بعد السيطرة المطلقة لتنظيم »داعش« على مدينة الرِّقة وضواحيها بسوريا، دعا هذا التنظيم المصنف بالإرهابي إلى حذف تدريس مادتي الفلسفة والكيمياء من المناهج الدراسية بالمستوى الابتدائي والاعدادي. وقد جاء قرار تنظيم »داعش«، كما تناقلته وسائل الاعلام الدولية بغرابة ودهشة كبيرة على لسان أحد عناصرها في لقاء مع جماعة من الذين بايعوا خليفتهم البغدادي، موضحاً أن مادتي الفلسفة والكيمياء لا تعتمد على الله وهو ادعاء استغربت له مجموعة من المهتمين بالشأن التعليمي عبر أنحاء العالم وبالشأن الديني. ويريد به تنظيم »داعش« المزيد من السيطرة على عقول بعض الذين تمكنوا من غسل أدمغتهم، مؤكدين أن كل ملتحق بهذا التنظيم يخضع أولا إلى تداريب على حمل السلاح واستعماله ثم تدريب على صنع التفجيرات والقنابل، وهو عمل من صميم مجال الكيمياء. ولهذا التنظيم عناصر درست هذه الشعبة، بل هناك مهندسون مختصون. فلماذا تتعامل معهم تنظيم »داعش«، ويعتمد عليهم في صنع كميات كبيرة من المتفجرات التي تستخدمها في غزوها وهجومها وقتلها للأبرياء. وطالب »داعش« تعويض مادتي الفلسفة والكيمياء بأخرى دينية. وإذا كان لهذا القرار الذي تريد أن تعممه »داعش« بكل منطقة من أراضي سوريا تم احتلالها قد ترك أثراً سلبياً على كل من سمعه داخل وخارج سوريا، فإن العديد من أعضاء الجماعة التي كانت تسمع إلى خطيب هذا التنظيم تقبلوا الخبر بالهتاف والتهليل، بل منهم من قام من مكانه وقبل الخطيب. وبادر تنظيم القاعدة إلى الاتصال بالعديد من مدراء المدارس الابتدائية والاعدادية وطالبهم بالعمل على تغيير هاتين المادتين بكل من الرِّقة وضواحيها، وقدم إغراءات مالية مهمة لكل من بادر إلى تطبيق هذا القرار والعمل على وضع برامج ومناهج تعتمد على ما طلبه هذا التنظيم »حذف مادة الفلسفة ومادة الكيمياء وتعويضهما بما هو ديني«. من هنا تظهر بوادر خطورة هذا التنظيم الإرهابي الذي يحمل مشروع القتل والترهيب، قتل الأرواح، قتل الحضارة العربية الاسلامية التي برزت في هذين المجالين. قتل العلماء العرب والمسلمين الذين مازال العالم بأسره يعتمد على تركتهم العلمية. فأراد هذا التنظيم إعادة العرب والمسلمون إلى الصفر، أراد توقيف عجلة العلم والتقدم، فمادتا الفلسفة والكيمياء هما ركيزتا العلم المتقدم المتحضر، علما أن شعبة الكيمياء ترتكز عليها كل الصناعات والابتكارات العلمية، بما في ذلك صناعة الأدوية والأطعمة والأسمدة، وكل ما هو كيماوي، لكن »داعش« غسل الأدمغة وملأها بما يصب في مطامعها ومصالحها، ويريد بذلك أن يعطي إشارة إلى العالم بأنه تنظيم قادم.