تلقت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، باستنكار شديد وقلق عميق، ما عمدت إليه السلطات المغربية، مؤخرا، من ممارسات تعسفية وممنهجة في حق مخيماتها الحقوقية؛ وهي المخيمات التي كان مقررا تنظيمها خلال هذا الشهر (غشت9 في مدن آزرو ووجدة وسلا، تحت شعار: "جميعا من أجل نشر ثقافة حقوقية، خدمة لأجيال المستقبل". ويأتي ذلك في إطار المخيمات الحقوقية التي دأبت الجمعية على تنظيمها لفائدة اليافعين والشباب كل سنة، في إطار الجامعة الوطنية للتخييم وشراكتها المبرمة مع وزارتي الشباب والرياضة والتربية الوطنية والتكوين المهني، إيمانا منها بأهمية المخيمات في إشاعة ثقافة حقوق الإنسان والتربية عليها. وهكذا، فبعد إجراء كل الترتيبات اللازمة لتنظيم المخيمات الحقوقية بتنسيق مع المصالح النيابية لوزارتي الشبيبة والرياضة والتربية الوطنية والتكوين المهني، وبعد توصلها بتراخيص القبول من طرفها، تفاجأت الجمعية، في اللحظات الأخيرة، بتراجع المصالح السابقة الذكر عن الترخيص لها بتنظيم تلك المخيمات لدواع "مُختلقة ومفتعلة"؛ من قبيل إجراء اصلاحات بالمؤسسات التي يُعزَم إجراء المخيمات بها، وذلك ضد الضوابط والقوانين المنظمة لعملية التخييم، التي ينظمها مقرر وزير الشبيبة والرياضة، رقم: 14 / 015، بتاريخ 21 فبراير 2014، بشأن البرنامج الوطني للتخييم ومجالاته؛ ومقرر وزير التربية الوطنية، رقم: 13 / 207، بتاريخ 22 أبريل 2013، بشأن تحديد شروط وكيفيات استفادة الجمعيات من فضاءات مؤسسات التعليم أو التكوين العمومي بغرض التخييم. واعتبر المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان هذا المنع "انزياحا خطيرا في منحى تعاطي السلطات المغربية مع الجمعية، وحلقة أخرى تنضاف إلى مسلسل التضييق على بعض مكونات الحركة الحقوقية عامة والجمعية خاصة، وتأكيدا للطابع الاستبدادي والسلطوي للدولة، القائم على ازدراء القانون والتعسف على الحقوق". هذا، وقد أخبر المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان في بلاغ سابق أن المخيمات الحقوقية الوطنية في دورتها 12 ستعرف بعض التغييرات في الجدولة وفي مراكز التخييم؛ بسبب قرارات إلغاء رخص التخييم بالمؤسسات التعليمية السابقة لأسباب غير معقولة. لكن الغريب في الأمر، على حد تعبير بعض أحد قياديي الجمعية، هو التعرض للمنع للمرة الثانية وبطريقة اعتبرها شباب الجمعية "مبهمة". وهو الشيء الذي أغاضهم ودفعهم إلى الوقوف أمام مركز التخييم بالثانوية الإعدادية العيونبسلا احتجاجا على منع مخيم الجمعية رغم ترخيص نيابة سلا. ويذهب قياديون من داخل الجمعية إلى أن قرار المنع هذا ما هو إلا حلقة من سلسلة الانتهاكات الخطيرة التي تتعرض لها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ومجموعة من الجمعيات الحقوقية "واضحة المنهج" بعد تصريحات وزير الداخلية (محمد حصاد) التي شكك من خلالها في عمل ومصداقية مجموعة من الهيئات، على أساس أنها تتلقى تمويلا من الخارج وتخدم أجندة أجنبية. وفي خطوة لاحقة لهذه الهجمة نظم المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان ندوة صحفية يرصد من خلالها ميزانية الجمعية ومختلف مصادر تمويلها، كما دعا كافة الهيئات الحقوقية إلى نشر تقاريرها المالية حتى تفنِّد اتهامات حصاد. وفي هذا الصدد شكلت أزيد من 20 هيئة حقوقية ائتلافا للرد على تصريحات الوزير محاولةً التأكيد أنها لا تقوم بأقل من دورها في رصد الخروقات التي تطال الحقوق والحريات في بلد ينشد الديموقراطية ويهدف إلى القطع مع مختلف السلوكات التي من شأنها أن تعرقل عجلة التطور. يُذكر أن أحمد الهايج رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان قد استنكر المضايقات التي تتعرض لها الجمعية واصفا إياها ب"المنتهكة للقوانين"، كما أكد على أن "الجمعية ستلجأ إلى كافة الأساليب المتاحة لها إن على المستوى المحلي أو الدولي للدفاع عن حقها في العمل المنظم والمشروع، وأنها ستظل رافضة الخضوع لمثل هذه الضغوطات مهما كانت مصادرها".