يوسف النصيري يرفع رصيده إلى 16 هدفاً بقميص فنربخشة أمام أنطاليا سبور    المغرب ماضٍ في طريقه .. والمغاربة يعرفون جيدًا من معهم ومن ضدهم    مسلسل "معاوية".. هل نحن أمام عمل درامي متقن يعيد قراءة التاريخ بشكل حديث؟    وفاة مأساوية لشاب خلال مباراة رمضانية بطنجة    شابة تقدم على الانتحار نواحي سطات    المغرب نموذج للدول الإفريقية في مجال تربية الأحياء المائية المستدامة    إحباط محاولة تهريب حوالي 26 كيلوغراما من مخدر "الشيرا"    شاهدوا.. الحلقة الأولى من المسلسل الأمازيغي "بويذونان"    بريسول ينبه لشروط الصيام الصحيح ويستعرض أنشطة المجلس في رمضان    أصيلة .. تشييع جثمان الوزير الأسبق ورجل الثقافة الراحل محمد بن عيسى    السعودية تتهم إسرائيل ب"ابتزاز غزة"    أمطار وثلوج منتظرة بالريف والمنطقة الشرقية    رئيسة المفوضية الأوروبية تؤكد على ضرورة إعادة تسليح أوروبا "بشكل عاجل"    أسعار اللحوم تتراجع في عدد من المدن المغربية باستثناء الناظور    برقية تهنئة إلى جلالة الملك من المدير العام لمنظمة الإيسيسكو بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك    بالفيديو: جزائري يفضح مقر الذباب الإلكتروني الذي يحركه تبون    برشلونة يسحق سوسييداد وينفرد بالصدارة    سيدة تضع حدًا لحياتها شنقًا بجماعة شقران نواحي الحسيمة    نشرة انذارية : تساقطات ثلجية مرتقبة على المرتفعات التي تتجاوز 1800 متر    قبل أن يتعطل تمامًا.. 7 إشارات تخبرك أن هاتفك يقترب من نهايته    وكالة بيت مال القدس تطلق كرسي الدراسات المغربية في جامعة القدس    إبنة الحسيمة أمينة لبحر تنال شهادة الدكتوراه في الكيمياء بميزة "مشرف جدًا"    بسبب رفضها التعاون في مجال الهجرة.. السلطات الفرنسية تمنع دخول بعض المسؤولين الجزائريين    بطولة إسبانيا لكرة القدم .. برشلونة يعود للصدارة بفوزه على سوسييداد (4-0)    الهمهمات اللغوية.. أكثر من مجرد أصوات عشوائية    المغرب.. تأسيس شركة عسكرية رائدة جديدة لتصنيع وتطوير المعدات الدفاعية    المغرب يشهد "ماراثون السينما"    وكالة بيت مال القدس تطلق كرسي الدراسات المغربية في جامعة المدينة    الخبير الاقتصادي محمد الشرقي: المغرب يعتمد على نفسه في تمويل المونديال -فيديو-    بوريطة: العلاقات المغربية الألبانية متينة وتاريخية لكنها بحاجة إلى تنشيط آلياتها    التنسيق النقابي الصحي يدق ناقوس الخطر ويحذر من شل القطاع    مسلسل "رحمة".. رحلة في أعماق الدراما المغربية على MBC5 في رمضان    أسعار مرتفعة للأسماك بالسوق المركزي لشفشاون في أول أيام رمضان    "خليه عندك".. حملة على مواقع التواصل الاجتماعي لمقاطعة المنتجات ذات الأسعار المرتفعة    أبرز الترشيحات لجوائز الأوسكار بنسختها السابعة والتسعين    هبوط ناجح لمركبة فضائية أمريكية تابعة لشركة خاصة على سطح القمر    غلال الفلاحة المغربية تبهر باريس    90 ثانية لكسر اللاعبين المسلمين صيامهم بالدوري الأسترالي    رافينيا على رادار الهلال.. الشرط الجزائي قد يسهل الصفقة    