تصعيد خطير.. تقارير عن توغل الجيش الجزائري داخل الأراضي الموريتانية    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    شركة Apple تضيف المغرب إلى خدمة "Look Around" في تطبيق آبل مابس.. نحو تحسين السياحة والتنقل    السلطات تمنع تنقل جماهير الجيش الملكي إلى تطوان    شركات الطيران ليست مستعدة للاستغناء عن "الكيروسين"    من يحمي ادريس الراضي من محاكمته؟        الموساد يعلق على "خداع حزب الله"    ترامب يؤكد التصدي للتحول الجنسي    حداد وطني بفرنسا تضامنا مع ضحايا إعصار "شيدو"    "إسرائيليون" حضروا مؤتمر الأممية الاشتراكية في الرباط.. هل حلت بالمغرب عائلات أسرى الحرب أيضا؟    اختتام أشغال الدورة ال10 العادية للجنة الفنية المعنية بالعدالة والشؤون القانونية واعتماد تقريرها من قبل وزراء العدل في الاتحاد الإفريقي    أنشيلوتي يشيد بأداء مبابي ضد إشبيلية:"أحيانًا أكون على حق وفترة تكيف مبابي مع ريال قد انتهت"    حكيم زياش يثير الجدل قبل الميركاتو.. الوجهة بين الخليج وأوروبا    توقيف شخص بالبيضاء بشبهة ارتكاب جريمة الإيذاء العمدي عن طريق الدهس بالسيارة    معهد "بروميثيوس" يدعو مندوبية التخطيط إلى تحديث البيانات المتعلقة بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة على على منصتها    كيوسك الإثنين | إسبانيا تثمن عاليا جهود الملك محمد السادس من أجل الاستقرار    مواجهة نوبات الهلع .. استراتيجية الإلهاء ترافق الاستشفاء    إنقاذ مواطن فرنسي علق بحافة مقلع مهجور نواحي أكادير        تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليبيا: بداية النهاية لجنون الإجرام

لا زال المشهد الليبي، عامرا بالكوارث والفوضى والارتباك، حيث تشهد العاصمة الليبية أسوأ مراحل الاحتراب بين الميليشيات، وإطلاق صواريخ «غراد» العمياء بشكل عبثي، لا يراعي ذمة ولا خلقا ولا ضميرا، ليتواصل سقوطها على الأحياء السكنية، ويسقط تبعا لذلك، الضحايا والقتلى من المدنيين أطفالا ورجالا ونساء، دون أن يرتدع أهل البلطجة والإجرام ممّن زحفوا على طرابلس فيما يسمى »عملية فجر طرابلس«، أو يستجيبوا للنداءات التي تصاعدت من أهل الحراك السياسي الليبي، ومن المجتمع المدني، ومن المجتمع الدولي، ودون أن يراجعوا أنفسهم وهم يشاهدون مخازن الوقود العملاقة التي تمدّ الغرب الليبي بالوقود تحترق، خزانا وراء الآخر، ويشاهدون مئات الآلاف من المواطنين يهجرون مساكنهم، ويتجهون إلى خارج البلاد، يصنعون أزمة على حدودها الغربية، ودون التفات إلى هجرة كل العمالة التي تعتمد عليها ليبيا في تسيير حياتها، بما في ذلك الطواقم الطبيّة العاملة في المستشفيات والمصحات، بل وفي الأفران والمزارع، إلى حد نضوب السوق الليبية من المواد الاستهلاكية الضرورية، ولا يبالون بما حدث من انقطاع التيار الكهربائي على معظم أنحاء البلاد، وانقطاع المياه على أجزاء كبيرة منها، وإصابة الحياة الاقتصادية والتجارية ودواليب الإدارة بالشلل الكامل، فلا يستطيع العامل ولا الموظف الوصول إلى مكتبه أو مصنعه ولا المزارع إلى حقله، ولم ينظروا إلى سفارات العالم وهي تسحب موظفيها سفارة بعد الأخرى.
إنهم يستمرون بلا وازع من ضمير وطني ولا ضمير ديني، في عملياتهم الإجرامية التي أسموها «عملية قسورة»، التي ارتبطت بنبي الإسلام وهو يحارب الكفار، وكأن هؤلاء المنتسبين للإسلام زورا وكذبا وبهتانا، قد احتكروا كلمة الله، واعتبروا بقية المجتمع الليبي مجتمع الكفر والجاهلية، ووجب شنّ حرب إبادة على أفراده.
ويقابلهم في بنغازي والجزء الشرقي من البلاد، ميليشيات إسلامية أكثر تطرفا، هم «أنصار الشريعة» الذين أهدروا قيم الدين، وقيم الشريعة، ورفعوا رايات القاعدة السوداء، وأعلنوا عن ارتباطهم بالدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش»، وطلبوا النصرة منها، فأرسلت إليهم بعضا من عناصرها، لإعلان بنغازي إمارة إسلامية، بعد أن فعلوا ذلك في درنة.
هذه هي الصورة القاتمة للمشهد الليبي الآن، ولكن لمعت في الأفق علامات مضيئة قادمة من مجلس النواب، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الليبي، تؤكد أن هذا المشهد القاتم البائس سيشهد- بإذن الله- تغييرا سريعا وحاسما لصالح قيام الدولة، وتفعيل أجهزتها من شرطة وجيش، في شكلها المدني الدستوري، وأخذها بقيم العصر وروحه ومفاهيمه بإذن الله.
