاد الأوروبي – إفريقيا – المغرب.وأوضح عثمون، الذي يقوم حاليا بزيارة لبروكسل في إطار اجتماع فريق العمل المكلف بالقضايا الأمنية داخل اللجنة البرلمانية المشتركة المغرب – الاتحاد الأوروبي، بالبرلمان الأوروبي، أن هذا المنتدى يروم بحث قضايا الحرب على الإرهاب في بعدها الثلاثي الأبعاد من أجل إشراك إفريقيا، من خلال أخذ مفهوم للأمن واسع بعين الاعتبار حتى لا يبقى محدودا فقط في طابعه الأوروبي والمغربي.وبعدما أكد على أن المملكة « يضرب بها المثل في مجال الأمن» شدد عثمون في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء على أن قضايا محاربة الإرهاب، مع كل ما يحدث في مالي والساحل، تتطلب داخل اللجنة البرلمانية المشتركة المغرب – الاتحاد الأوروبي إشراك إفريقيا وأوروبا على السواء.وشكل موضوع عقد هذا المنتدى الثلاثي الأطراف محور اجتماع عقده عثمون مع نظيره الأوروبي بير أونطونيو بانزيري، في إطار الفريق المكلف بالأمن ومحاربة الإرهاب.وأوضح أن الأمر يتعلق بالاجتماع الرابع منذ إحداث في 7 شتنبر الماضي لفرق العمل داخل اللجنة البرلمانية المشتركة، من أجل التوصل إلى توصيات خلال الاجتماع المقبل ببروكسل والمتوقع في يونيو 2018.وذكر بأن باقي الفرق المشكلة من نواب مغاربة وأوروبيين، الذي عقدوا اجتماعات بهذه المناسبة، تبحث في قضايا تتعلق بالعلاقات الثنائية في المجال السياسي، والنهوض بالمبادلات الاقتصادية والتجارية بين المغرب والاتحاد الأوروبي وحقوق الإنسان، والمرأة، والشباب وباقي القضايا المجتمعية من بينها قضايا الهجرة.وأضاف أن هذه الفرق اجتمعت « لوضع أجندة، حيث عليهم تسليم أعمالهم نهاية فبراير «، في أفق صياغة وثيقة مشتركة سيتم تقديمها للحكومة المغربية والمفوضية الأوروبية.وسيتم تقديم هذه التوصيات، خلال الدورة التاسعة لاجتماع اللجنة البرلمانية المشتركة المغرب – الاتحاد الأوروبي التي ستنعقد في يونيو المقبل ببروكسل.