استطلاع: الألمان يمتنعون عن شراء السيارات الكهربائية    إحباط محاولة تهريب 26 كيلوغراما من "الشيرا" بميناء الناظور    حجب الثقة يقيل وزير مالية إيران    المغرب يراهن على تحقيق 52% من الطاقة المتجددة بحلول 2030 والتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 42%    اتفاق نهائي بين المغرب الفاسي والألماني توميسلاف لقيادة الفريق خلال الفترة المقبلة    "فيفا" يمنح القنوات التليفزيونية حق استغلال الكاميرات الخاصة بالحكام في مونديال الأندية    صدور عدد جديد من مجلة "القوات المسلحة الملكية"    تصفيات مونديال 2026: الحكم المغربي الكزاز يقود مباراة بوروندي وكوت ديفوار    المغرب والعرش العلوي .. بيعة راسخة ودعاء موصول    "دكاترة العدل" يكرمون الوزير وهبي    النائب البرلماني محمد لامين حرمة الله يشيد بهذا القرار الملكي    هذا هو موضوع خطبة الجمعة    الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين يستغرب فرض ثلاث وكالات للأسفار بأداء مناسك الحج    المياه الراكدة    "حضن الفراشة" .. سلاح فتاك لمواجهة التوترات النفسية    شبكة صحية تدعو إلى تكثيف الحملات التطعيمية ضد "بوحمرون"    بعد مليلية.. مخاوف من تسلل "بوحمرون" إلى سبتة    متى تحتاج حالات "النسيان" إلى القيام باستشارة الطبيب؟    دراسة علمية تكشف تفاصيل فيروس جديد لدى الخفافيش وخبير يطمئن المواطنين عبر "رسالة24"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مأزقُ إسرائيل، مأزق الغرب
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 15 - 08 - 2014

العدوان الإسرائيلي الوحشي على ساكنة قطاع غزة، منذ 8 يوليوز، هو تأكيد إضافي للصفة الاستعمارية، غير المعترفة بالقوانين الدولية ولا بالقيم الإنسانية، لدولة إسرائيل المحتلة طوال 66 سنة لأرض فلسطين وشعبها. وليست هذه هي المرة الأولى التي يُعرّي فيها السلوك والممارسة الأوهامَ الصهيونية التي غلّفتْ عند البدء، مشروع بناء دولة لكل اليهود على أرض فلسطين التي تساكَن في جنباتها مواطنون ينتمون إلى كل الديانات. ذلك أن المجازر ضد الفلسطينيين هي الأوسمة التي تزيّن منذ 1948 صدرَ الدولة العبرية التي ادّعتْ أمام العالم، أنها ستتكفّل بأن تجعل من فلسطين "قطعة من أوروبا"، تحقق التقدم التكنولوجي، وتجسد حلم الاشتراكيين من خلال خرافة الكيبوتزات والإنتاج المشترك...وسارَع َالغربُ إلى مباركة الصهيونية ومزاعمها، ليُكفّر عن ذنوب المحرقة ومُعاداة اليهود الساكنين فوق أرضه. ويجب أن نضم إلى دول الغرب، الولايات الأمريكية المتحدة التي وجدت في إسرائيل، المزروعة وسط فضاء الشرق الأوسط العربي، أداة ردْعٍ لقوى التحرير وشُرطياً يحمي مصالحها. وفي المقابل، أمّنتْ أمريكا لإسرائيل الإعفاء من كل عقاب على ما ترتكبه من عدوان وجرائم حرب، ضد الفلسطينيين وضد الدول العربية المناهضة لسياسة تلّ أبيب. على هذا النحو، أصبحت لإسرائيل اليدُ الطّولى في المنطقة، تقتل وتعتقل وتسجن، ولا أحد يستطيع أن يعاقبها لأن الفيتو الأمريكي مظلة حامية لها!!!
