تتيح وسائل التواصل الحديثة، وخاصة في الشبكات الاجتماعية، إمكانات هائلة للتعبير عن الرأي والمشاركة في النقاشات الدائرة حول مختلف القضايا، ونقل الصور والفيديوهات والمواقف، بالإضافة إلى التعبير عن المشاعر المتناقضة. غير أن السلبيات التي راكمتها التجربة الملموسة في استغلال هذه الوسائط، تتمثل في التسرع في إصدار الأحكام والإنسياق وراء الحملات المنظمة والتعامل باستخفاف مع قضايا معقدة وشائكة، وغيرها من مظاهر التعبيرات الانطباعية، بل والعاطفية أحياناً. من بين أكبر السلبيات التي أنتجتها هذه التجربة، اللجوء إلى مقارنات غير منطقية، وخارج السياق الواقعي والتاريخي، مثل البحث عن أوجه التشابه بين نزاع الصحراء المغربية واحتجاجات الحسيمة، أو بين الأحداث الإجرامية لاكديم إيزيك، في العيون، وثورات ما سمي بالربيع العربي، وغيرها من أشكال المقارنة، بين شخصيات وأحزاب مغربية وأخرى غربية أو بين مواقف متباينة في الزمان والمكان والظروف… لقد لاحظنا مثلا، كيف لجأ ممثل البوليزاريو في فرنسا، المدعو أبِّي بشرايا البشير، إلى اللجوء إلى نفس هذا المنطق، ليقارن بين ما يعتبره «قضية صحراوية» وأحداث الحسيمة، وقد لجأ البعض أيضاً إلى نفس هذه المقارنات التعسفية، مثلما حصل خلال ما سمي بالربيع العربي، إذ حاولت الدعاية المساندة للانفصاليين، اعتبار أحداث أكديم إيزيك، مقدمة لما يدعى «الحراك» العربي. لدحض مثل هذه المقارنات، يكفي أن نقول إن احتجاجات الحسيمة، حركة اجتماعية سلمية داخل المغرب، لا علاقة لها بأي مطلب انفصالي، بينما قضية الصحراء، هي حركة خارجية، لا علاقة لها، بالداخل، ولولا الدعم الجزائري، لماتت في مهدها، أما أنصارها القلائل في الأقاليم الصحراوية، فهم يمثلون أقلية. حداث أكديم يزيك، ليست ثورة ولا حراكاً، بل هي عبارة عن أحداث شغب، حصلت بعد تفكيك مخيم، مورس فيه القتل والتنكيل بالجثث وإضرام النار في الممتلكات والتخريب، وقد اعتقل الفاعلون، وهم معزولون عن أغلبية سكان الصحراء. ما نودّ قوله، هو أن المبالغة في استعمال أساليب الدعاية و»الريكلام»، في وسائل الإعلام، وخاصة في الشبكات الاجتماعية، يقود إلى ارتكاب أخطاء فادحة، على حساب المضمون، أي على حساب التشخيص الجدي للظواهر والمشاكل،وعلى حساب إدراك تعقيدات الواقع، وعلى حساب السياقات التاريخية والظروف الموضوعية، لكل حادث.