القضية الفلسطينية والاتهام بمعاداة السامية اهتم سعيد كثيرا بالقضية الفلسطينية من أجل إيجاد حل لهذا الكابوس الذى عاشه طوال فترة حياته، مما أثر عليه كثيرا حتى أنه قال: «نشأتُ كعربى ذى تعليم غربي، وقد شعرت أنّنى أنتمى لكلا العالمين دون أن أنتمى إلى أيّ منهما انتماء كاملا»، كما قال: «إنّنى قد عبرت الخطّ الفاصل بين الشرق والغرب، وولجت إلى حياة الغرب، إلا أنّنى احتفظت بصلة عضوية مع مكان نشأتي، وكانت هذه عملية عبور أكثر منها عملية إبقاء على الحواجز»، وربما كانت هاتين العبارتين وغيرهما الكثير ما جعل إدوارد مهتما أيما اهتمام بقضية فلسطين والتوطين فيها، فشارك طول حياته فى الجهد المبذول من أجل إقامة الدولة الفلسطينية، وكان عضوا مستقلا فى المجلس الوطنى الفلسطينى طول الفترة الممتدة ما بين 1977م إلى 1991م، ومن أوائل المؤيدين لحل الدولتين معا، وقد صوت سنة 1988م فى الجزائر لصالح إقامة دولة فلسطين ضمن المجلس الوطنى الفلسطيني، واستقال فى سنة 1991م من هذا المجلس؛ احتجاجا على توقيع اتفاقية أوسلو، وقد شعر بأن بنود وشروط الاتفاق غير مقبولة، وهو ما رُفض من قبل فى مؤتمر مدريد 1991م، وقد رأى أن اتفاقية أوسلو لن تقود إلى إقامة دولة فلسطينية حقيقية، لاسيما أن مثل هذ الخطة رُفضت سنة 1970م من قبل ياسر عرفات عندما عرضها إدوارد سعيد بنفسه على عرفات نيابةً عن حكومة الولاياتالمتحدةالأمريكية، وقد علق على الاتفاقية بأن ياسر عرفات قد فرّط فى حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى أراضى ال 48 وتجاهل تنامى الاستيطان، وقد بلغت العلاقة بين إدوارد سعيد والسلطة الفلسطينية ذروة التوتر سنة 1995م عندما منعت السلطة الفلسطينية بيع كتب إدوارد سعيد فى أراضيها. هذا الارتباط الوثيق بقضية وطنه، وحنينه إليه أوقعه فى مأزق اتهامه بمعاداة السامية والعدوان على الإسرائيليين فى عام 2000م، فقد التقطت فى الثالث من يوليو سنة 2000م صورة لإدوارد سعيد مع ابنه وهو يرمى حجرا عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية باتجاه إسرائيل، وما لبث أن بدأ النقد يُوجه له بصفته «متعاطفا مع الإرهاب»، وقد علق على هذا الأمر بأن وصفه ب «رمزية الفرح» لانتهاء الاحتلال الإسرائيلى للبنان، وأضاف: «لم يكن هناك أحد، وأقرب مخفر كان على بُعد نصف ميل»، ورغم ادعائه بأنه لم يستهدف أحدا بحجارته، إلا أنه وفقا لشهود عيان لجريدة السفير فإنه كان بعيدا حوالى تسعة أمتار عن جنود إسرائيليين موجودين على برج مراقبة، وأن الحجر الذى ألقاه سعيد قد ارتطم بالأسلاك الشائكة المحيطة بهذا البرج، وقد أدت هذه الصورة إلى انتقادات واسعة ضمن هيئة التدريس فى جامعة كولومبيا وبعض الطلاب، ورابطة مكافحة التشهير؛ الأمر الذى دعا رئيس الجامعة لإصدار بيان من خمس صفحات للدفاع عنه مُعتبرا أن ما قام به هو نوع من أنواع حرية التعبير وقال فى دفاعه عنه: «على حد علمى ان الحجر لم يكن موجها لأحد، ولم يتم بهذا الفعل كسر أى قانون، ولم يتم توجيه أى اتهام ضده، ولم تتخذ أى دعوى جنائية أو مدنية بحق سعيد»، لكن كان لهذا الأمر العديد من التداعيات عليه، ففى فبراير 2001م أُلغيت محاضرة كان من المقرر أن يلقيها فى جمعية «فرويد» فى فينا، وقد علق رئيس الجمعية على ذلك بتعبيره أن الوضع السياسى فى الشرق الأوسط أصبح أكثر تعقيدا وأدى إلى زيادة معاداة السامية؛ لذلك قررت الجمعية إلغاء المحاضر تجنبا للصراعات الداخلية.