هذا التواطؤ الغربي-الأمريكي الذي رافق َ نشوء إسرائيل واستمرارَها، هو ما يفسر الطابع العدواني، الاحتلالي لوُجودها القائم على الحرب والعنف ومصادرة الأرض الفلسطينية. أدرك قادة تلّ أبيب أن السلام وقبول قيام دولة فلسطينية، معناه تلاشي الوظيفة القامعة والمراقبة التي تضطلع بها، وتتيح للساسة العِبريين أن يتاجروا باسمها. الدليل على ذلك، أن محاولة السلام الجدية التي أقدم عليها ياسر عرفات وَإسحاق رابين سنة 1993، سرعان ما انهارتْ لأن اليمين الإسرائيلي المتطرف، بتواطؤ مع الأحزاب المستفيدة من الاحتلال المستدام، أتاحوا اغتيال رابين الذي راهَنَ على السلام لإنقاذ شعبه من ويلات الحرب ووصمات العار والتقتيل. لأجل ذلك، نعتبر عدوان 8 يوليوز 2014 على غزة وشعب فلسطين، استمراراً للعدوانات السابقة في 2008 وَ2012، وأيضا لحرب 2006 على جنوب لبنان: نفس الأسلوب والتبريرات، ونفس تواطؤ الغرب وأمريكا مع إسرائيل التي تكافح "الإرهاب" في المنطقة! من ثم يكون مُحقا ذلك الصحفي الأمريكي الذي لاحظ َ مؤخرا أن دولة إسرائيل تحوّلتْ إلى ثكنة عسكرية تتصيّد الفرص لشن الهجمات وتجريب أحدث الأسلحة، لتأديب من يطالبون بدولتهم وأرضهم، ومَنْ يرفضون استمرار تطبيق الكيْل بمكياليْن، والسكوت عن إرهاب الدولة المستعمِرة.
لن أتوقف هنا عند العدد الضخم من ضحايا العدوان على غزة، خاصة من الأطفال والنساء والشيوخ، ولا عند الادعاءات الإسرائيلية لتبرير وحشيتها واستراتيجيتها "التطهيرية"، لأن الحرب العدوانية ما تزال مستمرة، وعدد الضحايا مرشح للارتفاع في كل ساعة... ولكن أريد أن أركّز على طبيعة المأزق المزدوج الذي تتخبط فيه إسرائيل ومعها حلفاؤها الغربيون. يتمثّل مأزق إسرائيل أولا، في أن أسلحتها المتطورة وترساناتها تتصيّد المدنيين وتهدم بيوتهم ومدارسهم ومستشفياتهم، ومُولدات الكهرباء، وكل ما يسمح بالاستمرار على قيد الحياة...بينما مُقاومو غزة يوجهون ضرباتهم للجنود المعتدين. هذا ما جعل العالم يتظاهر ضد هذه الحرب اللاإنسانية، التي تقتل بدمٍ بارد الأبرياء المدافعين عن أرضهم وكرامتهم. ويتمثل المأزق ثانيا، في أن إسرائيل المُدّعية القبولَ بقيام دولة فلسطينية على الأرض الضيقة المُتبقية، عمدتْ إلى إفشال "مفاوضات السلام" مع السلطة
الفلسطينية التي لا تتوفر على فصائل عسكرية "إرهابية"، وتحظى بثقة الغرب ومساعداته. بدلا من أن تقبل بقيام الدولة وتفك الحصار عن شعب فلسطين، تُماطل وتزعم أن السلطة هي المسؤولة عن تعثر المفاوضات! وأكثر من ذلك، يرفض نتانياهو تأسيس حكومة فلسطينية موحدة، لأنه يعتبر "حماس" منظمة إرهابية. وهي نفس الحُجّة الي سوّقها للغرب لكي يُبرر عدوانه على غزة. والواقع أنها "حجة" واهية، لأن تهمة الإرهاب تنطبق أكثر على إسرائيل، بوصفها دولة استعمارية، تشجع الاستيطان، ومصادرة الأراضي وتقتيل الناس والأشجار...كيف نلصق الإرهاب بمواطني غزة الذين يدافعون عن أرضهم، ويصدّون نيران الطائرات والدبابات، رافضين الاحتلال؟ هذه تهمة لم تعُد تقنع أحدا، لأن عصابات الصهاينة في بدء إنشاء إسرائيل، كانوا يُنعتون بالإرهابيين إلى أن فرضوا وجودهم فتحوًّل الإرهاب إلى مقاومة من أجل إنشاء وطن لليهود! لماذا تريد إسرائيل ومعها الغرب، أن تلصق صفة الإرهاب بمَنْ يحمون شعبهم ويكافحون من أجل دولة تضم الفلسطينيين على اختلاف مذاهبهم؟ ثم هل نحن في حاجة إلى التذكير بأن الإيديولوجيا ليست كتابا مقدسا، خاصة عندما تنتمي إلى فئات تعيش تحت الاستعمار، وتحتم عليها سيرورة الكفاح والمقاومة أن تُعدل مقولاتها ومبادئها على ضوء الممارسة والتفاعل مع التطور والتغيرات الملموسة فوق الأرض وفي وعي الناس.