واستطاع هذا المجلس أن يتجاوز كل العقبات التي وضعها في وجهه أهل الإسلام السياسي، لإبطاله وتعطيل عمله ومنعه من الوصول إلى الانعقاد أساسا، لكنه وبفضل المخلصين من أعضائه، المؤمنين برسالتهم، استطاعوا الوصول إلى المدينة الآمنة التي احتضنت مجلسهم، وهي مدينة طبرق، المقر التاريخي لمؤسس ليبيا الحديثة، ملكها السابق الإدريس السنوسي، واستطاعوا عقد جلسات متواصلة ومستمرة، أكملوا فيها التنظيم الإداري والهيكلي للمجلس بانتخاب هيئته الرئاسية وأمانته الإدارية، ثم باشروا بإصدار قرارات جريئة وشجاعة، لمواجهة الانهيار الأمني والسياسي وإيقاف الاقتتال، وأولها المناداة بإيقاف الاحتراب بين الميليشيات تحت إشراف لجنة من هيئة الأمم المتحدة، ما تزال تباشر، الآن، العمل على إيقاف الاحتراب بالحوار والتوافق.
القرار الثاني كان تفكيك كل الميليشيات وإيقاف تمويلها ورفع الغطاء الشرعي عنها، وتسليم سلاحها ومقراتها ووضع نفسها تحت اللجنة العسكرية التي تتولى إعادة استيعاب أفرادها في الجيش والشرطة وأجهزة الدولة الأخرى.
أما القرار الثالث، وقد اعتبر أكثر القرارات أهمية، فهو طلب التدخل الدولي لحماية المدنيين، والإشارة إلى أنه قرار كان قد اتخذه مجلس الأمن تحت رقم 1973 عام 1911، ولا زال ساري المفعول ولا زالت ليبيا تحت البند السابع، وهي مهمة لم تكملها الشرعية الدولية وقد أعطاها مجلس النواب الإذن باستخدام هذا الحق في التدخل الفوري لحماية المدنيين وإيقاف الحرب، ومازالت لم تتبلور الصيغة التي تتم بها هذه الحماية أو هذا التدخل، ولكن هناك مبادرات دولية تحت الإجراء سنرى لها مفعولا قريبا، من بينها أن محكمة الجنايات الدولية تمتلك الآن قائمة بأسماء «لوردات» الحرب الذين يرفضون الامتثال لقرار إيقاف إطلاق النار على المدنيين، والمتهمين بارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين، يتم الآن الإعداد لتوجيه أوامر الاعتقال ووضعهم في قوائم المجرمين المطلوب القبض عليهم ومصادرة أموالهم.
السياق الثاني الذي نرى فيه المجتمع الدولي قد بدأ التحرك عبره قبل الوصول إلى صيغة للتدخل العسكري المباشر، هو دعم ومناصرة وتقديم العتاد للنواة الموجودة الآن للجيش الليبي، لكي تباشر التصدي لهذه الميليشيات، ويتم الآن وضع المستشارين الدوليين تحت أمرها، ووصول أسلحة ذات فعالية وقوة إليها، لتحقيق النصر في المنازلة ضد الجماعات الإرهابية، وسيتلو هذه الخطوة، التدخل بعمليات محدودة، وضربات لأوكار الإرهاب من الجو، وقد لا يقتضي الأمر دخول قوات فوق الأرض، لأنه أمر يتحفظ الليبيون عليه، ربما إلا في حالة واحدة هي حالة أصحاب القبعات الزرقاء، باعتبارهم يأتون، عادة، لحفظ السلام أكثر من خوض عمليات الاشتباك والمنازلة العسكرية. كما ذكرت الأخبار أن هناك اقتراحا أميركيا بأن يتم تفويض الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية، أو ما يسمى القوى الإقليمية، بتجنيد قوة عسكرية تتولى حسم الاحتراب الليبي، إلا أنه موضوع مازال لم يجد التوافق الدولي والإقليمي بعد.
كذلك فإن دعما دوليا منقطع النظير، تلقاه المجلس النيابي الجديد، باعتباره قائد العملية السياسية وممثل الشعب الليبي الذي لا ممثل غيره، كما جاء بيان الاتحاد الأوروبي يتبنى دعم السياق الذي يسير فيه المجلس، وتصاعدت أصوات قادة الدول الكبرى في العالم، مثل الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا، تطالب الأمم المتحدة بأن تضع إمكانياتها كاملة لتحقيق الأمن والسلام في ليبيا، وتمكين مجلسها النيابي من بناء الدولة وإيقاف الجماعات المسلحة الإجرامية عند حدها.
لازالت ليبيا بعد ثلاثة أعوام من إسقاط النظام السابق تعيش تحت حكم «البلاطجة» ومجرمي الميليشيات المسلحة التابعة لأكثر التيارات الإسلامية تطرفا وغلوا، وقد آن لهذا الجنون أن ينتهي، وسينتهي قريبا بإذن الله.
كاتب ليبي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.