أمّا مأزق الغرب وأمريكا، فقد غدا مكشوفا للجميع، لأنه يفضح تناقضا كبيرا ومُخجلاً، كما تجلى ذلك في موقف فرنسا عند بداية عدوان 8 يوليوز. فقد بادر الرئيس فرانسوا هولاند إلى مكالمة نتانياهو ليعلن تأييده لمبادرة الدفاع عن النفس الإسرائيلية! نسي هولاند أوْ تناسى مواقف فرنسا إلى جانب الحق الفلسطيني في إقامة الدولة واسترجاع الأرض، ووقف إلى جانب العدوان ليحوز رضا اللوبيات اليهودية في فرنسا. وهو موقف أثار غضب الجاليات العربية والإسلامية التي اعتبرته تحيّزا مُناقضا لمبادئ السياسة الديكولية ولقيم التحرر وتصفية الاستعمار... على هذا النحو، نجد أن الاتحاد الأوروبي الذي يضطلع بتقديم مساعدات مالية ضخمة للسلطة الفلسطينية ولغزة، لا يتدخل لفرض عقوبات على إسرائيل التي تعمد بكيفية منهجية، إلى تقويض المنشآت والمرافق التي بُنيَتْ من مساعدات الصندوق الأوروبي! وكأننا أمام لعبة هزلية، يلعب فيها الاتحاد الأوروبي دورَ المخرج الأبله الذي لا يدرك مدى الخسارة التي تلحقه. ولا حاجة إلى التذكير بالموقف الأمريكي من إسرائيل، الحليفة المُدللة، لأن العلاقة بينهما جعلت من الدولة العبْرية ذيْلا ملتصقا ببقية الولايات المتحدة التي تحمي وتمول وتغض الطرف عن أخطاء وخطايا ربيبتها العبرية. ومن ثمّ، عندما نقول مأزق الغرب الناتج عن اصطفافٍ غير مشروط إلى جانب السياسة الإسرائيلية، فإننا نستحضر خلفية الصراع السياسي والحضاري والثقافي الذي يؤثر في توجيه دفّة التوازنات العالمية، لكيْ لا يتحول الصراع إلى حرب مصالح وتأمين حلفاء. وإلى عهد قريب كانت أوروبا تضطلع بهذا الدور الحامي لجملةٍ من القيم والمبادئ الإنسانية، المتنورة، التي تحُولُ دون استشراس الأقوياء والمحتلين واستغلال المعذبين في الأرض. لكن هذه التبعية الأوروبية لأمريكا تكشف بقوة مأزق الغرب وتُفقدُه مصداقيته. فليس خافيا على أحد، أن مَحْوَ الاستعمار والاستيطان هو الخطوة الأولى نحو تحرير الإنسان والاعتراف بحقوقه، وهو المدخل إلى إعادة السيرورة الطبيعية لجدلية الصراع في الأقطار العربية التي تعيش فترة عصيبة بسبب صعود الأصوليات المتطرفة، واستمرار الأنظمة الاستبدادية. ذلك هو المدخل الأساس لمكافحة الإرهاب: في إسرائيل وفي البلدان العربية المتواطئة مع الولايات المتحدة والغرب. أما فلسطين، بمجموع مكوناتها وفصائلها، فمكتوبٌ عليها أن تقاوم الاستعمار والاستيطان والعدوان، لأنها الخطوة الضرورية نحو التحرر والكرامة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.